الحرق أو الإلقاء في المكبات مع سائر النفايات هو مصير معظم البلاستيك الزراعي
أنماط التعامل مع المخلفات الزراعية الصلبة في الضفة الغربية
معظم عبوات المبيدات تحرق أو تتلف في محيط الأراضي الزراعية أو تلقى في حاويات النفايات
عشرات الأطنان من نفايات المسالخ والملاحم تلقى يوميا في الحاويات مع سائر النفايات

هذا التقرير عبارة عن تحليل ومناقشة الجزء الرابع من المعطيات الميدانية للدراسة التي أعدها مركز العمل التنموي/معا، بهدف توفير خلفية معلوماتية وتحليلية مساعدة لبلورة الإستراتيجية الوطنية لإدارة النفايات الصلبة في الضفة الغربية وقطاع غزة، بإشراف كل من اللجنة التوجيهية للإستراتيجية الوطنية لإدارة النفايات الصلبة والفريق الفني بقيادة سلطة جودة البيئة، وبدعم من الوكالة الألمانية للتعاون الفني (GTZ ) / برنامج إدارة النفايات الصلبة.
____________________________________________ |
يقتصر دور المؤسسات الحكومية (مديريات الزراعة) في الضفة الغربية على الجانب الإرشادي من خلال الزيارات الإرشادية التي يقوم بها طاقم المديريات للمزارعين، وبنفس الوقت لا تملك ولا تشرف المديريات على أي مشروع لمعالجة أو إعادة تدوير أي من النفايات الزراعية، بما فيها البلاستيك الزراعي وعبوات المبيدات. أما المنظمات غير الحكومية فلها دور أكثر فعالية بموضوع إعادة تدوير النفايات العضوية الزراعية والبيتية، من خلال مشاريع أو نشاطات تكون على شكل برامج تدريبية أو مشاهدات، كما في حالات حديقة القيقب في البيرة، والإغاثة الزراعية في أريحا ومعهد أريج في بيت لحم، مضافا إليها محطة العروب الزراعية (مؤسسة حكومية).
فيما يتعلق بالبلاستيك الزراعي، لا تتم، غالبا، معالجته، بل يتم التخلص منه في المكبات مع سائر النفايات، أو طمره، أو حرقه. إلا أن المعطيات الميدانية تبين بأن هناك بعض ورش الفرز والتدوير (مثل مصنع عابدين للبلاستيك في العوجا، ومصنع بلاستيك بني نعيم، ومصنع بلاستيك عصام مجاهد/الخليل) تعمل على جمع البلاستيك الزراعي وبلاستيك الدفيئات من المناطق الزراعية في أريحا والخليل، لإعادة تصنيعه. وبالطبع، يمكن الاستفادة من هذه التجارب، على تواضعها، باتجاه تطويرها وتوسيعها لتشمل كافة المناطق الزراعية وكافة النفايات الزراعية البلاستيكية.
أما عبوات المبيدات، فغالبا يتم التخلص منها في محيط الأراضي الزراعية التي تستخدم الرش الكيماوي، أو تصل إلى مكبات النفايات مختلطة مع سائر النفايات الصلبة العادية، علما بأنه، في المتوسط، ينتج سنويا عن الدونم الواحد المروي (المكشوف والمغطى) المعالج كيماويا (في الضفة الغربية)، نحو ثلاث عبوات مبيدات فارغة.
المزارعون وتجمعاتهم:
1) شمال الضفة الغربية:
تنتشر في أوساط بعض المزارعين في شمال الضفة الغربية، ممارسة تخمير النفايات الصلبة الزراعية النباتية والحيوانية، أو تصنيعها (تدويرها) إلى كمبوست. فمن أصل 9 مزارعين مبحوثين في قرى محافظات جنين وطولكرم ونابلس، يمارس 8 منهم (نحو 90%) تصنيع الكمبوست أو تخمير المخلفات الزراعية، حيث يعيدون تدوير نحو 680 كوب سنويا من المخلفات النباتية والعضوية المنزلية والحيوانية، لإنتاج أكثر من 400 كوب كمبوست. وفي الغالب، يستخدم المزارعون السماد الطبيعي أو الكمبوست في نطاق مزارعهم.
وفي ذات السياق، يوجد في شمال الضفة الغربية تجارب هامة لبعض تجمعات المزارعين، كما الحال في جمعية ذنابة التعاونية (طولكرم)، وجمعية طمون للزراعة المحمية. ففي جمعية ذنابة التي تضم 80 مزارعا عضوا فيها، يوجد وحدة لإنتاج الكمبوست، فضلا عن 5 دونمات من الدفيئات التي تسمد بمعظمها بالسماد العضوي. وفي عام 2008، أعادت الجمعية تدوير 500 طن من المخلفات النباتية والحيوانية ومخلفات الدفيئات، فأنتجت نحو 300 طن كمبوست. وتسوق الجمعية الكمبوست بأسعار رمزية، في مناطق طولكرم والشعراوية، علما بأن العائد السنوي يصل إلى 144,000 شيكل، والربح يزيد على 36,000 شيكل.
أما جمعية طمون التي تضم 67 مزارعا عضوا، فقد دورت عام 2007 نحو 500 كوب من المخلفات النباتية والحيوانية ومخلفات الدفيئات. ومنذ عام 2008، أخذ كل مزارع عضو في الجمعية يدور مخلفات مزرعته لوحده، بحيث يستخدم الكمبوست في نطاق مزارع المزارعين الأعضاء.
علاوة على ذلك، تشكل تجربة مجموعة شركات باديكو المتخصصة في تربية وإنتاج الدواجن (ولها 6 فروع في محافظتي جنين وطولكرم يربى فيها نحو نصف مليون طير) - تشكل حالة أخرى مثيرة تتعلق بالتعامل مع كميات كبيرة من المخلفات الحيوانية والعلفية. إذ تبيع هذه الشركة سنويا للمزارعين نحو 3500 كوب مخلفات حيوانية وأعلاف للمزارعين مباشرة، دون تخمير، علما بأن الطلب على هذا المنتج مرتفع، ويباع الكوب منه بـ 40 شيكلا.
وقد أجمع مزارعو شمال الضفة والجمعيات الزراعية على أن عملية التدبيل مجدية اقتصاديا لأنها تقلل من التكاليف وبالتالي تزيد الربح. كما أنها تقلل من استخدام الأسمدة الكيماوية، وتحافظ على الأرض والنباتات ورطوبة التربة، وهي طريقة صحية للتخلص من النفايات، وتقلل من عمليات حرق النفايات والتلوث.
2) وسط الضفة الغربية وجنوبها:
ممارسات تدوير المخلفات الزراعية الصلبة لدى مزارعي وسط الضفة ضعيفة، نسبيا، قياسا بشمال الضفة، علما بأن الزراعة وحجم الإنتاج الزراعي في منطقة رام الله صغيرة، بالمقارنة مع شمال الضفة والأغوار والجنوب. وإجمالا، يعيد بعض المزارعين في منطقتي رام الله وأريحا استعمال روث الحيوانات كما هو، دون معالجة، لتسميد الأشجار.
لكن، تبرز بعض المبادرات الفردية، مثل تجربة المزارع أمين حمايل من البيرة الذي يملك 40 دونما ويربي مجموعة من الأغنام والدواجن، ويعمل على تدوير روث الحيوانات وبقايا المحاصيل مثل القمح، كما يعمل التبن للغنم (من مخلفات المحاصيل). ويعمد حمايل إلى تصنيع حوالي 15 طن كمبوست سنويا من مخلفات المحاصيل والنفايات المنزلية وبقايا النجارة وروث الحيوانات (من المزرعة). ويستعمل الجزء الأكبر من الكمبوست في نطاق مزرعته، بينما يسوق كمية قليلة.
وبخلاف شمال الضفة الغربية، التدوير الزراعي في جنوب الضفة (الخليل وبيت لحم) غير شائع، باستثناء بعض المزارعين القلائل في حلحول الذين يصنعون كميات قليلة من الكمبوست لاستعماله في نطاق مزارعهم.
وبشكل عام، لا يوجد توجه لإعادة استعمال أو تدوير المخلفات الزراعية في محافظتي بيت لحم والخليل.
ولعل طبيعة الزراعة أو أنماط الزراعة تشكل العامل الأساسي في كيفية التعامل مع النفايات الزراعية العضوية التي إما تحرق للتدفئة، أو تستخدم لتغذية الحيوانات، أو للتسميد الطبيعي (دون معالجة). ولا نجد، سوى في بعض الحالات القليلة جدا، من يمارس عملية التدبيل، حتى على مستوى منزلي.
وينسحب هذا الأمر، على السلوك السائد للتخلص من النفايات الزراعية غير العضوية، وتحديدا البلاستيك الزراعي وعبوات المبيدات، حيث غالبا ما يتم حرقها أو إتلافها وإلقائها في حاويات النفايات.

المسالخ والملاحم:
لا يوجد في مسالخ الضفة الغربية توجه لتدوير النفايات الناتجة، بل تلقى عشرات الأطنان يوميا من العظام وفضلات كرشات المواشي والشحوم والأجزاء الأخرى في حاويات النفايات. كما تعامل اللحوم التالفة والمريضة بالدفن العادي مع سائر النفايات. ويتم التخلص من الدماء الناتجة من الذبح في مياه المجاري، مما يزيد من محتوى المياه العادمة من الجراثيم والمواد البيولوجية.
ويعمد أصحاب المواشي المذبوحة في المسالخ إلى بيع الجلود للتجار ومعامل الدباغة. كما تنظف أحيانا بعض الأحشاء التي تستخدم في تغليف النقانق (السجق) وغيرها. وينظف البعض أطراف الأغنام والرؤوس بهدف بيعها. أما الأمعاء والكرشات فتباع في الملاحم، أو تلقى في حاويات النفايات.
