مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
أيلول 2011 العدد-38
 

بأنامله وذاكرته سَخٌر علماً أنقذه من "عتمة" الاحتلال
محمود شاهين.. حينما أضاءَ منزله ليلاً بأشعة الشمس!!

محمود شاهين

مصعب وسمر شاهين / غزة
خاص بآفاق البيئة والتنمية

لم يعرف المستحيل مكاناً في حياته... إرادته كانت أقوى من العتمة التي فرضت عليه...بأنامله قلّب الكتب وبذاكرته أحيا ما درسه في مجال الكيمياء في جمهورية مصر العربية، فأضاء منزله ليرفع شعار "الفلسطيني مبدع رغم الصعاب الجمة". ولم يقبل أن تفرض عليه معادلة قلب الجنة إلى جحيم، وإنما فرض هو معادلة قلب الجحيم إلى جنة بالرغم من جملة الصعوبات والانتهاكات التي تمارسها (إسرائيل) يوميا والتي لا تعرف حدوداً.
 هذه المزايا توجد في البيئي الأستاذ محمود شاهين الذي اثبت نجاعة هذه المعادلة منذ ما يزيد عن اثنين وعشرين عاما، حينما أبى أن يقف عاجزا أمام الممارسات الرامية إلى النيل من الإنسان الفلسطيني بصورة عامة ومن البيئة الفلسطينية بصورة خاصة، حيث عمل على تحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية لينير منزله.

بطاقة تعريف
محمود شاهين صاحب ابتكار وحدة حماية للأجهزة التي تعمل على الطاقة الكهربائية ( 3 فاز)،  وجهاز مغناطيسي لمسح أنبوب التفريغ الكهربائي وشاشات التلفاز عام، ونظام توليد الكهرباء المنزلية بواسطة الخلايا الكهروضوئية، إضافة إلى جهاز لتسخين المياه لكافة أرجاء المنزل والذي يعمل على عادم المولدات الصغيرة، وابتكار تحويل جميع أنواع المسجلات القديمة والحديثة لتعمل على نظام تشغيل mp3 بجودة عالية، إضافةً إلى صنع عربات للمعاقين تعمل على نظام الطاقة الشمسية.
الخمسيني شاهين الذي يقطن في بلدة جباليا شمال قطاع غزة، ويعمل مدرساً لمادة الكيمياء في مدرسة الكرمل بقطاع غزة، قد عانى كما الآخرين من انقطاع التيار الكهربائي بصورة متواصلة ولفترات طويلة، لذا فكر ونقب علّه يجد ما يسعفه بدلاً من ذلك التيار الذي أصبح حلماً يصعب الحصول عليه ليل نهار، وكان له ما أراد.
وقد عمل شاهين المحب لمهارة تفكيك الأجهزة الكهربائية منذ الصغر، على تحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية وذلك فور عودته للوطن بعد إنهاء التعليم الجامعي في مصر، ليصبح بيته الأول في قطاع غزة الذي ينار على أشعة الشمس ليل نهار، فلم تتوجه شركة الكهرباء يوماً إلى باب بيته لتحصيل فاتورة الكهرباء.

منزل لا يعرف العتمة
قبل ما يزيد عن عقدين، تمكن شاهين من الحصول على عدد من الخلايا الشمسية لدى تاجر غزي كان قد أحضرها من داخل الخط الأخضر. حيث ابتاع هذه الخلايا وبدأ يجمع أجهزة “إنفنتورز” الكهربائية إلى ان نضجت الفكرة وأضاء منزله ليبدد الظلام بالنور
ويواصل حكايته فيقول: "وحدها الحاجة هي التي دفعتني إلى البحث عن بديل في ظل أزمة انقطاع الكهرباء التي لا تعرف وقتا، فحياتي باتت رهينة للكهرباء، وأسرتي كلما حاولت أن تنظم وقتها داخل أروقة المنزل بما يتناسب ووصول التيار الكهربائي، يتغير توقيت انقطاعها، ما يحدث خللا في المنزل".
ويلفت شاهين مدير المناهج التعليمية في قناة فلسطين التعليمية الأولى، إلى أن فكرة الاعتماد على الطاقة الشمسية كبديل عن التيار الكهربائي المتقطع، كانت الأكثر تميزا من ضمن الأفكار التي كانت تتزاحم في عقله، قائلا:  "نتيجة لهذا الوضع الخانق، قررت البدء في تنفيذ هذه الفكرة وهي تحويل ضوء الشمس إلى كهرباء، وذلك من خلال الخلايا الشمسية وتخزينها في بطاريات، تمد المنزل بالطاقة.
ويضيف والابتسامة تعلو محياه:  "من قال إننا غير قادرين على التميز والإبداع فهو مخطئ.  فها أنا شخص واحد فكرت بهذه الطريقة، فكيف بكافة أفراد الشعب الفلسطيني(...) لدينا قدرات وتفكير على الانجاز ولكن الإمكانات غير متوفرة دائماً، وذلك بفعل الحصار الإسرائيلي المشدد علينا منذ ما يزيد عن الأربعة أعوام".

