مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
تشرين أول 2011 العدد-39
 

مبادرات بيئية :

الحاج صادق " يُحرّر" العقبة!

1
الحاج سامي

عبد الباسط خلف

يُلاصق جسد الحاج سامي صادق كرسي الإعاقة، فيما تحتل جوار قلبه رصاصة إسرائيلية ذات عيار ثقيل منذ العام 1971، لكن إرادته استطاعت قهر الاحتلال في معركة مفتوحة داخل أراضي قريته العقبة شرق طوباس.
يحتل الشيب رأس صادق، وتلف كوفية فلسطينية كتفيه، أما أفكاره كما يقول، فلا تكف عن مواصلة جولة جديدة من نضال سلمي وقانوني ضد الاحتلال، الذي أراد لقريته أن تكون معسكرًا لتدريبات جيشه، بحجة أن طبيعتها تشبه جنوب لبنان!

قلب ورصاص
يقول : "بدأت قصتي يوم 28 حزيران 1971، حينما كنت أساعد والدي في رعي الأغنام شرق القرية،  حيث أصابتني ثلاث طلقات من العيار الثقيل من مسافة بعيدة، صادرت حركتي، وحكمت عليّ بالعيش مع رصاصة تستوطن المنطقة القريبة من قلبي، غير أنني لم أرفع الراية البيضاء".
أطاح الرصاص الإسرائيلي بحركة صادق، وأقصاه عن مقاعد الدراسة، فلم يكمل صفه الثاني الإعدادي، لكنه قرر أن يخوض نضالاً ضد الاحتلال، على طريقته الخاصة.
تعلم صادق اللغة العبرية، وأخذ الكثير من الدورات، وانتقل للعمل في مشفى أريحا الحكومي، فكان يجيب على الهواتف، ثم صار كاتب شؤون الموظفين، فمسؤولهم، وبعدها أصبح المدير الإداري، وفي العام 1998، قرر أن يبدأ معركة مع الاحتلال الذي هجّر أهالي قريته، وأعلنها منطقة عسكرية مغلقة، وأحاطها بمعسكرات: كوبرا (1)، وكوبرا( 2)، وتسيدفيع،  فرفع بدوره قضية قريته في المحكمة العليا الإسرائيلية، وبدأ يعمل لإعادة بناء بيوت القرية، حيث توج انتصاره بقرار قضائي أزال المعسكر.

نضال دائم
واصل الحاج صادق معاركه السلمية في قرية يبلغ عدد سكانها 299 مواطناً يسكنون 45 بيتاً حصلت كلها على إنذارات بالهدم، بدعوى البناء دون ترخيص، مثلما طال المسجد والمدرسة والروضة قرارات مماثلة.
يقول بضحكة تحمل مرارة سوداء: "فقط يدعون أن أربعة بيوت من العقبة هي القانونية؛ لأنها بنيت في الثلاثينيات، ورغم ذلك عمّرنا البيوت، ونقيم مشروعات إسكان لإعادة أهالي القرية الذين هجرهم الاحتلال، والبالغ عددهم قرابة 400، يتوزعون بين بلدة تياسير ونابلس والأردن".
أصبح الحاج صادق، الذي أبصر النور في 21 تموز 1955، رمزاً لصمود العقبة، مثلما نقل معاركها القضائية ونضال أهلها إلى الكونغرس الأمريكي، ووزارة الخارجية في واشنطن، و11 ولاية أمريكية، ومقاطعات في إيطاليا، حين زارها، وشرح لأعضائها ولشبان وطلبة جامعات معنى أن يهدم الاحتلال شارعاً يحمل اسم "طريق السلام"، ويقرر هدم مدرسة ومسجد وكل بيوت القرية ما عدا أربعة منها. وحصل على قرابة 250 ألف رسالة تأييد للعقبة.
يستذكر صادق، الذي ينشط على عدة جبهات، ما كتبته صحيفة إيطالية عن العقبة، كأول "مستعمرة فلسطينية داخل معسكرات جيش الاحتلال". ويردد دائما أنه لن يتزوج، ويتبنى قضايا قريته، ويحارب بكرسيه المتحرك من أجل إنهاء الاحتلال، الذي قتل 13 شاباً من أبنائها، وجرح 50 منهم، وهجر  قرابة 400 .

انتصار
 أطلق صادق ثلاث جمعيات أهلية في قريته التي تمتد  فوق 3500 دونمٍ يستولي الاحتلال على معظمها، ويصنف "منطقة عسكرية مغلقة": واحدة للمرأة( غير مفهوم)، وأخرى للمهجرين وإعادتهم، وثالثة للمرأة الريفية، وقرر تشييد مئذنة المسجد تحمل شارة للنصر.
يقول: "في اليوم الذي انتصرنا فيه على معسكر "تسيدفيع"، قررنا بناء مئذنة تحمل شارة انتصار، ولن أنسى كيف أن الاحتلال استخدمني كدرع بشري يوم 6 حزيران 2006، لإخلاء مسلح أدعى أنه فلسطيني تحصن في المسجد، وتبين أنه جندي متطرف قرر الانتحار في داخله، بعدما كان يفكر في قتل أكبر عدد من أهالي العقبة".
يبتسم صادق، ويقول: "أجمل لحظة أعيشها -رغم الرصاصة التي تسري في دمي، وأخي خالد المفقود منذ العام 1984 بين الحدود التركية-السورية- يوم تفكيك المعسكر، ولن أنسى ما قاله لي ضابط إسرائيلي أكثر من مرة: أنت شوكة في حلقنا. وأعتب كثيراً على إعلامنا المحلي والعربي الذي لا يتحدث عن العقبة، فقريتنا معروفة في النرويج وإيطاليا والولايات المتحدة أكثر من فلسطين! ورغم كل شيء لن نرحل".

aabdkh@yahoo.com

 

التعليقات
الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
مجلة افاق البيئة و التنمية
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية

يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية