الحل يكمن في تشجيع زراعة المحاصيل التي تتحمل الحرارة وتحقق فوائد صحية وبيئية
الأحوال المناخية المتطرفة ترفع أسعار الخضار والفاكهة في الأسواق المحلية
بسبب الأجواء الساخنة:  الدواجن والأغنام تنتج كميات أقل من البيض والحليب وبجودة أدنى

 

ج. ك.
خاص بآفاق البيئة والتنمية

كلنا يذكر كيف عانى السوق الفلسطيني خلال موسم الصيف الأخير من نقص حاد في محصول البندورة؛ بسبب أوضاع الطقس المتطرفة.  وقد تسبب هذا النقص في ارتفاع خيالي وغير مسبوق لأسعار البندورة.  ومن الواضح أن البندورة ليست الوحيدة في الميدان؛ بل هناك الكثير من الفاكهة والخضار التي ستلاقي نفس مصير البندورة، إذا ما عادت موجات الحرارة المرتفعة جدا في الصيف القادم.  
التسخين العالمي يتسبب في أحوال طقس متطرفة في مختلف أنحاء العالم.  وبسبب الحرارة المرتفعة، عانت الزراعة الفلسطينية من خسائر كبيرة. ومن المتوقع أن تتواصل الخسائر كلما سجلت درجات الحرارة أرقاما قياسية.  فالبطيخ، على سبيل المثال، يعتبر حساسا جدا للحرارة؛ لدرجة أن بعض مزارعي الأغوار وجنين الذين لا زالوا يزرعون هذا المحصول هجروا حقول البطيخ؛ بينما كانت جودة البطيخ الذي نجا من الجفاف والحر متدنية.  ويكفي أن نعلم بأن البطيخ المتواجد في حقل ما درجة حرارته 40 مئوية، تكون درجة حرارته (البطيخ) الداخلية 50؛ لذا فهو لا ينمو.   
ومن المعروف أن الحرارة المرتفعة تؤذي خصوبة الفاكهة وعملية تلقيحها؛ ذلك أن النحل والدبابير والحشرات التي تقوم بعملية التلقيح تتحرك أقل في الأجواء الحارة.  وقد تجلى الضرر بوضوح على نمو الفاكهة وجودتها.
ويقول العديد من المزارعين بأن نحو نصف إنتاجهم تضرر أو أبيد كليا.  كما عانت الفاكهة الجاهزة للقطف بسبب التغيرات الحاصلة في ظروف نضجها الطبيعي؛ حيث أن للجفاف وارتفاع درجات الحرارة تأثيرات واضحة على أشجار الفاكهة، يتمثل بالنضج المبكر للثمار وصغر حجمها وقصر فترة بقاءها على الأشجار.  وهذا له أثر بالغ على التسويق.  وعلى سبيل المثال، كان محصول العنب في الخليل يقطف جزأه الأعظم في شهري تشرين الأول وتشرين الثاني؛ أما في الموسم الأخير فانتهى معظم القطاف في أواسط تشرين أول وارتفع سعر العنب ارتفاعا كبيرا.  كما تضررت كثيرا، من الحرارة المرتفعة، سائر فاكهة الصيف وارتفعت أسعارها كثيرا؛ كالتفاح والإجاص والخوخ والبرقوق والمشمش الذي، وفي الصيف الأخير، لم نره تقريبا في أسواقنا المحلية، بسبب أحوال الطقس.   
الأحوال المناخية المتطرفة رفعت الأسعار في الأسواق المحلية والعالمية.  والمتضرر الأساسي من التغير المناخي في أسواقنا المحلية هي الخضار والفاكهة؛ بل وأيضا الثروة الحيوانية، كالدواجن والأغنام والأبقار التي تأثرت من الأجواء الساخنة لتنتج كميات أقل من البيض والحليب وبجودة أدنى.
ومع نزول البندورة الشتوية إلى الأسواق، انخفضت أسعارها.  لكن خضار وفاكهة الشتاء تعاني هي الأخرى من مشاكل اقتصادية.  فنظرا للشتاء الجاف؛ ارتفعت أسعار الفاكهة الشتوية ضعف ما كانت عليه العام الماضي؛ وبخاصة الحمضيات، كما أن الخس لا يتحمل درجات الحرارة المرتفعة؛ ففي الظروف المناخية الحارة يزهر الخس مبكرا وتكون أوراقه مرة.
وفي المستوى العالمي، تسببت حالات الجفاف والفيضانات في ارتفاع أسعار الغذاء؛ فالسمسم المستورد ارتفع سعره بسبب الفيضانات في الهند، مما تسبب في ارتفاع أسعار المواد الخام.  وعندما ترتفع أسعار المواد الخام؛ تتأثر أيضا، وبشكل مباشر، أسعار الدواجن واللحوم، لأن غذاء الثروة الحيوانية يعتمد على المواد الخام التي تواصل بدورها الارتفاع. 
وفي حال استمر الطقس الجاف والارتفاع الحاد في درجات الحرارة، يتوقع أن تعاني الفاكهة والخضار في العام القادم وأن تسجل أسعارها أرقاما قياسية جديدة.
وقد تكون العلاقة مباشرة بين التسخين العالمي والضرر الواقع على الزراعة؛ إذ أن أوضاع الطقس المتطرفة آخذة في التحول إلى ظاهرة شائعة، في ظل ارتفاع حرارة الأرض. ويتوقع أن نتعرض مرارا وتكرارا لموجات حرارية مشابهة ولمزيد من درجات الحرارة المرتفعة.

زراعة المحاصيل المقاومة للحرارة
وهنا من المفيد التذكير بأن بعض المحاصيل تتحمل الحرارة المرتفعة؛ لذا يفترض أن نعمل على تشجيع زراعة المحاصيل التقليدية التي تتحمل الحرارة وتحتاج إلى قليل من العناية وتحقق فوائد اقتصادية وصحية وبيئية حقيقية للمزارعين، ويمكن زراعتها بطرق عضوية؛ مثل الصبر والخروب والبلح والأعشاب الطبية وغيرها.
المهم في الموضوع هو أن نتوقع التغيرات المناخية المحتملة في منطقتنا وأن نستعد لمواجهتها؛ لأن الزراعة لن تعاني بسبب تلك التغيرات بحد ذاتها، بل ستعاني أساسا بسبب عدم جهوزيتنا المناسبة لمواجهة التغيرات.
بالطبع، تعد المياه من بين أهم الموارد التي ستتأثر من موجات الحرارة المرتفعة؛ إذ أن كمية الأمطار وتوزيعها آخذة في التغير المتواصل، حيث أصبح عدد مرات هطول المطر أقل، ولكن بشدة مرتفعة، وهذا يعني أن فعالية المطر متدنية.  علاوة على أن المناخ الحار يتسبب في جفاف المياه وتناقص الكميات المتاحة، مما يؤثر على الزراعة. 
وبالرغم من أن المحاصيل قد تتكيف مع أحوال الطقس؛ إلا أن المشكلة تكمن في أن التغيرات قد تأتي فجأة وبضربة واحدة، كما حدث في حال موجة الحر في الصيف الأخير؛ الأمر الذي يزيد من صعوبة الاستعداد لمواجهة مثل هذا الوضع، ويجعل احتمالات التنبؤ به ضعيفة.  لذا يدور الحديث عن مجرد تقديرات؛ وكما يبدو، فإن موجات الحرارة المرتفعة ستتعاظم. 
وفي الواقع، لا يمكننا أن نعرف مسبقا فيما إذا كنا سنواجه سنويا ذات الموجات الحرارية المرتفعة؛ إلا أن احتمال حدوث هذا الأمر كبير.  لذا، وفي حال معرفة المزارعين بوجود احتمال كبير لحدوث موجات حرارية، فيجب عليهم أخذ الاحتياطات وإتباع الوسائل الدفاعية وإنتاج أو شراء أصناف مقاومة للحرارة، سواء للبندورة  أو الخس أو غيرهما.  فمقاومة الخضار للحرارة أمر في غاية الأهمية، وكلما كانت مقاومتها أكبر كلما كان بالإمكان زراعتها في الظروف الحرارية القاسية. 
   

 

الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
مجلة افاق البيئة و التنمية
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية

يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية