ماذا يختفي خلف "الحماسة" لتحلية مياه بحر غزة؟

بحر غزة

ج. ك.
خاص بآفاق البيئة والتنمية

عاد بعض الممولين الغربيين، مؤخرا، للحديث عن ضرورة إقامة منشآت لتحلية مياه البحر في قطاع غزة؛ باعتبار أن التحلية تشكل الحل السحري لأزمة المياه الخطيرة في القطاع.  ويسعى أولئك الممولون وأنصارهم الفلسطينيون المؤيدون لفكرة التحلية، إلى تغييب ليس فقط الأبعاد السياسية الأمنية الإستراتيجية الإسرائيلية الكامنة خلف الدعوة إلى تحلية مياه البحر؛ بل يعمدون أيضا إلى تهميش المخاطر البيئية الكبيرة التي ستتسبب بها مشاريع التحلية في فلسطين.
ويتمثل أول هذه المخاطر في احتلال مساحات كبيرة من الأراضي؛ إذ أن منشآت التحلية تحتل مساحات واسعة من الأراضي مرتفعة الثمن، بمحاذاة شواطئ البحر.  وبالطبع، مثل هذه المشاريع بقطاع غزة الصغير جدا بمساحته، ستفاقم الازدحام السكاني الكبير الذي يعاني منه الغزيون، والذي يعد الأعلى في العالم.
كما يعد التلوث بالضجيج من أبرز أشكال التلوث الناجم عن مشاريع تحلية المياه، وبخاصة في المناطق الصغيرة بمساحتها والمكتظة سكانيا، كما حال القطاع؛ وينتج هذا التلوث من مضخات الضغط العالي والمولدات الخاصة بإنتاج الطاقة.  علاوة على الأذى الكبير الذي سيلحق بالطبيعة وبمشهد البيئة البحرية؛ والناجم أساسا من المباني والمنشآت والأنابيب وما إلى ذلك.
يضاف إلى ذلك الأضرار المتوقعة على الأنظمة الإيكولوجية والبيئة البحرية؛ نتيجة تثبيت الأنابيب وضخ كميات ضخمة من مياه البحر؛ ومن ثم إعادة ضخ المخلفات الملحية إلى البحر؛ إلى جانب ضخ الكيماويات والمواد العالقة والحديد ومواد أخرى ناتجة عن التحلية، إلى البحر أيضا.  ناهيك عن الاستهلاك الضخم للطاقة؛ إذ أن عملية التحلية تستهلك كميات كبيرة من الكهرباء طيلة أشهر السنة.  وأخيرا، مفاقمة تلويث المياه الجوفية الملوثة أصلا في قطاع غزة، بسبب تسرب مزيد من المياه المالحة إليها، مما سيقضي نهائيا على ما تبقى من مياه جوفية قليلة صالحة للشرب.
ونتيجة عمليات التحلية، يتوقع أن يتحول لون مياه البحر في شاطئ غزة إلى الأحمر؛ وذلك نتيجة التقاء الحديد بالمياه.              

إسرائيل أكبر "المتحمسين" لتحلية مياه بحر غزة
اللافت أن إسرائيل تعد أكبر "المتحمسين" لحث الفلسطينيين على تحلية مياه بحر غزة، أو شراء المياه المحلاة من إسرائيل ذاتها. ويكمن وراء هذه "الحماسة" دافع سياسي-أمني-استراتيجي يتمثل في ضمان إسرائيل مواصلة نهبها شبه المطلق للمياه الفلسطينية العذبة، وبالتالي مطالبة الفلسطينيين بسد عجزهم المائي الخطير الناجم عن السرقة الإسرائيلية المفتوحة للمياه، من خلال إنتاج أو استعمال المياه المحلاة؛ وبالتالي تكريس النهب الإسرائيلي للمياه العذبة.
ومن الواضح، أن مثل هذه المشاريع تصب في سياق المشاريع الإسرائيلية المائية الإستراتيجية الهادفة إلى تثبيت وشرعنة النهب الإسرائيلي الضخم للموارد المائية الفلسطينية؛ علما بأن الوضع المائي الذي كان سائدا منذ ما قبل أسلو وحتى اليوم لم يتغير في الجوهر، بل إن الاتفاقيات ثبتت الوضع القائم قبلها؛ إذ لا تزال إسرائيل تسيطر وتتحكم بشكل فعلي وكامل ومطلق بموارد المياه الفلسطينية واستخداماتها وإدارتها وتوزيعها.
الجدير ذكره أن إسرائيل طالما ادعت في السنوات الخمس الأخيرة بأنها خصصت قطعة أرض لإقامة منشأة لتحلية مياه البحر لصالح السلطة الفلسطينية، وذلك في المنطقة الصناعية بمدينة الخضيرة!  إلا أن سلطة المياه الفلسطينية نفت جملة وتفصيلا علاقة السلطة الفلسطينية بادعاء إسرائيل حول منشأة تحلية مياه البحر.
وقبل التفكير بحلول لأزمة المياه، مدمرة للبيئة ومثبتة لسرقة إسرائيل لمواردنا المائية العذبة، يجب أولا وقف النهب الإسرائيلي للمياه الجوفية والسطحية الفلسطينية؛ والعمل على نقل المياه التي يستولي عليها الاحتلال في الضفة إلى غزة، فضلا عن وضع حد لما تقوم به إسرائيل من عمليات حجز وتحويل لمياه الأمطار المتدفقة من الضفة والأراضي المحتلة عام 1948 نحو القطاع.  


التعليقات

لقد نفت سلطة المياه الفلسطينية علاقتها بمحطة التحلية الإسرائيلية المزعومة في مدينة الخضيرة، ولكننا لم نسمع منها موقفا واضحا بخصوص مشاريع التحلية التي يخطط لها الإسرائيليون والأميركيون في غزة .
محمود عاصف الجبالي

 

الاحتلال الإسرائيلي يعمل دائما على تثبيت وتكريس نهبه لمياهنا العذبة من خلال تسويقه لشعارات بيئية كاذبة.  فتارة يريدنا أن نشرب ونروي مزروعاتنا من مياهنا العادمة المدورة، وأخرى أن نشرب ن مياه بحر غزة...ونأمل هنا أن لا تنجر خلفه جهات ومنظمات محلية وفلسطينية لتعمل مقاولا ثانويا في تطبيق مشاريعه تحت ستار بيئي أو صحي و إنساني ...
 نهلة الطبري

 

 

الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 

مجلة افاق البيئة و التنمية
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية

يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية