مكبات النفايات العشوائية تهدد البيئة والتنوع الحيوي في سلفيت

مكب نفايات عشوائي بين مدينة سلفيت و بلدة بروقين

رائد جمال موقدي
خاص بآفاق البيئة والتنمية
 
    ينتشر عدد كبير من مكبات النفايات بشكل عشوائي في أريافنا، ويدعي البعض بأن تلك المكبات شر لا بد منه، في ظل عدم وجود محطات لترحيل النفايات تخدم مجموعة من التجمعات الفلسطينية، بحيث يناط بتلك المحطات تجميع وأحيانا تدوير نفايات تلك المجموعة من القرى والبلدات، قبل أن يتم نقلها إلى مكب زهرة الفنجان في منطقة جنين، على غرار ما هو حاصل في محطة الصيرفي لترحيل النفايات شرق مدينة نابلس.
   ولكن هذا لا يعطي بأي حال من الأحوال مبررا لانتشار المكبات بشكل عشوائي وغير مدروس، وهذا يدعونا إلى التساؤل عن دور المجالس المحلية -التي  يفترض أن لها الدور الريادي في الحرص على رفاهية وسلامة المواطنين- في اختيار مواقع المكبات، وعلى أي أسس يتم اختيار الموقع؟ وهل يتم مراعاة الجوانب البيئية والصحية عند اختيار الموقع بالتنسيق مع وزارة الصحة؟
    فبالنسبة إلى بلدية سلفيت على سبيل المثال لا الحصر، أكد اشرف زهد رئيس قسم صحة البيئة في البلدية، أن مكب  نفايات بلدة سلفيت الحالي، تم اختياره على اعتبار انه يقع  بعيداً عن البيوت وعن المخطط الهيكلي للبلدة، ولا يؤثر على السكان بشيء، وكذلك لا يؤثر بشكل أو بآخر على المياه الجوفية والينابيع في البلدة.
  ولكن على ارض الواقع عند زيارتنا الميدانية إلى المكب، تبين تسببه بكارثة بيئية  في المنطقة خاصة أن هذا المكب، يتوسط غابة من الزيتون المثمر وفيها عدد كبير من الزيتون الرومي، حيث قامت البلدية بتجريف مساحة من الأرض هناك، لإقامة هذا المكب والذي ألقى بظلاله السلبية على طبيعة التنوع البيئي هناك، علاوة  على تشويه المنظر الجمالي للمنطقة.
     إلى الغرب من مدينة سلفيت حيث تقع بلدة بروقين،  والتي يعد مكب النفايات فيها  ليس بأحسن حال من غيره من المكبات العشوائية، حيث يقع شرق البلدة على جانب الطريق الواصل بين بلدة سلفيت وبلدة بروقين تحديدا في منطقة المطوي، تلك المنطقة التي خصها الله بطابع فريد من الجمال والخضرة ووفرة الينابيع المائية هناك، إلا أن مكب النفايات التابع لبلدة بروقين أبى إلاّ أن يكون عامل دمار وخراب في المنطقة، حيث أن ألسنة الدخان واللهب المتصاعدة كل فترة جراء حرق المكب، كفيلة بتلويث الجو هناك، وانتشار الغازات السامة. عدا عن إتلاف عدد كبير من أشجار الزيتون المحيطة في المكب، في وضع مشابه لمكب النفايات  التابع لبلدة كفر ثلث في محافظة قلقيلية، ومكب مدينة طولكرم وغيرها من عشرات المكبات العشوائية التي تنتشر هنا وهناك.
   بالإضافة إلى ذلك فإن مكب النفايات التابع لبلدة بروقين له تبعاته السلبية على الينابيع المائية بفعل العصارة الناتجة عن تلك النفايات، والتي تؤثر بشكل أو بآخر على الينابيع المائية المجاورة.
  و في المجمل فإن تلك المكبات العشوائية، تعتبر أيضا عاملاً مساهماً في انتشار الأمراض في المنطقة بشكل أو بآخر، حيث تعدّ هدفاً للعديد ممن احترفوا مهنة البحث عن البلاستيك والمعادن بين ركام النفايات،  ومقصداً للأطفال العابثين في تلك المكبات، حيث يسببون الضرر لأنفسهم أولاً، ويساهمون في نقل الأمراض من مكان إلى آخر ثانياً، علاوة على انتشار الحشرات والقوارض في موقع المكب.
  من جهته أكد الدكتور بنان الشيخ أستاذ التنوع الحيوي في جامعة القدس "أبو ديس"، أن المكبات العشوائية وتراكم النفايات فيها على مدار السنة مع التأثيرات المتعلقة بتقلبات الطقس، لها أثر واضح وخطر على  التربة الزراعية من خلال زيادة  نسبة السمية في التربة،  كذلك  يطال أثرها النباتات المجاورة وخاصة النباتات العشبية التي تتأثر بشكل أو بآخر، مما يؤدي  إلى  تدمير أشكال التنوع الحيوي في المنطقة.
   في المحصلة النهائية فإن معظم مكبات النفايات العشوائية تفتقد بشكل واضح  للعيان، إلى الشروط الصحية والبيئية، وتؤثر على التنوع الحيوي، لكن المعيار الأساسي عند المجالس المحلية، هو بعدها عن المخطط الهيكلي وعن المياه، و هذا بدوره يدعونا إلى التساؤل عن دور وزارة الصحة وسلطة البيئة في الرقابة على تلك المكبات.

دور خجول لوزارة الصحة
    بالرغم من دور وزارة الصحة في متابعة تلك المكبات العشوائية، ومراقبة ما يدور من خلالها  يبقى التساؤل هنا أين دور سلطة البيئة ووزارة الصحة المغيب عما يحدث من عدم الالتزام والتقيد بالقواعد      والأسس العملية في إدارة النفايات في تلك المكبات العشوائية القائمة؟ وهل القانون يجيز حرق النفايات بشكل عشوائي كما يحدث في معظم المكبات العشوائية تحت نظر مفتشي وزارة الصحة؟  هل يسمح بإلقاء المواد المطاطية والكيميائية سريعة الاشتعال بالشكل العشوائي كما يحدث في تلك المكبات؟
هذه التساؤلات، تبقى على طاولة البحث أمام المسؤولين الذين يدّعون أن تلك المكبات شر لا بد منه، ولكن هذا لا يعني عدم مراقبة تلك المكبات أو إخضاعها للأسس السليمة  في التخلص من النفايات.

مجلس الخدمات المشترك في نابلس يسجل خطوة إلى الأمام في معالجة النفايات
   يعكف مجلس الخدمات المشترك لإدارة النفايات الصلبة في محافظة نابلس في الآونة الأخيرة، على وضع خطة إستراتيجية هدفها الحد من حجم الكوارث البيئية التي تنتج عن النفايات الصلبة، حيث أوضح الدكتور عزام حلاوة مدير قسم صحة البيئة في بلدية نابلس: " أن البلدية لوحدها تصدر شهريا ما معدله  180 طناً من النفايات المختلفة، علاوة عن النفايات الصادرة من 56 تجمعاً بلدي وقروي محيط بالمدينة وهذا بدوره دفع  مجلس النفايات الصلبة إلى التفكير جيدا في طريقة للحد من حجم التلوث الذي ينتج عن المكبات العشوائية التي باتت تنتشر في أرياف المحافظة، حيث من بين الطرق المطروحة كان إنشاء ثلاثة مراكز تجميع نفايات تخضع للشروط والمواصفات الصحية والبيئية حيث يتم في تلك المراكز فصل وفرز النفايات تمهيدا لنقل المتبقية إلى مكب زهرة الفنجان في محافظة جنين، والمراكز المقترحة الثلاثة، يقع الأول منها:  بين بلده بيتا و بلدة عقربا حيث يخدم 16 قرية تقع جنوب وغرب محافظة نابلس، والمركز الثاني: شرق المحافظة         ( الصيرفي)،  يخدم المدينة و 13 تجمعاً ريفياً محيطاً بالمدينة، أما الثالث: فيقع في بلدة بيت إيبا، ويخدم قرى شمال شرق المحافظة، في خطوة من شأنها الحد من المكبات العشوائية.

مكب نفايات عشوائي في منطقة سلفيت

من جهة أخرى، شرع مجلس النفايات الصلبة في محافظة نابلس في خطوة ريادية من نوعها، إجراء عملية فصل لمخلفات الكرتون أثناء عملية جمع النفايات الصلبة في المحافظة. حول هذا الموضوع عقّب المهندس حافظ شاهين رئيس المجلس بالقول: "إن هذه الخطوة تهدف إلى جمع مخلفات الكرتون ضمن خطة المجلس الإستراتيجية ومن ثم إعادة تدويرها لتعود بالنفع من جديد على  السكان،  وتوفر دخلا  جيدا  من وراء ذلك، حيث تأتي هذه الخطوة كمرحلة أولى، وأن سمحت الإمكانيات والظروف، سوف ندرس في المستقبل فكرة فصل مخلفات البلاستك والمعادن، ولكن تحتاج الأمور إلى دراسة و خطة مع توفر البيئة والدعم المناسبين لتنفيذ هذا المخطط في المستقبل".

التعليقات
الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
مجلة افاق البيئة و التنمية
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية

يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية