l إسرائيل تواصل استنزاف وتدمير بحيرة طبرية وحوض نهر الأردن
 
 
مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
تشرين ثاني 2011 العدد-40
 

إسرائيل تواصل استنزاف وتدمير بحيرة طبرية وحوض نهر الأردن
عمليات تجفيف لمقاطع من شواطئ بحيرة طبرية الجنوبية والشمالية

أعمال تجفيف مقاطع من بحيرة طبرية

ج. ك.
خاص بآفاق البيئة والتنمية

بدأت شركات إسرائيلية مؤخرا بتجفيف مقاطع من شواطئ بحيرة طبرية الجنوبية والشمالية التي تسيطر عليها تلك الشركات، وتقدر مساحتها بمئات الدونمات، بهدف إنشاء مرافق سياحية وفنادق، أو لأغراض أخرى تتعلق كما يبدو برفع سعر تلك المقاطع من الشاطئ لبيعها لاحقا.  وتجري عمليات التجفيف بموافقة جميع الجهات الإسرائيلية الرسمية المعنية، وبما يتلائم مع مخطط بلدية طبرية لبناء المدينة، منذ نحو عشرين عاماً.  وقد أصدرت بلدية طبرية تراخيص بناء في إطار أعمال التجفيف الجارية.  بل، وفي إطار ذات المشروع المدمر للبحيرة وللموارد المائية الفلسطينية، ستعمل البلدية على إنشاء متنزهات عامة في محيط مقاطع الشاطئ الجاري تجفيفها.
وقد وضعت صخور ضخمة داخل مياه البحيرة، بهدف إبعاد خط الشاطئ إلى عمق أكبر داخلها.
ويضاف هذا التخريب الإسرائيلي لبحيرة طبرية إلى استنزاف إسرائيل وتدميرها، خلال العقود الأخيرة، لحوض نهر الأردن الذي يشمل، بالإضافة إلى النهر، بحيرة طبرية والبحر الميت.  إذ من المعروف أن الأخيرة حجبت جريان المياه العذبة نحو النهر؛ وعملت، منذ الستينيات، ولا تزال، على تحويل أكثر من نصف كميات الجريان المائي إلى وجهات أخرى.  ويعد الجزء الجنوبي من نهر الأردن أحد أكثر المسطحات المائية تلوثا في فلسطين؛ إذ إن إسرائيل حولته إلى نهر فقير بالمياه مشوه المعالم ومرتع للنفايات السائلة الإسرائيلية.  كما أنها جففت منابعه وروافده التقليدية التي دأبت على سرقتها وتحويلها إلى صحراء النقب، لأغراض استيطانية.  والجريان المائي البارز الذي يمكن ملاحظته في الجزء الجنوبي من النهر هو تدفق المياه العادمة.

2% من المياه الطبيعية الأصلية فقط تصب في النهر
وحتى أواسط الستينيات، كان نحو مليار و300 مليون متر مكعب من المياه يصب سنويا على طول الجزء الجنوبي من النهر، في جريان سريع، علما بأن عرض النهر كان يتراوح بين 40-60 متراً.  أما اليوم، فلا يصب في ذلك الجزء من النهر سوى كميات هزيلة جدا من المياه، لا تتجاوز 20 – 40 مليون متر مكعب، بينما يتراوح عرض النهر بين نصف متر إلى ستة أمتار فقط!  أي أن كميات المياه التي كانت تجري تاريخيا في النهر انخفضت بنحو 98%.  وحاليا، لا تتجاوز المياه الطبيعية التي تصب في الجزء الجنوبي من النهر 2% من المياه التي كانت تصب فيه في الماضي. 
ولدى إنشائها ما يسمى "ناقل المياه القطري"، في عام 1964، أقامت إسرائيل سدا، في منطقة تبعد نحو كيلومتر واحد من موقع خروج النهر من بحيرة طبريا، وذلك لمنع تدفق مياه بحيرة طبرية في النهر.  كما أقامت العديد من السدود على طول النهر؛ مما منع تدفق المياه المغذية له، فضلا عن وقف جريان مياه الفيضانات إليه.   وفي المقابل، أصبحت التجمعات الاستيطانية اليهودية في طبرية وغور الأردن وبيسان من أكبر ملوثات الجزء الجنوبي من النهر، حيث تعمد هذه التجمعات إلى صب كميات هائلة من المياه العادمة المنزلية والصناعية غير المعالجة فيه، مما حول لون مياهه إلى الأخضر، وانتشرت الروائح الكريهة في مختلف أنحائه.  وتقدر وزارة البيئة الإسرائيلية كميات المياه العادمة التي تتدفق سنويا في الجزء الجنوبي من النهر بنحو 3 ملايين متر مكعب.
وأفاضت إسرائيل عليه كميات ضخمة من مياه المجاري؛ فحولته إلى مستنقع مائي خطر على الصحة العامة وملوث بالنيترات وبمستوى مرتفع من بكتيريا الكوليفورم (القولون)؛ مما يشكل دلالة على أن المياه ملوثة بنسبة عالية من المخلفات البشرية والجراثيم المسببة للأمراض، وذلك بعد أن كان النهر، عبر العصور، من أكثر أنهر العالم اختزانا للقيم التربوية والدينية والبيئية والسياحية. 
وبالرغم من ذلك، لا يزال الحجاج المسيحيون يغطسون في النهر وتحديدا في الموقع المسمى "قصر اليهود" المحاذي لأريحا.
وتتحمل إسرائيل المسؤولية الأساسية في تدمير جزء كبير من حياة النباتات والأحياء في النهر، وبالتالي دورها في عملية انقراض التنوع البيولوجي، علما بأن السبب الأساسي للتدمير الحاصل يكمن في حقيقة النهب الإسرائيلي الهائل، خلال العقود الأخيرة، لمياه بحيرة طبرية التي تعد أهم مغذّ للنهر.  الأمر الذي أدى إلى هبوط نحو 98% من كميات المياه العذبة المتدفقة في النهر.  وبدلا من ذلك، فإن معظم المياه التي تصب في النهر حاليا عبارة عن كميات ضخمة من المياه العادمة الإسرائيلية.  

الحل الجذري:  وقف إسرائيل لنهب موارد الحوض وتدميره
يكمن الحل الجذري لمشكلة تراجع حوض النهر وتدهوره، وبالتالي "جفافه"، في أن تتوقف إسرائيل عن حجبها لتدفق مياه بحيرة طبرية في نهر الأردن (نحو 650 مليون متر مكعب يتم نهبها سنويا من حوض نهر الأردن).  وهذا يعني توفير مئات ملايين الأمتار المكعبة سنويا من المياه المنهوبة مباشرة من النهر أو من الروافد المغذية له، وهذه الكمية أكبر مما يحتاجه النهر لحل ما يسمى خطر جفافه.
أي أن وقف تدهور حوض نهر الأردن، بما في ذلك بحيرة طبريا والبحر الميت، يكمن في إعادة الحياة إلى نظام الجريان الطبيعي لسلسلة بحيرة طبرية – نهر الأردن – البحر الميت، الأمر الذي سيساهم في إعادة أكبر قدر من التوازن البيئي الطبيعي الأصلي لحوض نهر الأردن، وبالتالي تقليص المخاطر وعدم اليقين.
ومن المفيد التذكير أن إسرائيل تعتبر مساحات شاسعة من النهر والأراضي المحيطة به منطقة عسكرية مغلقة، بل إن مناطق معينة منها لم تطأها قدم الإنسان الفلسطيني منذ أكثر من ستين عاما.  وبالرغم من هدوء الحدود الإسرائيلية الأردنية، منذ عشرات السنين، إلا أن حظر الدخول إلى مساحات كبيرة من محيط النهر لا يزال ساريا، بسبب انتشار الألغام الأرضية.

التعليقات

الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 

  مجلة افاق البيئة و التنمية
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية

يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية