مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
أيلول 2011 العدد-38
 

جيش الاحتلال ووزارة البيئة الإسرائيلية يدمران عشرات المفاحم في منطقة جنين ووادي عارة
التدمير رغم فائدته البيئية جاء دون توفير بدائل معيشية إنسانية لمئات الأسر التي تعتاش على المفاحم
المفاحم تقصّر عمر أهالي يعبد إلى الأربعين

شبان فلسطينيون يعملون في أحد المفاحم قرب يعبد

خاص بآفاق البيئة والتنمية

اقتحمت مؤخرا قوات الجيش الإسرائيلي، ترافقها ما يسمى "الإدارة المدنية" ووزارة البيئة الإسرائيلية، أكثر من أربعين مفحمة من أصل نحو 400 تقع في منطقة جنين ووادي عارة، وتحديدا في ما يسمى منطقة جـ، ودمرتها وأوقفت العمل فيها.  وتنوي "الإدارة المدنية" ووزارة البيئة الإسرائيلية مواصلة اقتحام سائر المفاحم.  وتدعي وزارة البيئة الإسرائيلية بأن أوامر بهدم جميع المفاحم التي اقتحمت قد سلمت لأصحابها منذ بضعة أشهر بواسطة "لإدارة المدنية".  وقد شكل احتجاج المستوطنين الإسرائيليين المتواصل في المنطقة ضد المفاحم وما تتسبب به من مخاطر بيئية وصحية عليهم الدافع لقيام الاحتلال بهذه العملية، وذلك بالرغم من أن الأذى الأكبر والأخطر لهذه المفاحم يقع بشكل أساسي، ومنذ عشرات السنين، على المواطنين الفلسطينيين.  إذ تنبعث من المفاحم غيوم غازية كثيفة سوداء.
وتعتاش مئات الأسر الفلسطينية من هذه المفاحم المنتشرة في منطقة جنين، والتي تنقل إليها شاحنات إسرائيلية جزءا كبيرا من المواد الخام المتمثلة بمخلفات التقليم والأشجار الهرمة المقتلعة من البيارات الواقعة في الأرض المحتلة عام 1948.  ويعد الفحم الناتج من أشجار الحمضيات من أجود أنواع الفحم.
ويعمل بعض هذه المفاحم منذ العهد العثماني.  وتعد صناعة الفحم فرعاً اقتصادياً هاما في منطقة جنين.  ويسوق معظم الفحم الناتج في السوق الإسرائيلي حيث يوجد طلب كبير على هذه السلعة.  وتولّد بعض المفاحم في برطعة الشرقية ويعبد والريحان وغيرها حركة رأس مال تقدر بعشرات ملايين الشواقل سنويا.  وتكمن مأساة هدم هذه المفاحم في أنها ستترك مئات بل آلاف العمال دون عمل يعيل أسرهم، وقد تمت عملية التدمير دون توفير مسبق لبدائل معيشية إنسانية.     
ولإنتاج الفحم، تتم عملية حرق متحكم بها للأشجار في الهواء الطلق، طيلة ثلاثة أسابيع؛ فتنبعث أثناءها سحابة من المواد المسرطنة، وبخاصة "البِنْزِن" و"الفورم ألدهيد" و"الديوكسينات".  وتزعم جهات إسرائيلية بأن هواء المنطقة يحوي تركيزا مرتفعا من الجسيمات الدقيقة المؤذية والقابلة للاستنشاق، والتي قد يتسبب التعرض المتواصل لها بتلف في الرئتين، فضلا عن خطورتها الكبيرة على الذين يعانون أصلا من أمراض مزمنة في الجهاز التنفسي، مثل الأزما، مما قد يتسبب في وفاتهم. 
وللتدليل على مخاطر المفاحم، تستشهد وزارة البيئة الإسرائيلية بأقوال بعض مواطني قرية يعبد التي تعد أكبر قرى المنطقة، ومفادها أن متوسط الحياة في القرية نحو أربعين سنة، كما أن عدد مرضى الأزما والسرطان ضعفا المعدل الفلسطيني العام.      
ومنذ بضع سنين، حاولت "الإدارة المدنية" ووزارة البيئة الإسرائيلية الاتصال مع محافظ جنين وأوساط في السلطة الفلسطينية بهدف نقل المفاحم إلى مناطق صناعية منظمة وبعيدة عن المناطق السكنية.

"الإدارة المدنية": مشروع تجريبي "صديق للبيئة" لإنتاج الفحم
وللتخفيف من الآثار الصحية والبيئية السمية الخطيرة لعمل المفاحم في منطقة جنين، تقول "الإدارة المدنية" بأنها تشرف على مشروع "بيئي" تجريبي لإنتاج الفحم ممول من الاتحاد الأوروبي، ينفذ في مقرها في "بيت إيل".  وقد عمل طاقم الإدارة المدنية المكون من مهندسين وكيميائيين إسرائيليين، بالتعاون مع خبير فلسطيني من جامعة النجاح الوطنية في نابلس (الإسم محفوظ في ملف آفاق البيئة والتنمية) على بناء نموذج لمفحمة حديثة مزودة بفلاتر وتعمل استنادا إلى مبدأ "الكربنة اللاهوائية"؛ فينبعث منها كمية هامشية من الملوثات.  وتقول "الإدارة المدنية" بأنه لدى اكتمال منشأة إنتاج الفحم الجديدة ستعمد إلى توزيعها مجاناً على أصحاب المفاحم!  ويقول بعض الخبراء الإسرائيليين بأن إنتاجية المنشأة الجديدة غير مجدية اقصاديا بعد؛ إذ أن المفاحم التقليدية المفتوحة تنتج 200 كيلوغرام فحم من كل طن من خشب الأشجار، بينما تنتج المنشأة الجديدة كمية أقل من ذلك.  ويعكف فنيو "الإدارة المدنية" على العمل لزيادة كفاءة المنشأة الجديدة لتصبح مجدية اقتصاديا.
ولتبرير حملتها ضد المفاحم، نشرت "الإدارة المدنية" في موقع "يو تيوب" فيلما وثائقيا باللغة الإنجليزية، تبين فيه أضرار المفاحم ومخاطرها. وتضمن الفيلم مقابلات مع بعض الفلسطينيين القاطنين في منطقة المفاحم، يروون فيها ما يعانونه بسبب هذه المفاحم.

عامل فلسطيني يعمل وسط التلوث الهائل المنبعث من مفحمة تقليدية في منطقة الريحان
التعليقات
الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
مجلة افاق البيئة و التنمية
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية

يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية