مكبات النفايات الغزية انتهى عمرها الافتراضي منذ سنوات
خبراء يدعون لوضع خطة متكاملة لإدارة أزمة النفايات الصلبة في قطاع غزة
250 عربة كارو تستخدم لجمع النفايات في غزة
تدوير المخلفات الزراعية خلق فرص عمل كثيرة، واستثمر مورداً مهدوراً وملوثا للبيئة
|
|
|
جانب من المشاركين في ندوة النفايات الصلبة بغزة |
ماجدة البلبيسي وسمر شاهين / غزة
خاص بآفاق البيئة والتنمية
"أزمة النفايات الصلبة في قطاع غزة والحلول البيئية الممكنة" كانت عنوان الندوة الحوارية الدورية التي نظمها مركز العمل التنموي / معا، ومجلة آفاق البيئة والتنمية بمشاركة مجموعة من الخبراء والاختصاصين في قطاع البيئة، لتشخيص وتسليط الضوء على أزمة النفايات الصلبة "القديمة الجديدة"، والتحديات التي تواجه هذه القضية جراء الحصار وقلة الإمكانيات، في محاولة لاستشراف الحلول المستقبلية الممكنة للحد من هذه المشكلة المحدقة بالصحة العامة، والتي تهدد النظام البيئي بشكل عام.
مدير عام إدارة الصحة والبيئة في بلدية غزة عبد الرحيم أبو القمبز، أشار في بداية الندوة إلى أن بلدية غزة هي كبرى بلديات القطاع البالغة "25" بلدية موزعة على المحافظات الخمس في القطاع، موضحاً أن القطاع ينتج حوالي 1500 طن نفايات يومياً وتشكل النفايات العضوية منه من (60-65%) والبلاستيك(12%)، الورق(11%)، الحديد (3,5%)، الزجاج من (1-1,5%) و(7%) أخشاب ومواد أخرى.
تفاقم المشكلة
وأوضح أبو القمبز أنه قبل الأزمة، كانت هناك العديد من الآليات التي تستخدم في نقل النفايات ولكن الآن تفاقمت المشكلة، وأصبحت الآليات المحدودة والشاحنات في كل البلديات خارجة عن نطاق الخدمة كونها أُستهلكت وتحتاج إلى صيانة.
وأشار أنه رغم الظروف الصعبة واستمرار الحصار وحجز الآليات اللازمة لنقل النفايات لدى الجانب الإسرائيلي، إلا أن البلدية اجتهدت لمنع تراكم النفايات حيث استخدمت طرق بديلة وهي ( عربات الكارو) لحين تغير الظروف وفك الحصار، لافتاً أن البلدية لديها (160) موظف وتخدم(600،000) نسمة في مدينة غزة، عدا عن وجود ما يقارب من (100،000) نسمة يأتون للدراسة والعمل والتسوق، حيث المراكز الحكومية، وهذا العدد يحتاج إلى خدمات، ما يشكل عبئاً على المدينة.
عربات الكارو بديل
وقال أبو القمبز:"يوجد لدى البلدية (280) عامل نظافة و(250)عربة كارو تستخدم للجمع، منوهاً أنه لم يتبق من الحاويات الصالحة للاستعمال سوى (800) حاوية من أصل (3000) حاوية تم تدميرها، وباتت خارج الخدمة"، موضحاً أن النفايات الطبية الخطرة ما زالت تشكل مشكلة، خاصة في مشفى الشفاء، أكبر مشافي القطاع، حيث تتم معالجة النفايات الطبية عبر الحرق بطريقة غير صحية ومؤذية للبيئة والسكان، عدا عن محدودية الكميات التي تعالجها.
وتطرق إلى النفايات الزراعية وهى لا تقل خطورة عن غيرها من النفايات، ولكن هناك خطة لتحويل هذه النفايات إلى سماد عضوي بمواصفات جيدة ولكنها ما زالت تحتاج إلى دراسة جيدة ومعمقة، موضحاً أن النفايات الناجمة عن أعمال الهدم والبناء، أصبحت مصدراً للثراء في وقت الأزمات بعد أن كانت مشكلة في السابق، وقد جرى استخدام مخلفات البناء بعد تدويرها في رصف الطرقات وعمليات البناء والتشييد. كما تطرق إلى مشكلة الحمأة، وهي ما زالت تعتبر مشكلة المشاكل اليوم على حد تعبيره.
الأنفاق وزيادة نسبة الورق
وتطرق أبو القمبز إلى دور الأنفاق في زيادة نسبة الناتج من الورق ومن ثم البلاستيك، متوقعاً أنه في حالة إجراء دراسة، فسوف تثبت أن نسبة الورق قد تصل إلى 55%، ولكن في حالة توقفت تجارة الأنفاق فسوف تخف نسبة الورق.
ولفت أن آليات الجمع التي تتم عبر الكارو والتي جاءت عن طريق مشاريع ممولة حيث يتم جمع من (1طن-1,5طن) وكان في السابق (12) سيارة وتبقى منها (3) سيارات والتي تحتاج إلى صيانة.
وأوضح أبو القمبز أنه جرى معالجة (70%) من مشكلة التخلص من النفايات، حيث يتم حالياً التخلص وترحيل النفايات بشكل يومي، آملا أن يتم خلال نهاية العام التعامل مع المشكلة بشكل شبه نهائي.
وسرد مجموعة من الطرق لمعالجة النفايات، وفي مقدمتها التوعية الجماهيرية بتقليل حجم النفايات من المصدر، وإعادة استعمال الزجاجات البلاستيكية والنايلون والأطباق عبر عملية التدوير والتحويل، لافتاً أن عملية تحويل البلاستيك كانت مجدية في وقت الإغلاق والحصار، وكان يباع الكيلو الواحد ب 2,3 شيكل .
وتحدث أبو القمبز عن طاقة المكبات الموجودة في القطاع حيث تبلغ سعة مكب غزة المقام على مساحة (200) دونم شرق منطقة جحر الديك والذي يستقبل (1000) طن يومياً، في حين يستقبل مكب المنطقة الوسطى (300) طن، ويتسع مكب مدينة رفح الأصغر حجما من (120-150) طناً.
وأشار إلى أن بلدية غزة، قد صممت مكاناً آمناً لجمع وطمر النفايات الصلبة بطريقة صحية، وذلك للتخلص من النفايات والسيطرة على مخاطرها البيئية، ومنع تسربها إلى المياه الجوفية والتربة.
وقدم المهندس أبو القمبز جملة من التوصيات والاقتراحات، التي من شأنها أن تحد من أزمة النفايات وفي مقدمتها إنهاء الحصار والسماح بدخول الشاحنات الموجودة في مدينة رام الله، التي تحتاج لإذن الدخول من الجانب الإسرائيلي، ثم مناشدة المؤسسات الدولية لتمويل مشاريع يتم من خلالها شراء شاحنات لنقل النفايات، سرعة استبدال الأراضي الخاصة والملاصقة لمكب النفايات بأخرى حكومية، توعية المواطنين والجهات التي لها علاقة بإنتاج النفايات، تشجيع المواطنين على الحد من إنتاج النفايات وفرزها، قيام الحكومة بدعم مشاريع النفايات الصلبة، وضع إستراتيجية وطنية للتعامل مع النفايات الصلبة، وغربلة النفايات الصلبة القديمة الموجودة في مكبات القطاع الثلاثة، وفتح مناطق سكنية جديدة.
الآثار الصحية والبيئية
وتحدث منسق المشاريع في مركز العمل التنموي / معاً م.ماجد حمادة، حول الآثار الصحية والبيئية الناجمة عن النفايات الصلبة وتشويهها المظهر الحضاري، موضحاً أن دراسات المسح الميداني بينت أن ما نسبته (45 _ 50% ) نفايات صلبة منزلية من مجمل كميات النفايات المنتجة في القطاع، حيث ينتج الفرد الواحد حوالي 1 كغم من النفايات، مشيرا إلى أن النفايات الصلبة في تزايد حيث من المتوقع أن تصل إلى (1600) طن يوميا في العام 2016.
وبين م.حمادة أن النفايات الصلبة لها آثار بيئية خطرة، وذلك من خلال الحرق العشوائي لنفايات وانبعاث الغازات السامة منها، إضافة إلى اختلاط النفايات الطبية السامة والمعدية والخطرة مع نفايات البلدية، وتراكم الكميات الهائلة من ركام المباني، موضحاً أن هناك جهلاً من حيث معرفة مصير النفايات الصلبة وخطرها على الأجيال القادمة.
|
مداخلة عبد الرحيم أبو القمبزمدير عام إدارة الصحة والبيئة في بلدية غزة |
المطبخ يتصدر
وأشار أن (75%) من مخلفات النفايات الصلبة ناجمة من المطبخ، موضحاً أن معظم المكبات الموجودة قد انتهى عمرها الافتراضي منذ سنوات، ولكن الأزمة الحالية والحصار وقلة الإمكانيات ساهمت في مواصلة العمل في المكبات الثلاثة المتواجدة في القطاع.
ودعا إلى عمل دراسات مستفيضة ومتخصصة لتحديد كمية النفايات الصلبة في القطاع، بالإضافة إلى فرض المراقبة المستمرة للمكبات بالتزامن مع تنفيذ حملات توعية عن المخاطر البيئة والصحية الناجمة عن النفايات الصلبة، وفصل وتصنيف النفايات المنزلية وسن قوانين رادعة وقابلة للتنفيذ وكذلك الاهتمام بجلب تمويل لدعم مشاريع لإعادة تدوير النفايات.
النفايات الإلكترونية
وأشار مدير عام المصادر البيئية بسلطة جودة البيئة م.زكي زعرب في مداخلته، إلى أن النفايات الالكترونية هي الأكثر خطورة على الصحة العامة والبيئة، كونها لا تدرك بشكل مرئي ومباشر ويجهل مكان وجودها، باعتبارها نفايات صلبة غير متحللة كالنفايات الأخرى.
وأوضح زعرب أن مخاطر النفايات الالكترونية تكمن في تلوث المياه الجوفية والأراضي الزراعية، والتأثير المباشر على صحة الإنسان، وتلوث الهواء جراء انبعاث الغازات السامة الناتجة عن عمليات الحرق.
وتابع م.زعرب أن هناك جهل كبير لدى العاملين في هذا المجال بالأضرار والمخاطر الصحية المحدقة بهم، جراء التعامل بشكل غير صحي مع حرق وصهر مادة الرصاص الخطرة جدا على الصحة، خاصةً أن هذه الغازات والسموم إذا دخلت الجسم لا تغادره بالمطلق، موضحاً أن معظم التدخلات التي حصلت لم تفلح في ثني هؤلاء العاملين في هذه المهنة عن تركها، مصرين على كونها تمثل مصدر رزقهم، وأن الوضع الاقتصادي الصعب دفعهم إلى الاستمرار والمخاطرة بصحتهم في سبيل جمع المال.
وبين أن سلطة جودة البيئة، جهة تشريعية تصدر القوانين والتشريعات، وليست سلطة تنفيذية، كما أنها تراقب مدى إتباع المعايير البيئية عند تنفيذ المشاريع، وتشجع على إقامة المشاريع النموذجية المحافظة على البيئة والمصادر الطبيعية، مؤكداً تنفيذ التشريعات المرتبطة بالمحافظة على البيئة من قبل البلديات والمؤسسات ذات العلاقة، ليكون هناك دور تكاملي.
مكبات صحية
وطالب بضرورة إيجاد مكبات صحية تخصص للنفايات الالكترونية، أسوه بالنفايات الصلبة لتدارك المخاطر الصحية والبيئية الناجمة عنها، إضافة إلى ضمان إعادة التدوير الآمن لهذه النفايات من قبل جهات الاختصاص، وإرفاق ذلك بوضع قوانين وتشريعات لتدوير النفايات الصلبة تصل إلى حد العقوبة، وضرورة وجود بنك معلومات حول قضية النفايات يضم جميع الجهات ذات العلاقة.
وعن دور وزارة الزراعة في إعادة تدوير النفايات الصلبة، أكد م. يوسف الجعيدي من وزارة الزراعة، أن وزارته كانت السباقة في إعادة تدوير المخلفات الزراعية واستخلاص الكومبست منها وهو السماد العضوي، وذلك لتشجيع وتحفيز المزارع على صناعة سماده بيده، وتوعيته على المخاطر الصحية الناجمة عن استخدام الأسمدة الكيماوية.
وأشار إلى أن المشروع خلق فرص عمل لكثير من العاطلين عن العمل، كما انه استثمر مورداً ضائعاً مهدراً ويلوث البيئة، كما أن السماد العضوي أعاد الأحياء الدقيقة في التربة، موضحا أن نجاح المشروع دفع الوزارة إلى تنفيذ مشروع إعادة تدوير المخلفات المنزلية، بتوعية وتدريب ربات البيوت على فصل النفايات عن بعضها البعض وتصنيع السماد العضوي منها.
الكمبوست
وبين م. الجعيدي، أنه تم استخدام الحمأة وهى مخلفات من المياه العادمة المعالجة، في تصنيع الكومبست، وتم ذلك عبر ضوابط شديدة، كما حدد استخدامها في تسميد الأشجار والحمضيات وليس النباتات، كما تم التعاون مع الجمعيات الزراعية لتسويق المنتج.
وأوضح، أنه جرى خلال العام 2009 إنتاج (1700) طن من السماد العضوي الجاهز، وجرى توزيعه على المزارعين مجانا تشجيعا لهم على الزراعة العضوية، موضحاً أن الوزارة وضعت خطة إرشادية كاملة وقامت ب (500) جولة زراعية ميدانية في القطاع كله، لمحاولة تشجيع المزارعين على الزراعة العضوية، وأخذ مخلفات المحاصيل الزراعية وتحويلها إلى سماد عضوي، لافتا أن هذه العملية تستمر لمدة 4 شهور،
وفي النهاية نستطيع أن نحصل على غذاء صحي ويحتوي على جميع العناصر الغذائية، وأكد أنه حتى لو كانت نسبة إقناع المزارعين (10%) فهي تجربة ناجحة وفاعلة.
توصيات
وأوصى المشاركون في نهاية الندوة، بإعداد خطة وطنية متكاملة لإدارة النفايات الصلبة، إضافة إلى سن قوانين بيئية صارمة ورادعة مع مراعاة تطبيقها، وتنفيذ حملات توعية حول مخاطرها والطرق الصحيحة للتخلص منها، وكذلك تشجيع إقامة مشاريع استثمارية لإعادة استخدام وتصنيع هذه النفايات.
|