"المكملات الغذائية" غير المرخصة والمزورة تغزو الأسواق الفلسطينية
 |
ر.ج.
خاص بأفاق البيئة والتنمية
أخذت ظاهرة تداول المكملات الغذائية بالانتشار داخل الأسواق الفلسطينية وبخاصة في مراكز التجميل المختلفة، حيث يتم تناولها وتداولها بطرق مختلفة لتغطي جميع الجوانب الأساسية المتعلقة بسلامة وصحة الإنسان من زيادة أوتخفيف للوزن أوتلك المتعلقة بمعالجة الأمراض المعوية والجلدية، وانتهاء بمواد التجميل المختلفة الخاصة في العناية بالبشرة والشعر.
ولكن مع التزايد الملحوظ في تداول هذه المنتجات برزت مشكلة المستحضرات غير المرخصة، أي المنتجات التي تتبع شركة معينة غير مصرح لها دخول الضفة الغربية مثل شركتي "أمانا كير" و "زين الاتات" اللبنانيتين وشركة "هيرب لايف" وغيرها الكثير من تلك التي باتت تغزو السوق الفلسطينية بشكل مخيف.
ويتم بيع تلك المنتجات بكميات كبيرة وعلى نطاق واسع، حيث تدخل الأسواق عبر تهريبها من إسرائيل والأردن ولبنان، ويتم الآن تداولها في الأسواق بكميات ضخمة لدرجة أنها غطت معظم مراكز التجميل في الوطن.
بل تعدى الأمر إلى تزوير تلك المنتجات المتعلقة بالبشرة وزيادة الوزن أو تخفيفه، من خلال صناعات مختلفة صينية المنشأ تحمل نفس اسم المنتج أو نفس الماركة التجارية، حيث يستغل بعض التجار ضعاف النفوس عدم وجود ترخيص لتلك الشركات وعدم وجود قانون يحمي هذه الشركة أو تلك، في تزوير منتجاتها طمعا في المال والربح السريع على حساب صحة الإنسان.
ولكن يبقى التساؤل الذي دائما يطرح نفسه، أين دور وزارة الصحة المغيب في الرقابة على تلك المنتجات وخاصة المزور منها؟ كذلك ما دور وزارة الاقتصاد والضابطة الجمركية والتي بدورها تعلم بوجود تلك المنتجات في الأسواق الفلسطينية، لدرجة أن عدداً كبيراً من التجار بات يضع يافطة كبيرة على مفترقات الطرق، وحتى بجانب مقرات مديريات الصحة والاقتصاد الوطني لتسويق تلك المنتجات غير المرخصة والتي تباع بطريقة غير منظمة وغير حضارية؟ علماً بأنها أصلا غير مرخصة في دول الجوار ويحذر تداولها فيها، وللأسف فإن هناك قسماً لا بأس به من الأطباء والصيادلة يتداولون تلك المنتجات.
وقد كان الجواب على لسان أحد المسؤولين في وزارة الصحة الذي رفض ذكر اسمه، بأن مفتشي وزارة الصحة لا يمتلكون قرارات واضحة في مصادرتها ومنع التداول بها حتى تاريخ اليوم، وحتى اللحظة يوجد ضبابية في كيفية التعامل مع تلك المنتجات، فالمختبرات المركزية في وزارة الصحة غير مجهزة بإمكانيات لفحص تركيبة تلك المواد.
سلامة المواطن الفلسطيني لا تترجم على أرض الواقع
ونحن نسمع كثيرا على لسان كبار المسؤولين في وزارة الصحة تصريحات تدعو إلى سلامة المواطن وسلامته الغذائية ومراقبة الأسواق، ولكن على ضوء تلك المستجدات، ألا نواجه هنا استهتاراً بحياة المواطن، وبخاصة أن تلك المنتجات تحتوي بالأصل على هرمونات قد تضر بحياة الإنسان، ومن هذا المنطلق حظر بيعها في دول الجوار.
ففي الأمس القريب، قامت الضابطة الجمركية بالتنسيق مع وزارة الصحة بضبط كميات كبيرة من منتجات مقلدة لشركة "أمانا كير" اللبنانية خاصةً مستحضر "سفن سلم" الخاص بتخفيف الوزن في مدينة جنين، حيث أن المنتجات المضبوطة هي صينية مقلدة، ولكن إذا كانت نفس منتجات شركة "أمانا كير" و"زين الاتات" اللبنانيتين غير مرخصتين وغير مصرح ببيعهما، فلماذا لم يتم مصادرة منتجاتهما من الأسواق؟ مع الإشارة إلى أن تلك المنتجات ممنوعة أصلا في الدول المجاورة كونها تضر بالبشرة وحياة الإنسان، حيث أثبتت التجارب الطبية في الأردن والسعودية وسوريا ذلك، مع الإشارة هنا، إلى أنها غير مرخصة أيضا في أسواق السلطة الفلسطينية ولكن رغم ذلك لم تتم مصادرتها خلال تلك الحملة، رغم أن تلك المنتجات تصول وتجول أمام أنظار مفتشي الصحة والاقتصاد الوطني والضابطة الجمركية وتم الاكتفاء بمصادرة منتجات التقليد فقط.
ويبقى التساؤل الوحيد، ألم يحن الوقت لتشكيل مجلس الغذاء الفلسطيني الذي سوف يناط في صلاحياته مراقبة الأسواق الفلسطينية ووضع إستراتيجية لتداول المواد الغذائية والمكملات الغذائية إضافة للأغذية المعدلة وراثيا في الأسواق الفلسطينية؟ مع التركيز هنا على الجانب الإعلامي والتثقيفي حول مضار ومنافع تلك المنتجات التي من حق كل إنسان أن يكون ملماً بها.

تلك المنتجات بين المطرقة والسندان
وفي مقابلة مع احد المواطنين الذي فضل عدم ذكر اسمه ممن يتداولون تلك المنتجات للاستخدام المنزلي والعائلي، وذلك في سؤال حول الدافع وراء استخدام تلك المنتجات، وهل هو على علم بعدم قانونيتها؟ فكان الرد على لسانه: "أتداول منتجات "امانا كير" خاصة كبسولات التنحيف "سفن سلم" منذ وقت طويل ولمست تأثيرها الإيجابي على وزني والدافع الذي شجعني على استخدامها هو أصدقائي ومعارفي، حيث أنني لاحظت بأن تلك المنتجات تباع بكثرة في أسواقنا، ولو كان هناك مشكلة في تركيبة تلك المنتجات لتمت مصادرتها من قبل الجهات المختصة".

من جهته اكد المواطن عارف سلمان من سكان مدينة البيره أن هناك ضبابية وجهل واضح حول تلك المنتجات التي تجتاح اسواقنا الفلسطينية، فالمواطن العادي واقع ما بين مطرقة الترويج لتلك المنتجات من قبل التجار الذين يهمهم الربح في الدرجة الأولى، وما بين سندان الجهات المختصة التي لا تبذل جهداً كافياً في التوعية حول طبيعة تلك المنتجات سواء ايجابياتها أو سلبياتها على صحة الانسان، فهذا الحال دفع العديد من المواطنين الى التداول بها بحيث يكون الانترنت هو مرجعيتهم الأولى فيما يتعلق بـ "فوائدها أو أضرارها"، وذلك بسبب انعدام وجود أي نشرات تثقيفية رسمية فلسطينية حول طبيعة تلك المنتجات التي تباع في أسواقنا، وهذا جعل المواطن في حيرة من أمره ما بين مؤيد وما بين معارض لتلك المنتجات.
تجدر الاشارة الى أن ما ينطبق على المكملات الغذائية ينطبق على العديد من المنتجات الغذائية، فهناك أغذية معدلة وراثيا غير مرخصة تنتشر في اسواقنا والتي بغضّ النظر عن طبيعتها والجدوى منها سواءً بشكل ايجابي أو سلبي فقد باتت تجتاح الأسواق الفلسطينية، حيث ان المواطن العادي والواعي يلمس ذلك في حال زيارته لعدد من المحال التجارية الكبيرة المنتشرة في بلادنا، والتي يكون مصدرها الأسواق الإسرائيلية أو حتى الأسواق الأجنبية حيث ترد الى بلادنا بكميات كبيرة دون ان تكون هناك رقابة فعلية من قبل الجهات المختصة، أو حتى في أحيان كثيرة، عدم التنسيق مع الجهات ذات العلاقة في متابعة تلك المنتجات، ووضع آلية للحد منها وحصرها وتنظيم دخولها وفقاً للقوانين والأنظمة السارية ووفقَ قانون الصحة العامة الفلسطيني.
من هنا، حان الوقت لتنظيم اسواقنا من خلال جمعيات حماية المستهلك والجهات المسؤولة كوزارة الصحة والاقتصاد الوطني والضابطة الجمركية، بحيث يتم وضع خطة مشتركة حول متابعة مدخلات ومخرجات أسواقنا، وتفعيل الدور الرقابي لمجلس الغذاء الفلسطيني وتحديث القوانين والانظمة التي تحد من دخول المواد المهربة ومعاقبة المتورطين بالاتجار بها، بحيث تكون رادعة لهم ولغيرهم ممن تسوّل لهم أنفسهم الاستهتار بأرواح الناس.
نشكر موقعكم المحترم على مواظبته الدؤوبة في كشف الانتهاكات والجرائم الصحية التي يقترفها ليس فقط أعداؤنا بل أبناء جلدتنا .
سامر ديراوي
|