قبّار جنين يُغذي القارة العجوز!
كتب عبد الباسط خلف
خاص بآفاق البيئة والتنمية
ينخرط الشاب علي صلاح في جمع أزهار نبتة القبّار الشوكية من حقول جنين الشرقية، تمهيدًا لبيعها لشركة محلية، بدأت باستخدام الشوك في صناعة أغذية للتصدير. يقول: "أسبق الشمس، وأجمع قبل ارتفاع الحرارة، أزهار القبار وثماره، ثم أبيعها. وقد كنت أظن لفترة طويلة أنها نبتة عديمة الجدوى، لكنها صارت تنتج لي دخلاً معقولاً. وصحيح أنها متعبة، وتصيب من يقطفها بجروح، غير أنها كسرت المثل العربي القائل: إنك لن تجني من الشوك العنب."
يضحك صلاح، ويضيف: "أبيع كيلو الشوك الحب بـ15 شيقل، أما أزهاره فسعرها 20 شيقل، ولو أني أقول لجدي أننا نشتغل بالشوك، لضربني بعصاه."
ويؤكد مدير عام شركة كنعان للتجارة العادلة، أحمد أبو فرحة أن شركته استضافت الشوك منذ مدة قصيرة، بعد أن شاهدت طلباً عالميًا على صناعات تقليدية يدخل فيها، وبخاصة في أوروبا؛ نتيجة اشتراكها في معارض دولية، ولتخصصها في تسويق منتجات تقليدية كزيت الزيتون ومخلله، والمفتول، ورب البندورة التقليدية. وصرنا نصنع من القبار مستحضر( التبينيد)، وهو تركيبة تضاف إلى الزيتون المخلل الأخضر، وعصير الليمون، والملح، والخردل. مثلما بدأنا نضيفه إلى رُب البندورة، وصار له سوقٌ تصديريٌ رائج.
شروط
وبحسب أبو فرحة، فإن شركته قد بدأت تحرص على الشوك، وتدرب القاطفين على آليات التعامل المستدام معه؛ حفاظًا على توازن انتشار النبتة، ومنعاً لانقراضها، والإبقاء عليها مصدرًا لغذاء الطيور والحيوانات. وقد كان القبار مجرد شوك، ولم يكن يلتفت إليه أحد، بعكس إسبانيا التي تزرع مساحات شاسعة منه.
وينشط القاطفون، والعاملون في جمع أزهار الشوك وثمره في مناطق جنين الشرقية، وقريبًا من بلدة جنين، وبجوار قرية العرقة، ليصار نتاج عملهم مخللا يشق طريقه إلى أسواق أوروبا، ويتحول إلى غذاء يجمع بين الحموضة والملوحة، ويستخدم على الموائد، ويضاف إلى الطعام.
وبحسب أستاذ الجغرافيا في جامعة بيرزيت، والمهتم بالتنوع الحيوي د. عثمان شركس، فإن الاسم العلمي للقبار هوCapprais Spinosa ، وله استخدامات غذائية بعد تخليليه، وعلاجية، مثلما يُسهل الهضم، وينشط الدورة الدموية، ويفيد الكبد.
وأضاف شركس بأن الأعشاب الطبية مفيدة، لكن يتوجب التعامل معها بحذر شديد؛ كي لا تبطل المفعول للأدوية والعقاقير الأخرى. كما أن بعضها يحتوي على نحو 200 مادة فعالة، تترك آثاراً سلبية، إذا أخذت بشكل عشوائي، وبدون وعي، وقد تتسبب في نتائج عكسية وضارة.
صيدلية من الشوك
يستأنف الشاب علي صلاح قص حكايته مع الشوك: "أسرعت إلى الإنترنت، وقرأت ما أكده د. أنور نعمة المتخصص في الصحة والغذاء من أن نبات "القبار" الصحراوي فعالٌ في علاج السرطان، بخلاف ما يشاع عن فعاليته في التحفيز الجنسي بدرجةٍ توازي حبة الفياجرا. ووفق توثيق صلاح، فإن "الحياة اللندنية" نشرت في الخامس من أيار 2011 الفوائد الطبية والعلاجية لهذا النبات، لافتا إلى وجود مؤشرات علمية إيجابية تعزز من الاعتقاد بأن قشرة جذور القبّار فعالةٌ في علاج السرطان. وأوضح أن القبّار علاجٌ طبيعيٌ للعديد من الأمراض؛ لأنه ينبّه وينشّط وظيفة الكبد والطحال. ويحسّن الدورة الدموية ويفيد في علاج مرض تصلب الشرايين. كما يساعد على الهضم، وفي التخلص من نفخة البطن. ويليّن الأمعاء، ويدر البول والطمث. ويساعد في التخلص من مفرزات القصبات الرئوية. ويفيد في علاج بعض حالات فقر الدم. ويستخدم لعلاج الاستسقاء (تكوم السوائل في البطن) وداء النقرس، والتهاب المفاصل. مثلما ينفع في علاج الحساسية والاندفاعات الجلدية. ويسكِّن آلام الأسنان. ويسهل التخلص من الرمال البولية. فيما تساعد البراعم الزهرية للنبتة الشوكية في الوقاية من مرض المياه البيضاء في العين؛ بسبب غناها ببعض المركبات الخاصة.
وترى السبعينية فاطمة اليونس، أن القبار ضار، و"يمص دم الشجر"، كما تقول، ولا تصدق أنه مفيد، فهو شوك خبيث يجب "قطع رأسه"، وتحته تختفي الأفاعي.
|