محمود شاهين يشرح عن آلية عمل الخلايا الكهروضوئية التي تنير منزله وتشغل أجهزته الكهربائية

وللمعاقين نصيب!
ساهم مبدعنا البيئي صاحب فكرة استثمار الطاقة الشمسية، وتحويلها إلى طاقة حركية، في تمكين عدد من  ذوي الاحتياجات الخاصة من قيادة عرباتهم التي تعمل بالطاقة الشمسية، سيما بعد أن تبنت الإغاثة الإسلامية مشروع تشغيل نحو 2500 كرسي متحرك على الطاقة الشمسية.  وهو يحلم بأن يضيء مشافي القطاع التي يطالها انقطاع التيار الكهربائي لا سيما غرف العناية المركزة وحضانات المواليد، ويؤكد أن الفكرة بسيطة جداً وتحتاج فقط إلى عدد من الخلايا الشمسية التي تقوم على تحويل فوتونات الضوء إلى الكترونات تخرج في أسلاك إلى بطاريات السيارات التي يضعها أسفل الخلايا الشمسية، وهنا تبقى هذه البطاريات محتفظة بشحناتها الكهربائية إلى حين يتم الاستفادة منها، وبذلك استطاع شاهين ان يولد تياراً كهربائيا قوته 20 فولت.
واستفاض شاهين، الذي يعمل أيضاً مديراً لجمعية البحث العلمي والدراسات ووكيلاً للشركة الألمانية المصرية لأنظمة الطاقة الشمسية، في تقديم شرح مفصل حول آلية عمل الألواح وحجم الطاقة المستخدمة قائلا: "استخدمت في البداية إنارة على نظام (12 v.DC ) وأيضاً نفس النظام للتلفزيون والراديو والمسجل، أما الآن فكل أجهزة المنزل تعمل على نظام (220 V. Ac ) مثل: التلفزيون، "الرسيفر"، الفاكس، الهاتف والإنارة.
ويشير إلى أن كل الأدوات الكهربائية داخل منزله تعمل على الطاقة الشمسية باستثناء الثلاجة والغسالة، موضحا أنه بالإمكان تشغيلهما على الطاقة الشمسية وذلك من خلال زيادة المرايا وبطاريات التخزين.

ويضيف شاهين داعيا المسؤولين وأصحاب القرار إلى وضع رؤى وخطط مستقبلية لاستثمار الطاقة الشمسية:  "الفكرة ليست من ابتكاري وإنما هو علم معروف وما قمت به هو دور تقني (تكنولوجي) لاستغلال الطاقة الشمسية، ولا يمكنني نقل التجربة لمكان آخر لأنها تحتاج إلى تكلفة مالية ودعم من رجال الأعمال والمهتمين بذلك، حتى تصبح صناعة لها مردود مالي وفائدة للمستخدمين".

الطباخ الشمسي والراديو القديم الحديث
ولم تقف جولتنا فقط حول إنارة البيت بالطاقة الشمسية، بل امتدت لذلك الطباخ الشمسي الذي ساهم في تأمين الغاز بصورة كبيرة، لاسيما أن حديث الشارع الغزي اليوم، هو عن وصول الغاز أو عدم وصوله جراء الحصار وإغلاق المعابر بصورة متواصلة.
ويلفت إلى أن الطباخ الشمسي اعتمد في فكرته على تحويل الدبال إلى غاز لأغراض الطبخ. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يفيد في تدفئة المنزل في الشتاء.
ومن اختراعات شاهين الأخرى، تحويله لراديو قديم كان يملكه، إلى راديو وسماعات للحاسوب المحمول، والذي يصلح أيضاً لتشغيل الفلاشات وقادر على شحن الهاتف الخلوي.
تمكن شاهين من تسجيل براءة ثمانية اختراعات منها قانون في الكيمياء، من شأنه ان يساهم في حل أي إشكالية بين المدرب والمتدرب.  وختم بقوله: "أحلم بأن تعمل كافة المدارس في قطاع غزة على نظام الطاقة البديلة، وبذلك ستساهم وبصورة مباشرة في تعزيز هذه الثقافة الصديقة للبيئة".

التعليقات
الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
مجلة افاق البيئة و التنمية
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية

يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية