مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
تشرين ثاني 2011 العدد-40
 

تبنى معادلة ثلاثية الأبعاد قوامها الإبداع..الفن..العلم
ظافر الحلو: ماء الشمس المقطر روشتة علاج ناجحة تصرف مجاناً

الطباخ الشمسي الذي ابتكره ظافر

مصعب وسمر شاهين
خاص بآقاق البيئة والتنمية

للإبداع مذاق، وللفن حلاوة، وللعلم دروب. مجالات ثلاثة، يسعى المرء لإتقانها والفوز بها، لأنها الأدوات الأقوى للنجاح.. وللوصول إلى التميز، والاختلاف عن الآخرين في تفكيرهم، وتطوير أعمالهم، وصولا إلى الانجاز وتسجيل براءة الاختراع. معادلة وضعها المهندس ظافر الحلو نصب عينيه، فكان لا يخطو خطوة إلا بعد أن يتذوقها ويتحسس حلاوتها ويعرف الطريق السليم للوصول إليها، هكذا رسم طريقه فكان له ما يريد حينما تمكن من تسجيل براءة اختراعٍ لجهاز تحلية المياه بالطاقة الشمسية.
إنه يستحق لقب مبدع بيئي.. لأنه عمل ومنذ أن انهى دراسته الجامعية، على فكرة مشروع لإنشاء محطة تحلية للمياه، سيما مياه الشرب لتقي الجسد من الأمراض.

البداية من السعودية
في المملكة العربية السعودية تعلّم وحصل على الشهادة الجامعية الأولى والثانية، فكان البكالوريوس في مجال الزراعة، والماجستير في البيئة البحرية –الغواص البحري- .
يتابع الحلو حديثه بعد أن استقبلنا بترحاب كبيرٍ على بوابة منزله بمدينة غزة وانتقل بنا إلى سطح المنزل، ليسرد قصة جهاز تحلية المياه بالطاقة الشمسية فيقول: "إن اهتمامي بالبيئة نبع من قناعتي بأن البيئة السليمة تعني إنساناً معافىً من الأمراض(...) لذلك حرصت على أن أكون إنسانا يخدم بيئته على أسس علمية".
وللمياه المقطرة حلاوة لا يعرفها إلا من سعى من اجلها، يضيف الحلو:  "عملت على إعداد عددٍ من المشاريع التي تعتمد على الطاقة الشمسية، ولا شيء سواها ومنها مشروع تحلية المياه بالطاقة الشمسية، وقد عملت على تطويره في مراحل خمس وهو اليوم في صورته النهائية".
وعن فكرة المشروع يوضح المهندس الحلو انه عبارة عن وحدة تعمل بالتبخر للحصول على مياه عذبة خالية من البكتيريا وصالحة للشرب، ويتألف من مرآة تعمل على عكس أشعة الشمس على الحوض، الأمر الذي يعمل على إحداث عملية التبخر، ومن ثم تنساب المياه بشكل مائل إلى هذه النقطة، في إشارة منه إلى نهاية الحوض حيث مكان تجمع المياه العذبة، واصفا عملية تجمع المياه بـ"شريان الدم"، سيما وأن هناك الآلاف من مجاري المياه الصغيرة التي تنساب حتى تصل إلى نقطة تمركز المياه، يقول الحلو في شرح طريقة عمل الجهاز.

الوحدة التي طورها ظافر الحلو وتعمل بالتبخر للحصول على مياه عذبة خالية من البكتيريا وصالحة للشرب

ايجابيات !!
والجهاز يتميز بالكثير من الايجابيات التي دفعت المؤسسات ذات الاختصاص إلى منح صاحبه براءة الاختراع منذ أربعة أعوام مضت، بل وإلى تعميم التجربة في عدة تجمعات، ومن هذه الايجابيات، بحسب المهندس الحلو، انه يعمل كبديل للطاقة ولا يستهلك أي وقود تقليدي ولا يحتاج إلى صيانة، ويوفر الماء العذب على مدار الساعة.
ويستعرض الحلو آلية عمل الجهاز فيقول:  "هذا الجسم هو بمثابة وحدة متكاملة"، في إشارة منه إلى الجهاز الموجود على سطح المنزل وهو عبارة عن حوض كبير مغطى بزجاج سميك يعلوه من الجانب الرأسي مرآة لتعكس أشعة الشمس حول المياه، لتتم عمليتا التبخر والتكثيف– ويقول:  "إن كمية الماء تعتمد على عدد الوحدات، فمثلا تنفيذ هذا المشروع  في عمارة سكنية تتكون من شقتين، ومتوسط عدد أفرادها 14 فردا تصل قيمته إلى 1000 دولار، بحيث تستخدم الماء في الشرب والعجين والطبخ، إضافة إلى الاستحمام في فصل الصيف، لافتا إلى أن الجهاز الموجود على سطح منزله عمره الزمني ثلاثة أعوام ولم يصب بأي عطل أو ضرر، كما لم يتعرّض  أفراد العائلة لأي مرض، لا سيما الإصابة بالأملاح في الكلى أو تكوين الحصى.

تعميم التجربة
ولفت الحلو إلى انه يسعى لتطبيق المشروع في المستشفيات أو المدارس وكذلك المجمعات السكنية الكبيرة، موضحا انه إذا ما تم تنفيذ المشروع داخل مدرسة نظام الدراسة فيها على فترتين، فإن تكلفة المشروع تصل إلى 88 ألف دولار بواقع 85 وحدة، حيث تنتج الوحدة الواحدة ما بين 38-42 لترا. 
ولأهمية المشروع والمياه الناجمة عنه، يشير الحلو إلى تطبيق المشروع في عدة أماكن، مثل: مسجد البركة في دير البلح منذ العام 2001، إضافة إلى وجود جهاز ثان في خان يونس ومنذ ذلك التاريخ والجهاز يعمل بصورة متواصلة، ولم يحدث أن تعرض لأي إشكالية أو احتاج لصيانة تذكر.
وعن فصل الشتاء وإمكانية الحصول على الماء المقطر، فبين أن الجهاز يعمل على مدار الساعة سواء في فصل الصيف أو الشتاء ويقول:  "إن كمية الإنتاج في الليل تكون أكبر من النهار، سيما وأن عملية التكثيف تحتاج لسطح بارد وهو ما يتحقق ليلاً وفي فصل الشتاء على وجه الخصوص، لذا فإن تدفق كمية الماء يكون أكثر.
وعن نوعية المياه التي يتم استخدامها للتحلية، يقول الحلو:  "كل أنواع المياه تم تجربتها سواء مياه البحر أو الرمادية وغيرها، وقد تم إجراء فحوصات مخبرية وجميعها على حد سواء أعطت نفس النتيجة من حيث جودة الماء".
وعن المشاكل التي واجهته في بداية المشروع الذي عمل على تطبيقه في منزله، فيوضح أنه كان مشروعا بحثيا وتم تطويره لمشروع استهلاكي وسعى لأن يتم طرحه في السوق، لذا حرص على الجلوس والتشاور مع عدد من المستثمرين، إلا أنهم وبحسب الحلو، كانوا يريدون استثمار المشروع بهدف تحقيق الربح المادي بالدرجة الأولى، ما حدا بالحلو إلى السعي لتسويقه من خلال الجمعيات المانحة بهدف إقامته في الأماكن التي تضم تجمعات سكانية كبيرة وكذلك المناطق الفقيرة والمهمشة.
وفي تعقيبه قال المهندس ماجد حمادة الذي رافقنا في جولتنا لإعداد قصص نجاح حول أولئك المبدعين، أنه كلما زاد عدد المرايا كانت عملية التبخر أكثر وأسرع، وأن استخدام مرايا مقعرة بهدف تجميع أشعة الشمس بشكل بؤري أفضل من تلك المرايا العادية المستخدمة، وهو ما أيده المهندس الحلو والذي عزا عدم استخدام هذا النوع من المرايا إلى عدم توفرها في الأسواق الفلسطينية من ناحية، وكذلك الحصار الإسرائيلي الذي حال دون إدخال المستلزمات إلى القطاع من ناحية أخرى، إضافة إلى إقناع المؤسسات والمهتمين بنقل التجربة باستخدام بالبدائل المؤلفة من المواد المحلية التي تخدم أهداف المشروع.
ولأن هذه المشاريع تتطلب تقديم الدعم لانجازها في المناطق المهمشة أو المجتمعية، فإن المطلوب كما يبين الحلو تبني المشروع من قبل المانحين وتنفيذه على نطاق واسع، سيما وأن المواد الخام المحلية موجودة، وهو مشروع ناجح دون نسبة خطأ تذكر.

وحدة ظافر التي تعمل بالتبخر ولا تستهلك أي وقود تقليدي ولا تحتاج إلى صيانة وتوفر الماء العذب على مدار الساعة

انجازات أخرى
وعن استخدامات أخرى للطاقة الشمسية قال الحلو:  "عملت على إنشاء طباخ شمسي منذ ستة أعوام وفي فترات كثيرة كنت استغني عن الغاز بصورة كلية".
وأشار إلى انه عمل على تصميم نموذجين للطباخ احدهما لطهي الطبيخ واللحم والسمك وهو بحجم كبير حيث يتسع لعدة "حِلل" في آن واحد، وتصل درجة الحرارة فيه إلى أكثر من 120 درجة مئوية، إضافةً إلى طباخ آخر لخبز المعجنات و"البيتفور" وقد قدم هذا المشروع لمرفق البيئة العالمية وكذلك لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. ولفت إلى أن أي مواطن بإمكانه تنفيذ هذا المشروع في منزله للاستفادة منه، حيث عمل على التعريف بهذه الأجهزة ونشر فكرتها لكثير من الناس.
كما عمل الحلو على إعداد أجهزة لتجفيف الخضار الورقية على نظام الطاقة الشمسية مثل النعنع، الريحان، الميرمية والكثير من الأزهار العطرية إضافة إلى تجفيف البندورة، ويضاف إلى ذلك إعداد جهاز لتسخين المياه على الطاقة الشمسية.
وعن أفراد أسرته فأشار إلى أن أبناءه قد ورثوا عنه هذه الميول للابتكار العلمي، متمنياً أن يكملوا المسيرة من بعده، سيما وأن العالم يشهد صحوةً في استخدام الطاقة النظيفة.

التعليقات
الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
مجلة افاق البيئة و التنمية
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية

يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية