مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
تشرين أول 2011 العدد-39
 

نحو بلورة مواصفة للعمارة الخضراء تتلائم مع المناخ الفلسطيني وطرق البناء المحلية

مبنى أخضر

جورج كرزم
خاص بآفاق البيئة والتنمية

ازداد النقاش في الآونة الأخيرة، حول المبادرات الخاصة بإنشاء مبانٍ فلسطينية خضراء نموذجية.  وفي خضم هذا النقاش، لم يتم، حتى الآن، العمل بشكل جدي لبلورة معايير فلسطينية أولية للعمارة الخضراء، تلك المعايير التي طرحت مجلة آفاق البيئة والتنمية، في أعداد سابقة لها (23، 32، 36 وغيرها)، بعض الأفكار الجوهرية المتعلقة بها.  والمقصود هنا معايير شاملة للعمارة الخضراء تنسجم مع المواصفات العالمية وتتلائم مع المناخ الفلسطيني المميز، ومع طرق البناء المحلية.  ولا بد أن يساهم خبراء بيئيون ينتمون إلى مؤسسات ومنظمات وهيئات رسمية وأهلية معنية، في وضع هذه المواصفات، مثل مؤسسة المواصفات والمقاييس الفلسطينية وسلطة جودة البيئة ووزارة الصحة ونقابة المهندسين والجامعات والمؤسسات الأهلية الفاعلة في الحقل البيئي وقطاع الأعمال والمهن ذات الصلة، والعاملين في التخطيط والتنفيذ بالمجالات المختلفة.
وأثناء العمل على بلورة مواصفة العمارة الخضراء، يمكن تقسيم تلك المواصفة إلى بضع درجات نوعية على سلم مكون من خمس أو ست درجات على سبيل المثال.  ومن بين المجالات التي لا بد من فحصها وتقييمها للحصول على علامة العمارة الخضراء ضمن درجة محددة:  التوفير في استهلاك المياه واستخدامها الأمثل، فرز ومعالجة النفايات، ترشيد استهلاك الطاقة، وطبيعة ونوعية المواد المستخدمة في البناء.
وبحسب التقديرات، فإن التوفير الإقتصادي المتوقع للأسرة الفلسطينية القاطنة في شقة متوسطة مكونة من أربع غرف، مبنية حسب مواصفة العمارة الخضراء، قد يصل إلى آلاف الشواقل سنويا؛ بحيث يمكننا القول أن المبنى الأخضر عبارة عن مبنى من المجدي السكن به صحيا وبيئيا واقتصاديا واجتماعيا، باعتباره مبنى أكثر جودة وأكثر توفيرا في استهلاك الموارد والطاقة.
وفي مرحلة معينة، قد يتم إلزام كل من ينوي تشييد مبنى جديد، وكل مقاولي ومهندسي البناء، بالمواصفة الفلسطينية للعمارة الخضراء.
ويدور هنا الحديث عن أحد المجالات ذي الأثر البيئي الأقوى؛ إذ أن المباني تستهلك نحو 60% من الطاقة المستهلكة محليا، وهي تنتج نحو ثلث غازات الدفيئة، كما أنها السبب في الاستنزاف المتواصل للموارد الطبيعية وفي مقدمتها الرمال. 
وفي حياتنا المعاصرة، يمضي الفرد نحو 90% من وقته بين أربعة جدران.  لذا، يوجد لمسائل الانقطاع عن الهواء والضوء الطبيعيين ولتسرب المواد اللاصقة والكيماويات السامة إلى الفضاء الداخلي المغلق، تأثير مباشر على الصحة.
ويجب على مفهوم العمارة الخضراء أن يهشم بعض الأساطير التي لا تزال تعشعش، للأسف، في أذهان بعض المسؤولين، من قبيل أن المبنى الأخضر يعني العودة إلى حياة الكهوف، أو أنه ترف معيشي لا يتحمله سوى الأغنياء.
ومن أهم أهداف المواصفة الجديدة المقترحة للعمارة الخضراء، تعميق وعي ومعرفة الأفراد الراغبين في بناء وامتلاك مبان جديدة، بحيث يمارسون ضغطا على المقاولين والمبادرين.
وقد يقول العديد من الناس بأنهم يرغبون في السكن بعمارة خضراء؛ إلا أنهم لو سئلوا:  ما هي العمارة الخضراء؟  لما عرف معظمهم الإجابة.
وفي حال إنجاز المواصفة الخضراء وتطبيقها، يفترض بالمبنى الذي سيحظى بعلامة العمارة الخضراء أن يراكم مجموعة من النقاط يحصل عليها لدى توفر التطبيقات البيئية المحددة، مثل:  كفاءة الطاقة التي يمكن توفيرها من خلال العزل الجيد وأخذ اتجاهات الشمس بالاعتبار.  ترشيد استهلاك المياه، وذلك، على سبيل المثال، من خلال إعادة تدوير المياه الرمادية أو السوداء أو مياه المكيفات.  بنية تحتية لفرز النفايات، وغير ذلك.  وقد يمنح المبنى علامة مرتفعة، في حال طبق فيه نظام التكييف المركزي بتدريج الطاقة A .
وبالرغم من أن المهندسين والمقاولين يختلفون حول التكلفة الفعلية للعمارة الخضراء، إلا أن تقديرات التكلفة الإضافية تتراوح بين 1% إلى 10%.  وتدل تجربة الدول المختلفة بأنه كلما تواجدت المواصفة الخضراء في السوق لفترة أطول، كلما هبطت أكثر أسعار تشييد العمارة الخضراء.  والجدير بالذكر أن التكلفة الإجمالية للعيش في العمارة الخضراء موفرة جدا.  إذ، ووفقا لحسابات أولية، توفر الأسرة المتوسطة القاطنة في منزل يتحلى بكفاءة في الطاقة أكثر من 1200 شيقل سنويا في فاتورة الكهرباء وما لايقل عن 300 شيقل في فاتورة الماء.    
ومن نافل القول، أن التوفير في الكهرباء والماء وسائر الموارد يعد مصلحة وطنية.  لذا، وكي تتحول المواصفة الخضراء من تمرين نظري جميل إلى واقع عملي ملموس، يفترض بالحكومة أن تتدخل مباشرة لتوفير سلة من المحفزات الاقتصادية والمالية والضريبية لتشييد المباني الخضراء، أو لإجراء التعديلات والترميمات اللازمة على المباني القائمة لتعزيز المكونات الخضراء فيها.

التعليقات

 

الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
مجلة افاق البيئة و التنمية
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية

يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية