l غاز الميثان... من معاناة غزة كان له مكان !!
 
 
مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
تموز 2011 العدد-37
 

قوامه مخلفات حيوانية ونباتية
غاز الميثان... من معاناة غزة كان له مكان !!

عطية البرش عن مبادرته لاستخراج غاز الميثان من النفايات العضوية

سمر ومصعب شاهين / غزة

"عطية البرش" و"ماهر الجمل"... صديقان قررا أن يخوضا درب الحياة العملية وفق أسس علمية لخدمة البيئة الفلسطينية التي تعاني من ويلات التدمير من ناحية، وتذليل الصعاب التي فرضها الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أعوام أربعة من ناحية ثانية. بدأ مشوارهما بفكرة نبعت من أمور ثلاثة: الممارسات الإسرائيلية، الحصار الإسرائيلي، والحاجة إلى بدائل تمكنهم من توفير مستلزمات لا غنى عنها، لا سيما غاز الطهي الذي فُقد لشهور عديدة وكان حلماً يراود الجميع في الحصول عليه.
يقول المبدع البيئي عطية البرش: "كان الحصار الإسرائيلي الخانق الذي ضرب أطنابه في كل شؤون الحياة اليومية لسكان قطاع غزة، هو الدافع الرئيس وراء المشروع الذي بإمكانه إنتاج الغاز اللازم للطهي باستخدام مخلفات حيوانية ونباتية...، اليوم أصبحت الفكرة واقعاً ملموساً يمكن تطبيقه على أرض الواقع".
وعن بداية الحكاية، يتحدث البرش من داخل منزله في مدينة جباليا "البلد" شمال القطاع، عن قصته هو وزميله ماهر الجمل عندما التحقا بالجامعة في ظل الحصار المفروض على غزة، حيث وصلا إلى المستوى الرابع، وحان موعد ولادة أفكار أبحاث التخرج، وفي ظل الحصار وأزمة الغاز التي تمثلت تداعياتها بالطوابير الكبيرة عند محطات الغاز، والمبيت أحيانا هناك للحصول على عدة لترات منه؛ علما بأن أهالي القطاع استعملوا كافة الوسائل البدائية المضرة بالبيئة في عمليات الطهي، لذلك، فكر البرش وزميله في تنفيذ مشروعٍ للتخرج يساهم في حل هذه الأزمة.

البيئة والإنسان
ويتابع البرش (23 عاماً) الذي تخرج عام 2010 من الجامعة الإسلامية تخصص البيئة وعلوم الأرض، ونبرات صوته تحمل في طياتها الأمل بغدٍ بيئي: "أفكارنا جُلّها كانت تهدف إلى توفير البدائل لمواد شحت وفقدت بسبب الحصار، فاتفقنا على أن تخدم البيئة كما الإنسان، وقمنا بعرض فكرتنا وهي توفير غاز بديل للطهي، على الدكتور المشرف على مشروع التخرج "زياد أبو هين"، فوافق على الفكرة وشجعنا على تنفيذها".
ويسرد البرش حديثه ويشير بيديه إلى الجهاز المعروض أمامنا في منزله: "توجهت برفقة صديقي وزميلي ماهر الجمل إلى السوق، بعد أن قمنا بتحديد احتياجاتنا وبدأت رحلة البحث عن المواد اللازمة للمشروع"، مشيراً أن بعض المواد اللازمة لتنفيذ المشروع لم تكن متوفرة بسبب الحصار، لكنهما استعاضا عنها بمواد بديلة، وباشرا في تنفيذ المشروع.
ويشرح البرش الذي يواصل دربه نحو الدراسات العليا، أن الجهاز يتألف من ثلاث وحدات: الوحدة الأولى عبارة عن حاوية الفضلات أو ما يُسمّى بالهاضم، والوحدة الثانية هي وحدة الفلترة، أو "المحلول المرشح"، والوحدة الثالثة عبارة عن أسطوانة تجميع الغازات، بحيث توضع المخلفات العضوية في البرميل وهي لزجة ويتم إحكام إغلاقه، وبعد 21 يوما تبدأ عملية التحلل؛ فيخرج أثناءها غاز الميثان بنسبة 70% والباقي عبارة عن شوائب.
ويلفت الانتباه إلى انه وزميله تمكنا من تحضير محلول كيميائي يُسمّى هيدروكسيد الكالسيوم، بحيث لا يتفاعل مع الميثان ويعمل على امتصاص الشوائب؛ فيخرج غاز الميثان نقياً، ويتم تجميع الغاز المصفى في أنبوبة لتجميع الغازات بحيث يمكن استعماله بعد ذلك في المنزل وغيره من المرافق الحيوية العامة، أما المتبقي من الفضلات فيمكن ان يستعمل كمحسّن للتربة.

قابلة للتطبيق
ويرى البرش أن الفكرة قابلة للتحقيق في غزة لتوفر المخلفات العضوية النباتية والحيوانية والآدمية، منوهاً إلى أن 70% من مخلفات البلدية عبارة عن مخلفات عضوية يمكن استغلالها.
وعن التكلفة المادية للمشروع فأشار إلى أنها تبلغ 250 دولار، لافتاً إلى أن كل 12 كغم من المخلفات العضوية تُخرج كغم واحداً من الغاز النقي، الأمر الذي يساعد على سد جزءٍ من احتياجات المواطنين في ظل نقص الغاز، وتقليص الكميات المدخلة من جانب سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
ويقول البرش الذي استفاض في شرح مشروعه الذي اعتبره خطوة رائدة تحمل في جعبتها المزيد:  "سأواصل العمل برفقة صديقي من أجل تعميم الفكرة سيما وأنها قابلة للتطبيق في كل منزل على حد سواء، وتكلفتها بسيطة والعائد منها كبير".
ويلفت الانتباه إلى أن كميات الغاز التي يعمل على استخراجها شهريا قد يتم توزيعها على الجامعات والكليات ذات العلاقة، بهدف البحث العملي، ويضيف مبتسماً:  "حتى اللحظة لم استخدم الغاز بصورة شخصية؛ إذ في كل مرة أعلن فيها عن وجود كمية لا تتجاوز خمسة كغم، حتى يأتيني وافدون كثر".
ويشير البرش إلى انه سيعمل على إنشاء وحدة خاصة به في المستقبل تكون في منزله، وسيعلن للملأ: "وداعا للغاز الذي كلّف الكثيرين حياتهم عبر الأنفاق المنتشرة على الحدود الفلسطينية المصرية، ووداعا للتهديدات الإسرائيلية، ومرحبا بالمخلفات الحيوانية والنباتية".
وفي معرض رده عن السؤال حول إمكانية استخدام الحمأة المترسبة من مياه الصرف الصحي يضيف:  "كل شيء يتحلل يمكن استخدامه في إنتاج غاز الميثان(...) المطلوب هو توعية المواطنين بآلية استخدام ذلك لتطبيقه كل حسب إمكانياته".

حاوية الفضلات أو الهاضم والفلترة والمحلول المرشح وأنبوبة تجميع الغازات

مرحلتان لا ثالث لهما!!
وعن مولدات غاز الميثان يضيف البرش بأنه يتم التحلل العضوي اللاهوائي للمواد العضوية ذات المنشأ النباتي والحيواني عبر مرحلتين، حيث تتمثل المرحلة الأولى في هضم المواد العضوية وتحويلها لأحماض عضوية بسيطة بتأثير بعض أنواع من الكائنات الحية الدقيقة تعرف بالبكتيريا المكونة للأحماض.
أمّا المرحلة الثانية فتشتمل على تحويل الأحماض العضوية إلى غاز الميثان و CO2 بتأثير نوع من الكائنات الحية يعرف ببكتيريا الميثان، حيث يتقلص الهواء الجوي في الكتلة الحية ويتصاعد غاز CO2بعد ثلاثة أسابيع حيث تزداد معدلات إنتاج الميثان، لتتعدى نسبة 50% من جمله الغاز الناتج.
وعن العوامل التي تؤثر في تكوين غاز الميثان داخل الجهاز يقول:  "درجة الحرارة والمواد السامة، ودرجة الحموضة والقلوية إضافة إلى استخدام البادئات".
ويأمل البرش في تبني المشروع من قبل المسؤولين والحكومة الفلسطينية بهدف خلق واقع بيئي سليم من ناحية، والتخلي ولو جزئيا عن إسرائيل من ناحية أخرى. مشيراً إلى استيعاب وزارة البيئة ضمنياً للفكرة وإعرابها عن أملها في بناء محطة لاستخراج غاز الميثان، سيما وأن المجتمع الفلسطيني يمتلك الكثير من المخلفات.
"الأيام وحدها كفيلة بإثبات نجاعة المشروع إذا ما طبق بصورة كبيرة، إذ يمكن ان تصل كمية الغاز المستخرج إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي، كما أن استعمال هذه الطريقة يوفر ثمن إعادة تعبئة اسطوانات الغاز ذات الكلفة والعناء الباهظين". ختم البرش

التعليقات

أين سلطة البيئة من جميع هذه المبادرات البيئية الذاتية؟

داود نادر

 

الأمر العجيب أن الحكومة التي تدعي أنها حكومة مقاومة لا ترعى مثل أولئك المبدعين البيئيين الذين بإمكانهم لعب دور نوعي في تغذية اقتصاد الصمود في ظل الحصار التجويعي ...

محمد طبراني

 

الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 

  مجلة افاق البيئة و التنمية
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية

يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية