مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
تموز 2011 العدد-37
 

خربة الطويل مهددة بتلاشي طابعها الزراعي بفعل الاحتلال الإسرائيلي

أراض شفاغورية خصبة في خربة الطويل مستهدفة من الاحتلال الإسرائيلي

رائد جمال موقدي
خاص بآفاق البيئة والتنمية

على امتداد الأراضي الشفاغورية جنوب شرق بلدة عقربا، حيث تقع خربة الطويل بالقرب من نابلس، تلك الخربة التي كانت مأهولة على مر العصور والأزمنة بمختلف الحضارات القديمة، فالحجارة والبنايات الأثرية بالإضافة إلى خزانات المياه هم أكبر شاهد على أصالة تلك المنطقة، التي كساها الله طابعاً جمالياً وخص تربتها الخصبة بالقدرة على الإنتاج والعطاء الوفير، لدرجة أنها كانت في الماضي مصدراً للخير ومقصداً لكل الباحثين عن الاستثمار في قطاع الزراعة لوفرة الأراضي الرعوية هناك، والتي تمتد على مساحة ثلاثين ألف دونم وهناك حوالي عشرة آلاف دونم أخرى تعتبر زراعية، وتزرع بالمحاصيل الحقلية السنوية كالقمح والشعير والبقوليات وبعض الخضروات البعلية.
وكانت خربة الطويل قديماً تزرع بالسمسم والذرة الصفراء. وكانت تبيع من ناتجها وتصدره إلى اغلب المدن والقرى في فلسطين. وهناك عقود بيع في سجلات المحكمة الشرعية في نابلس تثبت بيع كمية من السمسم إلى تجار من مدينة يافا. وبذلك تعد أراضي خربة الطويل (وما حولها) من أخصب الأراضي الزراعية في منطقة نابلس على الإطلاق.
ولكن على مدار الأيام والسنين وتغير الأزمنة، تبدل حال الخربة الوادعة التي بدأت تفقد حلتها الخضراء ورونقها الجميل، حيث يعكس هذا الحال واقع المئات من المناطق الزراعية والخرب الريفية المنتشرة على طول الأغوار الفلسطينية.

خربة الطويل والاستيطان
فمنذ اللحظة الأولى لاحتلال الضفة الغربية وضع الاحتلال في صلب أجندته، السيطرة على موارد المنطقة الزراعية والمائية، فكانت خربة الطويل أحد أهداف الاحتلال الإسرائيلي، وكانت المستوطنات الإسرائيلية أحد الطرق التي استخدمها الاحتلال في سرقة الأرض، فهذه المستوطنات قد أكلت الأخضر واليابس حيث ابتلعت سبعة آلاف دونم من أراضي الخربة، من خلال إقامة عشر مستوطنات زراعية وسكنية وعسكرية على أراضي الخربة والتي من أبرزها- وفق دراسة أعدها معهد أريج للأبحاث التطبيقية- مستوطنة "جيتيتو" التي تأسست عام 1973 ويبلغ عدد المستوطنين فيها 191 مستوطناً، وابتلعت 1720 دونما من أراضي الخربة. وهناك أيضاً مستوطنة "معالي أفريمو" التي تأسست عام 1970 ويبلغ عدد المستوطنين فيها 1423، وابتلعت هي الأخرى 4778 دونما.
كما أقيم على أراضي الخربة حي تابع لمستوطنة ايتمار والذي تأسس عام 1984، وعدد المستوطنين فيه 651 مستوطنا، ومقام على مساحة 7189 دونماً من أراضيها.
ولم يقف الأمر عند بناء المستوطنات ومصادرة الأراضي، بل تم مصادرة آلاف الدونمات تحت حجج أملاك غائبين "نازحين"، أملاك دولة، محميات طبيعية، مناطق عسكرية، أراضي مغلقة لأغراض التدريب العسكري، وكذلك متنزهات وأنصاب تذكارية لقتلاهم في الحروب.

أملاك الغائبين وسرقة الأراضي
يذكر أن سياسة مصادرة الأراضي تحت ما يسمى أملاك غائبين ألقت بآثارها السلبية على خربة الطويل التي هجرها معظم المزارعين إبان حرب عام 1967، فابتكر الاحتلال وسيلة لسرقة الأرض عبر ما يسمى قانون أملاك الغائبين والذي يعطي "الشرعية" للاحتلال في سرقة مساحات واسعة من أراضي الطويل، حيث قدّرت  الأراضي المصادرة بنحو 1200 دونم.
كما ابتكر الاحتلال فكرة المناطق العسكرية المغلقة التي تهدف إلى الاستيلاء على اكبر قدر مستطاع من الأراضي الزراعية وتحويلها لصالح عمليات الاستيطان في خربة الطويل، حيث أن معظم الأراضي التي صادرها  الاحتلال من خربة الطويل كانت تحت شعار مناطق عسكرية تستخدم في توسعة الاستيطان الزراعي هناك، وقد تم إعطاؤها للمستوطنين دون أي ثمن من أجل استغلالها زراعيا، ومن ثم تسويق منتجاتها إلى السوق الفلسطينية والإسرائيلية.

مساحات زراعية صغيرة جدا هي ما تبقى لآهالي خربة الطويل وهي أيضا مهددة بالمصادرة والتهويد

التنوع الحيوي مهدد في خربة الطويل
بالإضافة إلى ما تقدم، أثّرت عملية سرقة الأرض بهدف إقامة المستوطنات ومعسكرات التدريب على التنوع الحيوي الفريد في المنطقة، خاصة إذا ما علمنا أن هناك تنوعاً فريداً من نوعه لنباتات الزينة في المنطقة وكذلك الطيور البرية، وهذا التنوع مهدد بالانقراض نتيجة تحويل قسم كبير من خربة الطويل إلى قواعد عسكرية، ومعسكرات لدبابات الاحتلال الإسرائيلي.
وبالاستمرار في هذه السياسة الإسرائيلية ستفقد المنطقة برمتها مصدراً غذائياً هاماً، علاوة على كونه منظراً جمالياً في المنطقة، في الوقت الذي يغض فيه المجتمع الدولي النظر عن الأبعاد الاقتصادية والإنسانية التي تحدث في المنطقة.
لكن ما يدعو للخجل هو الضعف في إعلامنا الفلسطيني وعدم التركيز بشكل جدي وواضح على الآثار السلبية الذي يمر به قطاعنا الزراعي نتيجة ممارسات الاحتلال المختلفة، حيث يتعامل إعلامنا مع قضايا مصادرة الأراضي الزراعية كما يحدث من حرب إبادة للمزارعين في خربة الطويل، من خلال خبر صغير في جريدة أو تقرير بسيط في صفحة إعلامية على الانترنت، وهذا يشجع الاحتلال على التمادي في مخططاته في الاستيلاء على تلك الأراضي.
وبحسب اتفاقيات أوسلو عام 1993 مُنِح للاحتلال شرعية بسط نفوذه في خربة الطويل بعد أن حولت جميع أراضي الخربة إلى ما يسمى منطقة جـ، حيث يحق للاحتلال فرض سيادته الكاملة عليها، وهذا الواقع موجود في معظم الأراضي السهلية والغورية، مما يهدد الاقتصاد الزراعي الفلسطيني بشكل كبير، ويحوّل الضفة الغربية إلى كيان يعتمد على الاحتلال في توفير احتياجاته الغذائية.

التعليقات

 

الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
مجلة افاق البيئة و التنمية
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية

يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية