الأمراض السرطانية: من أسباب الوفيات الأكثر شيوعاً في الضفة والقطاع
نوعية الغذاء والعادات الغذائية السيئة من أهم أسباب سرطان الأمعاء الغليظة
خاص بآفاق البيئة والتنمية
شكلت الأمراض السرطانية، في السنوات الأخيرة، أحد أسباب الوفيات الأكثر شيوعاً في الضفة الغربية وقطاع غزة؛ إذ أن عشرات الفلسطينيين يتلقون يوميا من الأطباء الخبر السيئ الذي يُسَمِّر الأبدان: "لديك سرطان". ويعاني المصابون بهذه الأمراض من آلام جسمية ونفسية رهيبة؛ فضلا عن العبء الكبير في نفقات العلاج وفي التكلفة الاجتماعية-الاقتصادية.
ووفقا للمعطيات الطبية الحديثة المتوافرة لدى بعض المشافي المحلية؛ فقد طرأ في السنوات العشر الأخيرة ارتفاع جدي في احتمال إصابة المواطن الفلسطيني بالسرطان، وبخاصة سرطانات الثدي لدى النساء، والسرطانات بأنواعها لدى الرجال، وبخاصة سرطان الأمعاء الغليظة.
وفي المستوى العالمي، ثبت طبيا في السنوات الأخيرة، عدم دقة بعض الاعتقادات الشائعة التي مفادها أن العامل الوراثي يلعب دورا هاما في الأمراض السرطانية؛ إذ أن هذا العامل مسؤول عن 5-10% فقط من أسباب الإصابة بالسرطان. بينما يعد الإنسان مسؤولا عن النسبة المتبقية من الأسباب؛ وبخاصة تلك المتعلقة بالغذاء والتدخين والتلوث البيئي والنشاط الجسمي والكحول.
كما ثبت أيضا بأن نمط الحياة الغربي زاد كثيرا من الحالات السرطانية؛ وذلك خلافا لاعتقاد الكثيرين بأن زيادة متوسط العمر المتوقع يعد دليلا على أن وضعنا الصحي لم يكن يوما أفضل مما هو عليه الآن. إلا أن كبار السن يعدون أيضا جزءا أساسيا من الإحصائيات المتعلقة بالسرطان؛ بمعنى أن ارتفاع الحالات السرطانية يشمل جميع الفئات العمرية.
وبالرغم من أن التقدم جلب معه العقاقير الصناعية الفعالة والتكنولوجيا والخدمات الطبية المتوافرة التي قد تطيل متوسط العمر المتوقع؛ إلا أنه جلب معه أيضا أعداء لدودين للجسم البشري، مثل الغذاء المصنع المتخم بالأوساخ الكيماوية، والملوثات البيئية وقلة الحركة والإدمان على شاشات التلفاز والحاسوب والهواتف الخلوية.
صحيح أن متوسط العمر المتوقع ارتفع نسبيا؛ إلا أن الصحيح أيضا ازدياد أعداد المصابين بالأمراض المختلفة، فضلا عن الزيادة الملحوظة في مدى انتشار أنواع محددة من الأمراض، مثل السرطانات والأوعية الدموية والقلب وغيرها.
ارتفاع الإصابة بالسرطان لدينا، شبيه، إلى حد كبير، بما حصل لدى العديد من المجموعات السكانية في العالم التي تخلت عن أنماط حياتها التقليدية وتماهت مع أنماط الحياة الغربية. وهذا ما حدث، على سبيل المثال، للصينيين في الصين التي يغزوها بسرعة نمط الحياة "المُتَأَمْرِك".
وتكمن مأساة مرض السرطان في أنه يصعب تحديد سبب واحد لحدوثه. فقد يكون السبب بيئيا ذا صلة بمنازلنا المكهربة والمشبعة بالإشعاعات الكهرومغناطيسية والراديوية غير المؤينة، فضلا عن مواد التنظيف المكونة من مركبات كيميائية سامة. أو قد يكون السبب غذائيا؛ إذ أن جزءا كبيرا من طعام العديد من الناس عبارة عن مواد كيميائية مصنعة في المختبرات، كما أن الإنتاج الحيواني المفعم بالمضادات الحيوية والهورمونات لا علاقة له بالثروة الحيوانية البلدية الحقيقية؛ إذ تحول هذا الإنتاج إلى صناعة مستهترة بحياة وصحة الناس.
وإلى حد كبير، أصبحت الشركات التجارية الكبيرة وشركات الإعلانات والمصالح الاقتصادية تتحكم بصحتنا وبحياتنا اليومية، أمام سمع وبصر الجهات الصحية الرسمية التي تقف صامتة، وتمتنع عن اتخاذ إجراءات صارمة بحق الصناعات الغذائية الكيماوية أو شركات الاتصالات الخلوية أو مسوقي الأغذية الكيماوية المسمومة.
وطالما يتعرض أطفالنا بقوة للتلوث الإشعاعي أو الهوائي، أو يتناولون المسليات والسكاكر والمشروبات الكيماوية المُمْرِضَة التي تغرق أسواقنا وتباع من خلال الترويج الدعائي التجاري المغري-طالما الوضع كذلك؛ فإن التقارير الطبية القادمة ستتضمن حتما ارتفاعا إضافيا مخيفا في حالات السرطان!
أخيرا، نأمل من وزارة الصحة الفلسطينية أن تنشر تقريرا علميا حقيقيا شاملا حول الحالات الفلسطينية للسرطان، لمختلف الفئات العمرية، والعوامل المؤدية له وطرق الوقاية منه؛ بحيث يستند التقرير إلى معطيات المشافي الحكومية والخاصة، والملفات الكثيرة للعلاجات الخارجية لسرطانات فلسطينيي الضفة والقطاع (في القدس المحتلة وإسرائيل والدول العربية والأجنبية!).
التعليقات
مجلة افاق البيئة و التنمية
الصفــحة الرئيسيـــة
لماذا آفاق البيئة والتنمية
منبر البيئة والتنمية
الراصد البيئي
مشاهد بيئية
أخبار البيئة والتنمية
أصدقاء البيئة
أريد حلا
مبادرات بيئية
تراثيات بيئية
قراءة في كتاب
سياحة بيئية وأثرية
البيئة والتنمية في صور
أسرة افاق البيئة و التنمية
أعداد سابقة / الارشيف
كُتَابُنا
رسائل القراء
للاشتراك
الاتصال بنا
روابط
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية
يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.)أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء). ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة. الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
نلفت انتباه قرائنا الأعزاءإلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء منالمجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكرالمصدر .
توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة