مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
تشرين أول 2011 العدد-39
 

عقله صار معملا ميكانيكا..
"علي موسى"... الشاب الذي خّط نظرية توليد الكهرباء من موج البحر!!

جهاز توليد الكهرباء من موج البحر الذي ابتكره علي موسى حيث تم إنارة مصباح من الطاقة الكهربائية المتولدة

مصعب وسمر شاهين / غزة
خاص بآفاق البيئة والتنمية

جولة واحدة برفقته كفيلة بأن تغرق المرء في بحرٍ من الأفكار البحثية القائمة على استغلال الحركة، بالرغم من أن دراسته كانت في مجال الكمبيوتر، فإنه جعل من عقله معملاً ميكانيكا دائم التفكير والبحث، عله يجد الحل الأمثل لمشكلة الكهرباء التي باتت تؤرق مليون وسبعمائة ألف مواطن في القطاع، فكان له ما أراد، حينما خٌط نظرية توليد الكهرباء من موج البحر وقوامها قوة الدفع والجاذبية. إنه الشاب البيئي "علي حسن موسى" من مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، المشهور بعشقه للحركة منذ نعومة أظفاره، رغم انه سلك طريقاً آخر في العلم.

الحركة هوايتي!!
يقول موسى ابن 29 عام: "هواياتي كانت دائماً البحث عن ماهية الحركة والميكانيكا، ما حدا بي إلى تفكيك كثيرٍ من الأجهزة الكهربائية والالكترونية ثم إعادة تجميعها مرة ثانية، عدا العديد من التجارب التي كنت أنفذها في المنزل حتى بات معملا مصغرا لي".
ولأن حب الحركة ولد معه، فقد سعى جاهدا لأن يستفيد من ذلك في نظريته التي خطها في عقله وهى نظرية توليد الكهرباء من موج البحر. وقد تحدث موسى وهو يشير بيده إلى مجسم محطة الكهرباء الصغير، الذي يعمل على توليد الكهرباء عن طريق استغلال أمواج البحر.
وعنها يشرح: "عبارة عن مجموعة من القضبان الحديدية.  تقوم على "استغلال قوة رفع البحر" وهو ما يعرف بطاقة الوضع والجاذبية الأرضية باستغلال حركة دائرية مستمرة، حيث تساهم هذه العملية  في توليد الحركة التي تمدنا بالكهرباء، دون دفع قرش واحد".
ويضيف بأن حركة الموج المتواصلة دون توقف، تعمل على توليد طاقة كهربائية يتم تخزينها في مولد مرتبط بهذه المحطة.

علي موسى وهو في مرحلة تطوير جهاز لتوليد الكهرباء من طاقة الوضع والجاذبية الأرضية لأمواج البحر في خانيونس

ولأهل الاختصاص حديث..
ولتوضيح الفكرة بصورة علمية قال المهندس ماجد حمادة من مركز العمل التنموي / معاً:  "فكرة المشروع تعتمد على طاقة الرفع التي تعمل على رفع السفن والمراكب وغيرها من الأجسام التي ترفعها المياه،  إن هذه القوة تولد حركة، وعن طريق تروس معينة يتم تحويل هذه الطاقة إلى كهرباء".
وتابع شرحه مضيفاً بأنه كلما صغر الترس تُولّد المزيد من الحركات التي تولّد الكهرباء. مثال على ذلك ماتور السيارة الذي يحول الطاقة الكهربائية إلى حركية، في حين أن فكرة موسى هي العكس تماما".
ويشير إلى انه كلما تم تكبير الجسم العائم المرافق للمحطة، يتم الحصول على المزيد من الكهرباء، ويلفت إلى أن المشروع يتطلب الاستعانة بعدد من المهندسين الكهربائيين،  لأن ذلك من شأنه ان يزيد من كفاءة المشروع الصديق للبيئة بحسب حمادة.
وأكد على ضرورة استخدام مواد مقاومة للصدأ في إنشاء المحطة لأنه سيكون عرضة للماء والهواء والملوحة، لافتا إلى ان صيانة المشروع غير مكلفة البتة لأنها عبارة عن حركة تروس.

نجحت في ما أريد
ويتابع موسى حديثه وهو يمسك بمحطته الصغيرة التي تمكن من إثبات نجاحها من خلال إضاءة لمبة تم إيصالها بسلك بالمولد.
"ما إن تمكنت من إثبات نجاح تجربتي، حتى انطلقت إلى المحيط الخارجي معلناً حلاً جديداً يمكّن قطاع غزة من التعافي من حاجته الماسة للمازوت الخاص بتشغيل محطة توليد الكهرباء". قال موسى
ويقول متألماً:  "انطلقت إلى المؤسسات لاكتشف فيما بعد ان كافه الأبواب موصدة، بالرغم من ان الأبواب فعلياً مفتوحة على مصراعيها ولكن ليس لمن يحمل مشروعا ويرغب في إشراك المجتمع لتنفيذه (...) إن محطتي الأولى كانت البلدية، التي عملت على توجيهي إلى مسؤول في شركة الكهرباء".
ويوضح ان ذلك المسؤول كاد ان يقضي على حلمه ونظريته حينما نصحه بأنه مهما فعل فلا رياح أو ماء من شأنها ان تساهم في توليد الكهرباء، حيث أشار إلى محاولتهم تنفيذ مشروع من قبل بتكلفة 20 ألف دولار لكنه باء بالفشل، مؤكداً من وجهة نظره أن شراء الكهرباء من إسرائيل هو الحل الوحيد.
ويتابع حديثه بعد "آه" حملت في مضمونها الكثير من الألم:  "تشاورت مع العديد من المختصين والمهندسين علّني أصل معهم إلى رؤية متكاملة من اجل وضع إشارات أولى لتنفيذ المشروع".

علي موسى ينير مصابيح كهربائية من موج البحر

أبواب موصدة
ولم يقتصر ذلك على شركة الكهرباء أو البلدية التي لم تعطه اهتماما يذكرـ فإن أهله استخفوا أيضاً بالفكرة، ويضيف موسى والابتسامة تعلو محياه:  "المشكلة الأكبر أن مشروعي قوبل بنوع من الاستخفاف من قبل الأهل لا سيما والدي، والسؤال الذي كان يُطرح دوما: ماذا ستفعل بهذه الكومة من الحديد، التي باتت مثار اهتمامك وجزءاً من حياتك...، سؤال عرف والدي الإجابة عليه حينما أضأت "لمبة" في البحر من موجة.
ويشير موسى إلى ان وزارة الاقتصاد حرمته من الحصول على براءة اختراع بالرغم من أن مشروعه تنطبق عليه كافة الشروط اللازمة لمنح هذه البراءة، لافتا إلى ان الحجة التي كانت لديهم تمثلت في عدم وجود  مختصين في هذا المجال وهم غير مخولين للبت في هذا الشأن.
كما انه توجه إلى الجامعة الإسلامية بغزة، حيث أوصاه المسؤولون بالاحتفاظ بالمشروع إلى ان تستقر الأوضاع وتتوفر الإمكانات من اجل الشروع في ذلك، ويستذكر قول مسؤول البحث العلمي د.جمال الزبدة حينما قال له: "من حقك ان يكتب المشروع بإسمك فأنت صاحب الفكرة".
وينوه موسى إلى ان تكلفه مجسم  هذه المحطة الصغيرة بلغت 1500 شيكل اى ما يعادل 400 دولار، لافتا إلى انه عمل على إعداد مخطط على الكمبيوتر لمحطة تكفي لتوليد الكهرباء لمدينة خان يونس وبصورة متواصلة.

من طاقة الوضع والجاذبية الأرضية لأمواج البحر تمكن علي موسى من إنارة مصابيح كهربائية

وللحديث حلاوة
ويختتم حديثه:  "أنا على أتم الاستعداد للتفكير والعمل دون مقابل، أريد ان انجح وينجح شعبي في الاستغناء عن الاحتلال".
ويشير المهندس حمادة في تعقيبه على عدم تسويق الفكرة (المشروع)، بالرغم من إثبات نجاعتها، إلى أن موسى يعاني بصورة كبيرة من عدم مقدرته على تسويق المشروع إعلاميا، سيما وأن كل الأبواب باتت موصدة أمامه، والكل يحاول أن يثنيه عن المضي قدما في فكرته. 
ويوضح أن ذلك الشاب الذي يعمل اليوم على توزيع البوظة جنوب القطاع لديه طاقة كبيرة، وأن الشيء المطلوب هو أن يؤخذ بيده، لأن مشروعه غير مكلف ولا يحتاج إلى ميزانية ضخمة، والعائد منه كبير وسيخدم قطاع غزة بأكمله، دون اللجوء أو العوز للاحتلال.

التعليقات

 

الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
مجلة افاق البيئة و التنمية
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية

يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية