مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
شباط 2012 العدد-41
أي مخاطر بيئية للتنقيب عن النفط والغاز في مياهنا الإقليمية... وأي إدارة للسلامة؟ كميات ضخمة من المياه العادمة الإسرائيلية تتدفق إلى البحر الميت من مناطق القدس والسفوح الجبلية المحيطة به المنصات الإسرائيلية للتنقيب عن النفط تؤذي التركيب الطبيعي للأحياء البحرية في البحر المتوسط شذرات بيئية وتنموية مليون ونصف المليون لغم في فلسطين التاريخية ونحو مائتي ألف دونم ملوثة بالألغام غزو زراعي إسرائيلي للأردن وضرب الإنتاج الوطني: إغراق الأسواق الأردنية بالبطاطا الإسرائيلية الاتحاد للطيران تُسيّر الرحلة الأولى لاحدى طائراتها باستخدام الوقود الحيوي "براعم" خضراء تُلوّن مدينة المهد! مُعلمون يشقون مسارات خضراء في جبال نابلس التدوير المنزلي أشرف الدرابيع يُعيد عقارب بيرزيت إلى الوراء! مكانة البصل عند الشعوب والأمم البيئة في فكر محمد عابد الجابري الكبار("السوف") قراءة في كتاب: مصادر الطاقة المستقبلية بيت جبرين

: منبر البيئة والتنمية

فـي ظـل التجـارب العالميـة البعيـدة والقريبـة المحفوفـة بالكـوارث
أي مخاطر بيئية للتنقيب عن النفط والغاز في مياهنا الإقليمية... وأي إدارة للسلامة؟

حبيب معلوف / لبنان

تحمس كثيرون في لبنان لفكرة التنقيب عن النفط والغاز في المياه الاقليمية اللبنانية. وبدأت الجهات المعنية لإعداد العدة لتحضير الأطر القانونية للتلزيم والتنقيب وتحديد الحدود... في وقت بدأ البعض بالحديث عن كيفية الاستخراج والبيع واطفاء الديون...الخ، الا ان احدا من المسؤولين لم يطرح المخاطـــر على المســـتويات كافة، ولا القيــام بمراجعة لتجارب دول نامية وضعيفة وغير مستقرة مثل لبنان واثر هـــذه المــوارد على الامن القـــومي والاقتــصاد الوطــني والبيئة .
تؤكد الدراسات الاولية ان ما يبحث عنه من نفط وغاز هو على على اعماق بعيدة في البحر (اكثر من 1500 قدم) وبعيدا عن الشاطئ، مما يعني صعوية كبيرة في الوصول الى المبتغى، ومخاطرة كبيرة في التنقيب والحفر والاستخراج من التسبب بتلويث المتوسط، شبه المغلق أصلا، مما يجعل معدل تجدد مياهه محدوداً، لذا فهو بشكل أساسي عرضة للتلوث. بالاضافة الى الضغوطات المتأتية من عمليات النشاط الانساني المكثفة، مثل عمليات تقويض الموائل البيئية وتدهور البيئة والاستغلال المفرط للمصادر الطبيعية والتلوث واجتياح البيئات الطبيعية من قبل أنواع من الكائنات الغريبة والتغير المناخي... مما يجعله بحرا هشا تؤثر فيه أية أحداث تسرب، مهما كانت صغيرة بالمقارنة مع المحيطات الكبيرة. فهل اخذ المعنيون بالاعتبار المخاطر وتجارب الدول؟ هل تم مراجعة آخر واخطر تجربة وحادثة حصلت قبل العام الماضي في خليج المكسيك، والمراجعة التي قامت بها اكبر دولة في العالم لناحية الإمكانات كالولايات المتحدة الاميركية وتقييم الحادث ان من ناحية الدولة او الشركة؟
بغض النظر عن رفض البيئيين المتابعين لفكرة التنقيب اصلا التي تهدد المتوسط (راجع مقالنا "لماذا التنقيب عن موارد ملعونة؟" في "السفير" 25/6/2010)، يلفت الدكتور فادي حمدان (مدير مركز ادارة مخاطر الكوارث) الى ضرورة إجراء مسح شامل لمكونات دورة حياة مياهنا البحرية و"المباشرة بأسرع وقت ممكن بقياس وتدوين الملوثات الموجودة في مياهنا الإقليمية وتأثيرها على الحياة البحرية من نبات وحيوانات بهدف تكوين فكرة واضحة عن سلامة الوضع البيئي قبل المباشرة بأعمال التنقيب واستخراج المشتقات النفطية"، معتبرا ان هذا المسح "سيمكن السلطات اللبنانية من محاسبة شركات النفط وإرغامها على معالجة أي تلوث مستقبلي عبر إبراز القرائن الضرورية؛ كما سيمكن السلطات اللبنانية من محاسبة ومقاضاة اي شركات أخرى تعمل في الجانب الإسرائيلي والتي هي أيضا قد تكون مسؤولة عن تلوث البيئة البحرية". محذرا بأنه "لن يكون باستطاعة السلطات القيام بهذا الأمر ان لم توثق كخطوة أولى الحالة البيئية كما هي اليوم. كما يجب ان تراعي عملية التوثيق هذه احدث المعايير الدولية لكي تصمد أمام المحاكم الدولية إذا اقتضى الأمر لاحقا".  فماذا فعلنا من كل ذلك حتى الان؟ وما هي المخاطر وتجارب الدول في هذا المجال؟

كارثة خليج المكسيك نموذجا
مع تقدم ما يسمى بالحضارة وأفكار التنمية (الغربية) في العالم وزيادة الطلب على الطاقة ولاسيما الأرخص منها، ومع تسارع الوقود الاحفوري في النضوب، تحولت صناعات النفط باتجاه التنقيب عن النفط بحفر آبار في قاع البحار وعلى أعماق بعيدة، مما يعرض البيئة البحرية الى الخطر. ومن المعلوم ان عمليات التنقيب والحفر في قاع البحار وبعيدا عن الشاطئ، تحتاج الى تقنيات عالية جدا والى نظم أمان غاية في الدقة قد لا تتوفر عند كبريات الشركات العالمية ولا تضبطها الأنظمة الرقابية والقوانين لأكبر الدول كما أثبتت كارثة التسرب النفطية التي حصلت في خليج المكسيك مؤخرا، مع شركة كبرى (بريطانية) وفي اكبر دولة في العالم كالولايات المتحدة الأميركية، التي لم تستطع السيطرة على التسرب في فترة 87 يوما منذ بدء التسرب بعد انفجار منصة "ديبووتر هورايزن" البحرية في 20 نيسان2010 على بعد 80 كلم قبالة شواطئ لويزيانا، مما ادى الى مقتل 11 من العاملين عليها، وتلوث ضخم. وأشارت التقديرات إلى ان 206 ملايين غالون (البعض قدرها بـ800 مليون طن) على الأقل تسربت الى مياه خليج المكسيك، بمعدل ما بين 12 و19 ألف برميل يوميا في مياه الخليج. وتسبب ذلك بتلوث اميال من الخلجان والشواطئ، واغلقت ثلث مياه الخليج الغنية امام الصيد، التكلفة الاقتصادية عشرات مليارات الدولارات .

ضعف الإجراءات الحكومية الدولية
كشفت الكارثة كذلك قلة استعداد قطاع النفط وضعف ثقافة السلامة وقصر نظر الحكومة الخطير. وخلصت لجنة رئاسية اوكلت اليها مهمة التحقيق في التسرب النفطي إلى "ان هذه الكارثة كانت نتيجة حتمية لسنوات من تهاون القطاع والحكومة وعدم الاهتمام بالسلامة". وأضافت في توصيات نشرتها في بداية العام 2011، "ان عمليات الحفر تجري تحت أعماق اكبر وفي مياه أكثر خطورة لوجود النفط الأميركي فيها، وبالتالي فإن إجراء إصلاحات منهجية للحكومة والقطاع هي الكفيلة بمنع حدوث كارثة مماثلة" .   واصدر الرئيس الاميركي باراك اوباما أمرا بمنع عمليات الحفر في المياه العميقة بعد خمسة اسابيع من بدء الكارثة بعد ان فشلت جهود الشركة البريطانية (بي بي) في احتواء التسرب الذي كان يحدث على عمق 1.5 كلم تحت سطح المياه. ونتيجة الحادثة ايضا، "اعادت وزارة الشؤون الداخلية هيكلة عملياتها حيث قامت بفصل قسم السلامة وتطبيق القواعد البيئية عن قسم منح التصاريح وتوليد العائدات، الا انها لا تزال تفتقر إلى الخبرة والتمويل اللازمين للاشراف المناسب على قطاع النفط البحري المعقد"، كما تقول التقارير الرسمية .   كما تم رفع الحظر على عمليات الحفر البحري لحين تم وضع قوانين جديدة للسلامة .

مقاربات واعترافات الشركة
وأشارت عملاقة النفط البريطانية (بي بي) في التقرير المكون من 193 صفحة الذي نشرته على موقعها على الإنترنت، أن القرارات التي أخذت من عدة جهات وعدة شركات مختلفة ساعدت على وقوع الحادث. وحدد رئيس الأمن الصناعي لـ«بي بي»، مارك بلي، في التقرير، 8 أسباب رئيسية أدت إلى الانفجار كان منها اختبار الأمان الذي شاركت فيه كل من "بي بي" و"ترانس أوشن"، وفهم بشكل خاطئ. وأشار أن عمال "ترانس أوشن" فشلوا لمدة 40 دقيقة في التعامل مع المرتجعات الكربونية في البئر التي أدت إلى الانفجار. بينما انتقدت أيضا "بي بي" مانع الانفجار والإسمنت الذي وضع حول البئر، وهو العمل الذي قامت به شركة "هاليبرتون" الأميركية .   وقالت "بي بي" إن إجمالي التكلفة التي تكبدتها "بي بي" إلى الآن وصلت إلى ما يقارب 8 مليارات دولار، بالإضافة إلى 399 مليونا في هيئة تعويضات لأشخاص. معلنة "أن كارثة التسرب النفطي في خليج المكسيك كلّفتها ستة مليارات و100 مليون دولار، أي ما يعادل ثلاثة مليارات و800 مليون جنيه إسترليني، منذ انفجار المنصة النفطية". وقالت (بي بي) في بيان "إن الكلفة الإجمالية تشمل نفقات التصدي للتسرب واحتوائه، وحفر آبار بديلة، وسد البئر المعطوبة، والتعويضات التي دفعتها للمتضررين من التسرب النفطي، والمنح المالية التي قدمتها إلى دول الخليج المتضررة".
وأضافت انها وافقت في حزيران 2010 على اعتماد حزمة من التدابير، بما في ذلك إنشاء صندوق بقيمة 20 مليار دولار لتلبية بعض الالتزامات الناشئة عن تسرب النفط والغاز في خليج المكسيك ودفع تعويضات مقدارها 319 مليون دولار لبعض المتضررين من كارثة التسرب النفطي، وستستمر في دفع تعويضات للمتضررين من الأفراد والشركات .   وأشارت (بي بي) إلى أن ما يقرب من 38800 شخص وأكثر من 5050 سفينة وعشرات الطائرات شاركوا في جهود عمليات مكافحة التسرب النفطي في خليج المكسيك، وتم بموجبها حتى الخامس عشر من تموز 2010 استعادة ما يقرب من 826 ألف برميل من السائل النفطي، وإجراء ما مجموعه 411 حريقاً متحكماً فيها، وإزالة نحو 261904 براميل من النفط من سطح البحر .

أثر الكارثة على الحياة البحرية
حذر خبراء بيولوجيون في أحد المعاهد الأمريكية من تبعات كارثة النفط التي تسببتها شركة بي بي البريطانية في خليج المكسيك، اذ ان عواقبها لم تنته بعد وقد تكون كارثية على الثروة الحيوانية في المحيط. ويقول البيوليوجي ايريك هوفماير من مختبر ابحاث علوم الحيوانات البحرية في جامعة جنوب المسيسيبي "ان الاطنان التي تسربت من منصة استخراج النفط في خليج المكسيك ووصلت إلى جنوب دلتا المسيسيبي قد لوثت مساحات شاسعة تعيش فيها حيتان المهمة، وهي الحيوانات البحرية الاكبر في العالم، ومن الممكن في ان يكون النفط المتسرب قد قتل العديد منها. وحسب التقديرات غير الرسمية تسرب إلى مياه جنوب المسيسيبي حوالي خمسة ملايين طن من النفط، من اصل 800 مليون طن وهي الكمية التقديرية التي تسربت من منصة استخراج النفط، والتقطت اشارات من حيتان الهامة من هناك تؤكد على مواجهتها لمشاكل من اجل البقاء على قيد الحياة، لتضاف معاناتها إلى المشاكل التي واجهتها في السنوات الأخيرة بسبب التلوث .

تاريخ الخسائر في قطاعي النفط والغاز
ما يجمع بين انواع المنشآت هو وجود كميات كبيرة من النفط والغاز، سواء مخزنة في منشآت النفط او مارة عبر أنابيبها. كما يوجد مصادر عديدة ممكن ان تشكل مصدر اشتعال لهذه المواد .   عندما يصبح الحقل في مياه أعمق، تصبح عملية التنقيب والاستخراج اشد تعقيداً مما يتطلب وجود كثافة أكبر في المعدات، مما يرفع من احتمال وقوع حوادث، كما يشرح حمدان. هذا الوضع قد ينطبق على الحالة اللبنانية اذا صحت التقديرات التي تقول ان آبار الغاز في لبنان موجودة على اعماق تصل الى ١٥٠٠ متر. لهذا السبب يجب ادارة المخاطر على هذه المنشآت بشكل سليم لتفادي امكانية حصول خسائر كبيرة في الارواح والبيئة والممتلكات. لإلقاء الضوء على حجم الخسائر الممكن في حال حصول حوادث صناعية (من حرائق وانفجارات) على هذه المنشآت لعله من المفيد مراجعة الخسائر الناجمة عن بعض الحوادث السابقة في قطاع النفط والغاز (المنشآت التي على اليابسة وتلك في البحار) .

  • ١٦ أذار ١٩٧٨، غرقت ناقلة النفط قاديز (Cadiz) التابعة لشركة أموكو بالقرب من ساحل شمال-غرب فرنسا، مما أدى الى تسرب ١٫٦٣٥٫٠٠٠ برميل نفط. ما زالت هذه الحادثة تعتبر أكبر حادثة تلوث من ناقلة نفط في التاريخ .
  • ١٩ تشرين الثاني١٩٨٤، حصل انفجار في سان خوانيكو- المكسيك، في مجمع لتخزين الغاز السائل وادى الى مقتل المئات وجرح الآلاف .
  •   ٦ تموز ١٩٨٨، حصل انفجار ولحقه حريق في بحر الشمال في المملكة المتحدة، في منشأة بايبر ألفا (Piper Alpha)  في بحر الشمال وادى الى مقتل ١٦٧عامل على المنشأة. الخسائر التي تم استردادها من شركات التامين تقدر بـ ٣٫٤ مليارات دولار .
  • ٢٤ آذار ١٩٨٩، حصل تسرب نفطي في الولايات المتحدة من الناقلة اكسون فالديز (Exxon Valdez) المتجهة نحو شواطئ كاليفورنيا، مما أدى الى تسرب ٢٥٠٫٠٠٠ برميل من النفط. تعتبر هذه الحادثة من أسوأ الكوارث البيئية في التاريخ اذ ادت الى تلوث المحيط ومقتل مئات الآلاف من الطيور والحيوانات البحرية وإتلاف المليارات من بيض السمك، وما زالت آثارها ملموسة حتى اليوم .
  •   ٢٣ أذار ٢٠٠٥، حصل انفجار في ثالث أكبر محطة تكرير في تكساس في الولايات المتحدة وادى الى إصابة ١٠٠ شخص ومقتل ١٥ شخص .
  • ٢٠ نيسان ٢٠١٠، حصل تسرب من منشأة نفط في خليج المكسيك في الولايات المتحدة (DeepWater Horizon) أدى إلى وفاة ١١عامل بسبب الانفجار والحريق الذي تلاه. كما تسببت بما يعتبر بأكبر حادثة تسرب نفط في تاريخ الولايات المتحدة.

في العديد من الأحيان، وخاصة في الحوادث التي حصلت في العقدين الأخيرين، يمكن ايعاز سبب الحادث، بحسب حمدان، الى عدم الالتزام الحرفي في إجراءات السلامة العامة والسلامة الإنشائية سواء بسبب عدم خبرة من قبل فريق التصميم والتشغيل او بسبب ضغوط اقتصادية أدت الى اعتماد طرق اقل أماناً من اجل زيادة الأرباح او الاثنين معاً .

آليات إدارة المخاطر
يرى حمدان ان الادارة السليمة للمخاطر على منشآت النفط والغاز يتطلب المقومات الرئيسية التالية :   مراجعة القوانين الدولية ولبننتها واعتماد منهجية موحدة لادارة المخاطر تحدد: مستوى الخطر المقبول، والأدوات المتوفرة لإدارة المخاطر (الوقاية، تخفيف وتيرة حصول الحوادث، تخفيف انعكاسات الحـــوادث في حال حصولها، خطط الاستجـــابة والبحــث والانقاذ في حال وقوع حوادث)، وآليات المقارنة بين تكلفة أدوات تخفيف المخاطر وثمن (فوائد) تخفيفها .   إنشاء نظام إداري يفرض على شركات النفط تقديم تقارير سنوية حول حالة السلامة العامة والسلامة الإنشائية في المنشآت / كما يطلب من المنشآت تحديث هذه التقارير في حال حدوث تعد في النشاطات (التنقيب في أماكن أعمق) او الظروف (ظهور معلومات تشير الى بيئة بحرية أقسى مما تم اعتماده في التصميم والتنفيذ. ) إنشاء وحدة في القطاع العام لمراقبة مستويات السلامة في المنشآت. وهذا يتطلب تدريب هذه الوحدة ووضع قوانين لها ووضع إجراءات لمراقبة السلامة العامة والسلامة الإنشائية في المنشآت) .

البعد البيئي
وتأكيدا على اهمية البعد البيئي، يؤكد حمدان على ضرورة المباشرة، بأسرع وقت ممكن، بقياس وتدوين الملوثات الموجودة في مياهنا الإقليمية وتأثيرها على الحياة البحرية من نبات وحيوانات بهدف تكوين فكرة واضحة عن سلامة الوضع البيئي قبل المباشرة بأعمال التنقيب واستخراج المشتقات النفطية وهذا سيمكن السلطات اللبنانية من محاسبة شركات النفط وإرغامها على معالجة أي تلوث مستقبلي عبر إبراز القرائن الضرورية؛ كما سيمكن السلطات اللبنانية من محاسبة ومقاضاة اي شركات أخرى تعمل في الجانب الإسرائيلي والتي هي أيضا قد تكون مسؤولة عن تلوث البيئة البحرية. ولن يكون باستطاعة السلطات القيام بهذا الأمر ان لم توثق كخطوة أولى الحالة البيئية كما هي اليوم. كما يجب ان تراعي عملية التوثيق هذه احدث المعايير الدولية لكي تصمد أمام المحاكم الدولية إذا اقتضى الأمر لاحقا .   كما يؤكد على ضرورة المباشرة بالبحث باعتماد النظام الأنسب لإدارة المخاطر (أخذاً بعين الاعتبار خصوصيات الوضع اللبناني من قدرات وحاجات). اذ ان اعتماد هكذا نظام يتطلب بالدرجة الأولى إيجاد آليات لترشيد عملية المقايضة بين تكلفة تخفيف المخاطر وفائدة تخفيفها .
وبحسب حمدان فإن هذه العملية تحتاج إلى الخطوات التالية :  
*  تقييم الخطر على العاملين في المنشآت، على البيئة وعلى الممتلكات .  
*  تحديد الخيارات المتوفرة لتخفيف هذه المخاطر، بغض النظر عن تكلفتها (كخطوة أولى) وترتيبها بحسب آليات يتم التوافق عليها مسبقاً (بالمرتبة الأولى الخيارات المتوفرة لمنع اكبر عدد ممكن من السيناريوهات الكارثية من الحصول؛ ثم تخفيف وتيرة حصول السيناريوهات المتبقية وتخفيف حجمها أيضا في حال حصولها، ثم التخفيف من آثارها بعد حصولها، وأخيرا الخيارات المتوفرة للتعامل مع الكارثة بعد حصولها كالإسعاف والبحث والإنقاذ وإزالة التلوث) .
*  تحديد التكلفة المادية لكل خيار من هذه الخيارات وتقييم الفائدة المادية الناجمة عن تنفيذ كل خيار من هذه الخيارات- وهذا يتطلب وضع قيمة نقدية لإنقاذ حياة الإنسان ولتخفيف الإصابات وأيضا لمنع التلوث البيئي. ضمن هذا الإطار غالباً ما يعتمد مبلغ يتراوح بين مليون الى خمسة ملايين دولار كفائدة ناجمة عن إنقاذ حياة إنسان. لكن يصبح الأمر أكثر تعقيداً عندما يأتي الأمر الى قيمة تخفيف الخسائر البيئية وهذه ما يجب الاتفاق عليه مما سيتطلب المباشرة منذ الآن عبر مراجعة القوانين والآليات الدولية المعتمدة ولبننتها لتنسجم مع الواقع اللبناني. فعلى سبيل المثال عندما ننظر الى فائدة المادية الناجمة عن منع التلوث في بحر شبه منغلق كالبحر الابيض المتوسط من المتوقع ان تكون هذه الفائدة أكبر من تلك في محيط شاسع (اي بمعنى أخر لاننا نكون قد تفادينا ضرراً اكبر على البيئة البحرية من المتوقع ان يحصل بسبب طبيعة البحر الابيض المتوسط) .
* اخيراً اجراء مقارنة بين التكلفة المادية والفائدة المـــادية لكل خيار وتطبيق تلك الخيارات التي تعود بفائـــدة اكبر من تكلفتها، مع اعتماد اولويات تخفـــيف المخاطر المذكورة اعلاه .   ويؤكد حمدان في الختام "ان جميع هذه الامور تتطلب سنوات عدة اذا اخذنا بعين الاعتبار المدة المطلوبة لكي يتم دراسة كافة الاحتمالات لادارة المخاطر ومن ثم وضع قوانين للخيار الذي ترسو عليه الدولة ومن ثم تحديد الاختصاصات المطلوبة والنشاطات التي يجب القيام بها والتدريب على هذه النشاطات. لذلك لعله ليس من المبكر البدء بالبحث في جميع هذه الامور بانتظام وبروية .

 

التعليقات
الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
مجلة افاق البيئة و التنمية
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية

يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية