مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
تشرين أول 2011 العدد-39
 

"السوسة الحمراء" العدو الخفي الذي يقتل أشجار النخيل!!
أضرارها البيئية لا تقل خطورة عن الاقتصادية

السوسة الحمراء قاتلة شجرة النخيل من خلال مهاجمتها من الداخل

سمر شاهين / غزة
خاص بآفاق البيئة والتنمية

تعد "سوسة النخيل الحمراء" التى ضربت "بستاناً  للنخيل في المنطقة الوسطى بقطاع غزة" من أخطر الآفات الحشرية التى تهاجم النخيل، ومع الإعلان عن ظهور هذه السوسة بصورة رسمية فرضت وزارة الزراعة في القطاع حجراً زراعياً على المنطقة الموبوءة بسوسة "النخيل الحمراء" محذرةً من نقل النخيل وأجزائه من وإلى منطقة الحجر المذكورة.‏
كما حظرت الوزارة نقل النخيل بين المحافظات الجنوبية، وذلك حرصاً على عدم انتقال الحشرة، مؤكدة أن ‏بؤرة اكتشاف وظهور الحشرة تم السيطرة عليها بشكل كامل، غير أن ذلك لا يمنع المزارعين من تفقد ‏بساتينهم وأشجارهم والإبلاغ عن أية شبهات حول الآفة الزراعية.‏
ورفعت الوزارة من درجة الطوارئ إلى "الدرجة ‏البرتقالية"، بعد ثلاثة أيام من اكتشافها وشكلت لأجل ذلك لجنة طوارئ لمتابعة أعمال حصر الآفة ومكافحتها والتواصل مع المزارعين ‏والجهات المعنية للقضاء عليها.‏
إعدام فحرق
إلى ذلك تواصل اللجان المختصة البحث والاستكشاف في مناطق أخرى للتأكد من خلوها من هذه الحشرة، مؤكدة أن طواقم الوزارة في المديريات ‏المختلفة بمحافظات القطاع تقوم هي الأخرى بواجبها بإرشاد المزارعين والمواطنين. ‏
وكانت الوزارة قد أعدمت بستان نخيل يضم 330 نخلة متوسط أعمارها (ست سنوات)، حيث جاء -قرار الإعدام ‏‏- بعد تقدير اللجنة المختصة بإصابة أشجار النخيل بنسبة تزيد عن 90%. علماً بأن عملية الإعدام جرت ‏بعد اقتلاع أشجار النخيل من جذورها وتقطيع أجزائها ومن ثم حرقها انتهاءً بردمها في حفرة عميقة.‏

ويخشى مزارعو النخيل أن تلقي تلك السوسة بآثارها الوخيمة على المزراع والاقتصاد معاً لتعيد إلى الأذهان الخسائر التى تكبدتها مزارع الدواجن بغزة في أعقاب انتشار مرض أنفلونزا الطيور، وما صاحبه من إعدام بعض المزارع ومنع استيراد الدواجن والبيض من المناطق المشبوهة، وكذلك الخسائر التى تكبدها مزارعو البندورة عقب تفشي حشرة "توتا ابوسالوتا" لاسيما في منطقة جنوب القطاع.
وتخشى الجمعية الأهلية لتطوير النخيل والتمور المتخذة من دير البلح وسط القطاع مقراً لها،  أن تنتقل عدوى السوسة الحمراء إلى مساحات جديدة في شمال وجنوب القطاع بعد أن اكتشفت في المنطقة الوسطى، خاصة في هذه الأوقات التى تكون فيها أشجار النخيل على وشك طرح إنتاجها في الأسواق.

أضرار بيئية
المهندس مفيد البنا مدير الجمعية، عبّر عن قلقه الشديد من تلك الآفة وقال إن هذه الحشرة لها أضرار بيئية  واقتصادية كبيرة، حيث تكمن الخطورة البيئية عقب عملية التخلص من الأشجار المصابة، إذ ان عملية العلاج تتم من خلال اقتلاع الشجرة ومن ثم حرقها، وبعد إتمام عملية الحرق التي تضر بالبيئة يتم دفنها بصورة مباشرة.
وأشار إلى ان هذه الحشرة ضارة جدا، وهي تسمى بالعدو الخفي، حيث تعمل على قتل الشجرة دون ان يراها المزارعون سيما وأنها تهاجمها من الداخل.
والحشرة عبارة عن سوسة يبلغ طولها حوالي 4 سم وعرضها حوالي 1 سم، لونها بني مائل للإحمرار مع وجود نقط سوداء على الحلقة الصدرية. ولها خرطوم طويل هو أقصر في الذكر منه في الأنثى، كما يتميز الذكر عن الانثى بوجود زغب على السطح العلوي للخرطوم، وتعيش الحشرة الكاملة حوالي 2 - 3 أشهر، ويمكن مشاهدة الحشرة على مدار العام ولكن ذروة مشاهدتها تكون في شهري آذار وحزيران وفي الصيف، والحشرة الكاملة لا ضرر منها لأن العذارى في الشرانق تكون عادة في المحيط الخارجي وتحديداً في ساق النخلة أو في قواعد الكرب، وتبيض الأنثى من 200 إلى 300 بيضة ثم تبدأ في نهش قلب النخلة.
ولفت البنا إلى ان نسبة المساحة الخضراء المزروعة بأشجار النخيل في قطاع غزة تقدر بـ40 %، وأن المنطقة الوسطى التى ظهرت فيها السوسة  تقدر بنحو 2500 دونم من النخيل.
وبين البنا أن النخلة المصابة يمكن التخلص منها إذا وصلت نسبة  التسوس فيها من 40-50% ودون ذلك فإنها بحاجة إلى سلسلة من الخطوات العلاجية، مشيراً إلى أن السوسة الحمراء تصيب أشجار النخيل التى عمرها فوق الثمانية أو عشر سنوات، بينما الفسائل فلا تكون معرضة للمرض.

السوسة الحمراء

زيادة في النشاط
وأهاب البنا بمزارعي النخيل ليتفقدوا بساتينهم وأشجارهم لتفادي وقوع الخسائر وسرعة محاصرة الأخطار الناتجة عن الآفة، معرباً عن استعداد جمعيته لتقديم كافة أشكال المساعدة في سبيل تطويق الآفة والحد من انتشارها.
ونوه إلى أن السوسة يزداد نشاطها في شهري سبتمبر وأكتوبر، لهذا يخشى أن تنتشر بصورة سريعة إلى أماكن جديدة وتتلف مزروعات أخرى.
وقال ان أشجار النخيل تنتشر في المنطقة الوسطى والجنوبية من قطاع غزة لكونها تتحمل المياه المالحة، وأضاف بأن انتشار هذه الآفة يعنى التأثير السلبي على المساحة الخضراء ليس في هذه المنطقة فحسب بل وفي القطاع ككل، كما ان انتشار الآفة يعنى التأثير المباشر على السلة الغذائية، خاصة وأن جني المحصول ينطلق خلال الأيام القليلة القادمة.
وشدد على ان المطلوب هو مقاومة هذه الآفة ومحاصرتها وعدم السماح بانتقالها إلى منطقة أخرى عبر إتباع إجراءات مكثفة والعمل على خدمة ورعاية هذه الأشجار، إضافةً إلى العمل على نشر ثقافة الوعي لدى المزارعين في كيفية التعاون مع هذه الآفة والتخلص منها بأقل الخسائر.
وقال: "استمرار تلك الآفة من شأنه ان يؤثر سلباً على نسبة الإنتاج، لاسيما وأن هذه الحشرة هي العدو الخفي الذي يقتل الأشجار دون ان تظهر".
ولفت إلى وجود لجنة تنسيقية تضم في عضويتها وزارة الزراعة والجهات ذات الاختصاص بغرض المحافظة على هذه الشجرة، ومكافحة سوسة النخيل الأحمر حيث تتواجد مساحات كبيرة في الوطن والمنطقة الجنوبية تمتد فيها زراعة النخيل، ما يعني أن انتشار هذه الحشرة في الوقت الراهن خطيرٌ جدا.
وفي غضون ذلك، أعرب العديد من المزارعين عن تخوفهم من تفشي سوسة النخيل الأحمر وتكبدهم خسائر فادحة، سيما وان أشجار النخيل تتراوح أسعارها من "150-400 " دينار للشجرة الواحدة .

طرق علاجية
والى ذلك قال م. زياد محمد حماده من الإدارة العامة للوقاية والحجر الزراعي‏ ان "سوسة النخيل الحمراء تعد من الآفات الخطيرة جداً والتي تصيب الأشجار والفسائل بعمر أقل من 20 عاماً بشكل ‏مخيف، حيث تتغذى اليرقات داخل جذع النخلة، مكونة أنفاقاً في جميع الاتجاهات ما يشكل فيه فراغاً من الداخل فيسهل كسره إذا تعرض للرياح .‏
وفي معرض رده على طرق العلاج، أشار إلى أنها ممكنة عبر الأمور التالية: المكافحة المتكاملة للآفة، تشريع قانون (الحجر الزراعي)‏ الذي يمنع إدخالها إلى البلاد لفترة زمنية معينة سواءٌ أكانت ‏فسائل أو تمور وخلافه، وذلك للحد من انتشار المرض، إصدار نشرات توعوية خاصة عن سوسة النخيل الحمراء يتم من خلالها توصية المزارعين بالنظافة التامة لمزارع النخيل عن طريق إزالة السعف القديمة (‏يتم قطعه على مسافة 100سم من القاعدة، والحفاظ على نظافة القمة النامية للنخلة (الجمارة) والتخلص من بقايا النخيل الميت أو المهمل بالحرق.‏
وأشار حمادة إلى أن استعمال المصائد الفرمونية الغذائية يعد من أفضل طرق المكافحة لحشرة سوسة النخيل الحمراء، لما لها من ميزة جاذبة ‏قاتلة وهذه المصائد عبارة عن مركب كيميائي ( 4 ميثايل -5 نونانول ) ويضاف منه 3-5 ملجم / يوم، داخل ‏وعاء خاص .‏
وحول تركيب المصيدة لفت إلى أنها عبارة عن جردل سعته 10 لتر، مع جردل صغير سعة 3 لتر سطحه خشن من الخارج كي يتم زحف الحشرة ‏عليه، وتوجد به عدة فتحات جانبية تسمح بمرور الحشرة إلى الداخل بفعل تأثير الفرمون، ومن ثم تسقط في ‏المحلول الموجود داخل الجردل الكبير، ويتم اصطيادها ثم تموت بتأثير المركب الكيماوي الذي يعطي ما يقارب ( ‏‏4 ميثايل – 5 نونانول ) لعدة شهور مستمرة .‏
وأشار إلى انه قد تم تطبيق هذا النظام في قطاع غزة منذ عام 1999 ولفترة طويلة ولمدة خمس سنوات ولم تسجل أي حالة ‏مرضية تذكر، حيث في حينه، تم توزيع عشرين مصيدة بين الحدود المصرية وقطاع غزة نظراً لوجود الحشرة  في المناطق ‏المصرية.
وعن أعراض الإصابة قال حمادة: "من الصعب تحديد مرحلة الإصابة بصورة مباشرة نظراً لوجود اليرقات داخل الجذع، ولكن يتم التحديد في مرحلة ‏متأخرة من الإصابة بمشاهدة الأنسجة التالفة التي تشبه نشارة الخشب، كما تظهر إفرازات صمغيه ذات لون بني ‏ورائحة كريهة يليها حدوث ذبول واصفرار على السعف".

التعليقات

الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 

مجلة افاق البيئة و التنمية
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية

يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية