مبادرات بيئية :
منزله محمية برية صغيرة يسعى لتعميمها عبر متحف حيوي للطبيعة في عين عريك
"جرين واي" أو الطريقة الخضراء... مغامرة بيئية لغسيل السيارات تبناها الصحافي إبراهيم الحصري
|
|
إبراهيم في حديقته المنزلية يلعب مع الغزال |
إبراهيم في محميته الطبيعية المنزلية |
حاورته: ربى عنبتاوي
خاص بآفاق البيئة والتنمية
وظف حسه الصحافي للتغلغل في قضايا بلاده بحلوها ومرها، ولأنه متذوق للجمال ومحب للأرض والطبيعة، قرر أن يساهم بشيء بسيط تجاه البيئة المنتهكة يومياً، وخاصة المياه المسلوبة لصالح الاحتلال، وسعى لتجاوز مشكلة شح الأمطار في السنوات الماضية عبر تعيم ثقافة "لا لهدر المياه في غسيل السيارات"، فأسس شركة "جرين واي" أو الطريقة الخضراء، وغامر مع شريكه بالمال من أجل الحفاظ على البيئة، الماء والوقت. فكان لنا الحوار التالي مع الصحافي متعدد الاهتمامات، ابن مدينة رام الله "إبراهيم الحصري" .
عن مغزى "الطريقة الخضراء" التي تأسست أوائل العام الحالي، قال الحصري: "هي الطريقة الحديثة لغسيل السيارات، بحيث يتم تنظيفها وتلميعها والعمل على حماية سطحها وكل ذلك ب 15 دقيقة فقط، حيث ترش مادة سائلة من مرش صغير "بخاخ" على سطح السيارة ثم تمسح بفوطة قطنية، وبفوطة أخرى تلمع، حيث يظهر السطح براقا ولامعا ونظيفا".
وحول سر تلك الخلطة التي تستغني عن الماء، أشار الحصري إلى أنها مكونة من 16 مادة طبيعية مثل جوز الهند، البابونج، الزعتر...، لكن المادة الأكثر تركيزاً هي في نخل الكارنوبا الذي ينمو فقط في شمال شرق البرازيل، بحيث تعتبر المواد المستخرجة من أوراق النخيل مثالية في الصناعات الدوائية ومستحضرات التجميل، وتتوافق مع المواصفات الطبية الأوروبية والبريطانية والأمريكية. بحيث تتماسك ذرات شمع الكرنوبا على سطح السيارة وتضفي اللمعان، عدا عن حماية السيارة من ضرر أشعة الشمس، والأمطار الحامضية والأوساخ وغيرها من ملوثات البيئة.
"العام الماضي، نظفت سيارتي من الداخل والخارج في أحد الكراجات، وبعد التنظيف أصبت بأنفلونزا حادة، وقد تكررت هذه الحالة عدة مرات، فاستنتجت أن الفوطة التي تنظف فرش سيارتي، تمر على مئات السيارات قبلي، ما يعني تراكم الجراثيم والفيروسات من سيارة إلى أخرى....هذه الحقيقة أصابتني بالذعر" يسرد الحصري قصته مع التنظيف التقليدي للسيارات.
يضيف الحصري بأن هذا "البخاخ" صديق للبيئة فهو يمنع هدر المياه، ولا يحوي موادَ كيماوية تضر البيئة والإنسان، بينما ماء غسيل السيارات يلوث التربة والمياه الجوفية بالشحوم والزيوت الضارة والمواد الكيماوية السامة القاتلة للأرض والإنسان، والتي تتفاعل مع دهان السيارة لتقضي على لمعانها مع الوقت، عدا عن توفير الوقت المهدور في انتظار صف غسيل السيارات في الكراجات، حيث يتوجه طاقم "الطريقة الخضراء" إلى حيث توجد السيارة.
وحول اكتشافه لهذا البخاخ العجيب الذي يصفه بأنه ثورة تكنولوجية بيئية، فأفاد الحصري بأنه تعرف عليه عبر إخراجه لفيلم وثائقي حول المياه في فلسطين، وذلك من خلال إطّلاعه على تجربة الولايات المتحدة المصنعة لتلك المادة، فاقترح الفكرة على شريك له وقام الأخير بتمويل شراء الوكالة الحصرية لهذا المنتج، وإلى جانب دولة قطر تكون فلسطين سباقة في هذا المجال في الوطن العربي.
للحصري عتب كبير على العديد من المؤسسات الرسمية والأهلية ذات العلاقة بالبيئة، حيث أنها لم تدعم فكرته، أو تساعده في تعميمها، فتركوه يبدأ من الصفر ويخطو خطوات بطيئة لكنها –على حد قوله- مفعمة بالثقة والأمل لجعل هذه التجربة ثقافة سائدة. ويقول في هذا الصدد:" منذ تأسست الشركة، لم نضيع الوقت بالتنظير والملصقات والمؤتمرات...، بل بدأنا العمل وهذا شعارنا بأن العمل هو أكبر شهادة لنا".
يأمل الحصري انتشار "الطريقة الخضراء" لتصل جميع محافظات الوطن حيث يستفيد منها اليوم أهالي رام الله والخليل وبيت لحم، كما يسعى لتطويرها لتشمل أيضاً تنظيف أثاث وزجاج البيوت، وبالرغم من أن الإقبال في الوقت الحالي على غسيل السيارت لا يتجاوز 15 سيارة يومياً، إلا أنه يؤكد عدم استسلامه، لإيمانه بالمواطنين الذين يملكون النضج وحرية القرار.
وليس بعيداً عن "الطريقة الخضراء" يحضّر الحصري لمشروع محمية طبيعية على رقعة أرض تبلغ مساحتها ثمانين دونماً، حيث أقنع أصحابها بتسخيرها لهذا المشروع الذي سيحوي نباتاتٍ وزهوراً وطيوراً وحيوانات برية فلسطينية، فيكون مركزَ أبحاث ومتحفاً تربوياً للطلاب والمهتمين، ومن خلاله يتم حماية أنواع الطيور والحيوانات والنباتات المعرضة للانقراض، عبر تكاثرها الطبيعي.
يربي الحصري في بيته غزلاناً وكلاباً ودجاجاً وبطاً وعصافير، ووقته مليء بين عمله كمراسل للإعلام المرئي مع وكالة الأنباء الفرنسية، وإذاعته في طوباس (يملك الحصري صوتاً ذهبياً)، وبالطبع مشروع "الطريقة الخضراء" وتربية ولديه الصغيرين، بالإضافة إلى التخطيط لمشروع المحمية الطبيعية وقراءاته المتخصصة في كتب الطبيعة، عدا عن تدريبه الرقص المعاصر للفرق المحلية، حيث كان يهوى الرقص الشعبي في الماضي ويراه ملاذاً تعبيرياً للتخفيف من ضغوطات الحياة.
وحول أمنيته فيحلم الحصري بأن يعيش أولاده في بيئة أكثر أمناً وأقل تلوثا، ويأمل أن تحشد المؤسسات الفلسطينية جهدها في العمل من أجل البيئة، بدلاً من هدر الأموال على المؤتمرات والمطبوعات والملصقات التي تلوث البيئة ولا تصنع ذاك التغيير.
|
|
إبراهيم يشرف على تنظيف العمال للسيارات بالطريقة الخضراء |
تنظيف السيارات بالطريقة الخضراء |
|