وبسبب إغلاق بعض المسالخ، كما في رام الله والبيرة، أو عدم وجود مسالخ عاملة، كما في بيت لحم، يمارس العديد من أصحاب الملاحم عملية الذبح في مزارعهم الخاصة. وإجمالا، تفرز الملاحم النفايات غير الصالحة وتلقيها في حاويات البلدية. أما الكرشات والرؤوس والجلود فتباع للمستهلكين.
استنتاج عام:
يفترض بالنسبة المرتفعة للنفايات الصلبة ذات الأصل العضوي في الضفة الغربية، والتي تتراوح بين 60 – 70% من إجمالي النفايات الصلبة، أن تجعل مشاريع تصنيع "الكمبوست"وسيلة أساسية لتقليل حجم النفايات الصلبة، بحيث يمكن لعملية التصنيع هذه أن تزيد كثيرا معدل التدوير، علما بأن تصنيع "الكمبوست" يتطلب تقنية بسيطة وغير مكلفة. لكن، للأسف، ممارسة تصنيع "الكمبوست" في الضفة الغربية هامشية.
وفي المقابل، تزدهر، في مختلف أنحاء الضفة، عمليات جمع ومعالجة جزء هام من النفايات غير العضوية، مثل البلاستيك والمعادن والورق والكرتون والزجاج، التي لا تتجاوز نسبتها 30 – 40% من إجمالي النفايات الصلبة.
وهناك افتقار واضح لسياسة موحدة بهذا الخصوص. إذ بالرغم من التحسن الذي طرأ في بعض المناطق على التعامل مع النفايات الصلبة ومعالجتها (أو دفنها) بشكل صحي، كما الحال في مكب جنين (زهرة الفنجان) ومحطة الصيرفي (نابلس) ومكب أريحا، إلا أنه، في معظم الحالات، لا تزال عملية دفن النفايات في المكبات تشكل الحل الأرخص والمتاح، حيث يتم دفن المواد العضوية وتبديدها في المكبات، بدلا من تحويلها إلى سماد عضوي.
لذا، لو تم التركيز على معالجة وتدوير النفايات العضوية التي قد تصل إلى نحو 70% من إجمالي النفايات، فعندئذ، قد يبقى نحو 30% فقط من النفايات دون تدوير، أي أن نسبة النفايات التي سيتم دفنها في المكبات ستهبط إلى حوالي 30%، ولو تمت معالجة وتدوير جزء هام أيضا من الـ 30% (النفايات غير العضوية)، فستهبط أكثر فأكثر نسبة النفايات في المكبات.
خلاصة:
بخصوص النفايات الصلبة الزراعية العضوية، يقتصر دور مديريات الزراعة في الضفة الغربية على الجانب الإرشادي من خلال الزيارات الإرشادية التي يقوم بها طاقم المديريات للمزارعين. أما المنظمات غير الحكومية فيتركز اهتمامها المتعلق بتدوير النفايات العضوية الزراعية والبيتية على البرامج التدريبية أو المشاهدات.
وتنتشر في أوساط بعض المزارعين في شمال الضفة الغربية ممارسة تخمير النفايات الصلبة الزراعية النباتية والحيوانية، أو تصنيعها إلى كمبوست. كما توجد في شمال الضفة تجارب هامة لبعض تجمعات المزارعين في مجال تصنيع الكمبوست، فضلا عن تجربة مجموعة شركات باديكو المتخصصة في تربية الدواجن، حيث تبيع هذه الشركة سنويا للمزارعين آلاف أكواب المخلفات الحيوانية والأعلاف، دون تخمير.
أما في وسط الضفة فممارسات تدوير المخلفات الزراعية الصلبة لدى المزارعين هامشية. و يقتصر الأمر لدى بعض المزارعين في منطقتي رام الله وأريحا، بشكل أساسي، على إعادة استعمال روث الحيوانات كما هو، دون معالجة، لتسميد الأشجار.
كذلك الأمر في جنوب الضفة (الخليل وبيت لحم)، إذ أن التدوير الزراعي غير شائع، ولا يوجد توجه واضح لإعادة استعمال أو تدوير المخلفات الزراعية.
وفيما يتعلق بالبلاستيك الزراعي، فلا تتم، غالبا، معالجته، بل يتم التخلص منه في المكبات مع سائر النفايات، أو طمره، أو حرقه. إلا أن المعطيات الميدانية تبين بأن هناك بعض ورش الفرز والتدوير (في العوجا، وبني نعيم، والخليل) تعمل على جمع البلاستيك الزراعي وبلاستيك الدفيئات من المناطق الزراعية وإعادة تصنيعه. أما عبوات المبيدات فيتم، غالبا، حرقها أو إتلافها وإلقائها في حاويات النفايات.
علاوة على ذلك، لا يوجد في مسالخ الضفة توجه لتدوير النفايات الناتجة، بل تلقى معظم المخلفات الصلبة من العظام وفضلات كرشات المواشي والشحوم والأجزاء الأخرى في حاويات النفايات. كما تعامل اللحوم التالفة والمريضة بالدفن العادي مع سائر النفايات. ويعمد أصحاب المواشي المذبوحة إلى بيع بعض مخلفات الذبح مثل الجلود، وبعض أطراف الأغنام والرؤوس.
|