خلال مؤتمر مركز التعليم البيئي
بيت لحم "تُحاكم" الإعلام الفلسطيني على تقصيره بقضايا البيئة

خاص بآفاق البيئة والتنمية:
حاكمت مدينة المهد على طريقتها، وسائل الإعلام المحلية، عندما استضافت المؤتمر الفلسطيني الأول للتوعية والتعليم البيئي، الذي أطلقه مركز التعليم البيئي في الأيام الأخيرة من العام الماضي.
ولم تفلح محاولات بعض المتخصصين والمناصرين لقضايا البيئة، من نقل القلق الخطير والمتصاعد حول المناخ والبيئة والاحتباس الحراري والانتهاكات البيئية الخطيرة، إلى واجهة وسائل الإعلام على نطاق واسع، فجاءت التغطيات خجولة أو مقتضبة أو غير مُرحّب بها، أو من باب المجاملة.
محاولة خضراء
يقول المدير التنفيذي لمركز التعليم البيئي سيمون عوض: المؤتمر فرصة لحث وسائل الإعلام الفلسطيني على بذل مزيد من الاهتمام بالمواضيع البيئية خصوصا فيما يتعلق بالانتهاكات الإسرائيلية وفضحها أمام العالم. وهو تسليط للضوء على الممارسات الداخلية الخاطئة ونقدها وتصويبها.
وتابع عوض: نظمنا المؤتمر لأهداف كثيرة تربوية وتعليمية وقانونية، منها تفعيل الإعلام البيئي المقروء والمسموع والمرئي، للتأثير في المجتمع، وللإسهام في خلق رأي عام فلسطيني داعم لاحترام البيئة وقضاياها وتأثيراتها الحالية والمستقبلية على حياة الناس.
غياب
يقول مسؤول تحرير مجلة "آفاق البيئة والتنمية" جورج كرزم، إن سر غياب الإعلام عن البيئة وهمومها، ينبع من كون الأجندات الصحافية في فلسطين ليست بيئية، وتمارس انحيازًا للسياسة والاقتصاد والرياضة والطبخ، وكل شيء ما عدا البيئة.
وتابع في ورقة ناقشت دور الإعلام في نشر المعرفة وتعزيز المسؤولية البيئية: " الصحافة الملتزمة والمبدئية بعامة، والبيئية بخاصة، هي التي تزود الناس بالمعرفة وتعمل على خدمة المحكومين لا الحكام، إذ لا يمكن أن يصبح الناس أحراراً ما لم يمتلكوا المعرفة الحقيقية التي تتيح لهم كشف الأكاذيب التي تروجها جهات ومؤسسات تجارية ورسمية وربحية".
وأشار كرزم إلى أن الصحافة الفلسطينية رسبت في امتحان البيئة، إذ أقفلت المصالح التجارية والشخصية لصفحتين كانتا تتحدثان عن هموم البيئة وقضاياها وانتهاكاتها الخطيرة، مثلما تدخلت إدارات التحرير في ملحق"آفاق البيئة والتنمية" لأنه اقتبس من موقع ما يسمى"دائرة أراضي إسرائيل" أن الجهات الإسرائيلية الرسمية فرضت حظراً على نصب أبراج الخليوي في المحميات الطبيعية، خوفاً على خصوبة وتكاثر الحيوانات البرية!

ملفات خطيرة
وتناول مدير عام تلفزيون وطن معمر عرابي حضور البيئة وغيابها من وسائل الإعلام المحلية، وقال أن هناك حاجة ملحة للتعمق في تخصصات جديدة داخل حقل الإعلام، وناقش في مداخلته دور الإعلام في الحفاظ على البيئة.
واستعرض تجربة تلفزيون وطن، بالتعاون مع مركز العمل التنموي / معا، اللذين أطلقا الصيف الفارق مجلة مرئية ناقشت قضايا بيئية، لأول مرة في الإعلام المحلي. وقال: "ناقشنا ملفات خطيرة كالتلوث والإشعاع والمياه والنفايات والكيماويات، واكتشفنا من خلال مدير دائرة الإشعاع في سلطة جودة البيئة أن شركات الاتصالات الخليوية تمارس عملها دون ضوابط ورقابة وإشراف".
وحث عرابي المؤسسات المحلية المعنية بالبيئة التعاون مع نظيراتها الإعلامية لإنتاج مواد بيئية لرفع الوعي وتطويره بقضايا بالغة الحساسية.
إعلام جديد
وتحدث الصحافي والباحث عبد الباسط خلف عن مساهمة "الإعلام الجديد" في خلق ثقافة بيئية؛ بحكم ميزاته التفاعلية وسرعته وانتفاء الرقابة عنه.
واقترح خلف في ورقته إطلاق مدونات إلكترونية ومجموعات بريدية خضراء، تناقش وتوثق وتطالب بحقها في العيش ضمن بيئة خالية من مختلف أنواع الملوثات، وتمارس ضغطا منظماً على صناع القرار وأصحاب الاختصاص في وزارات الصحة والاقتصاد الوطني والزراعة، وسلطة جودة البيئة، والمؤسسات الإعلامية لفرض رقابة صحية وبيئية صارمة على السلع والخدمات؛ لأن البيئة قضية تعني حياة الناس إن كانت نظيفة أو موتهم بالتدريج إذا أصابها التلوث والفوضى.
وأضاف: " المؤتمر كان بمثابة صرخة في وادِ يعاني غياب أي اهتمام بالبيئة، وسط تركيز كبير على الأخبار السياسية والرياضية والفنية. حيث شكل محاولة لنقل القلق والقصور إلى الواجهة".
ودعا خلف الإعلاميين إلى التعامل "أضعف الإيمان" مع البيئة كما يتعاملون مع "الكلمات المتقاطعة" أو"أبراج الحظ" التي لا تغيب عن أي وسيلة مطبوعة.
تحليل
وأشار الإعلامي والتربوي تحسين يقين في مداخلته إلى أن البيئة أهم شيء في حياة الإنسان، وهي جزء من المكان العام، الذي يعني في تجلياته الوطن كفضاء للعيش والإبداع وترسيخ هوية شعبه وثقافته.
وأضاف: " تأتي قلة الاهتمام بالبيئة في سياق ندرة الاهتمام بالمكان، ونحن نحتاج إلى التربية لتعزيز الإحساس بالأمكنة وفهمها حتى ننتمي إليها عن وعي وحب لا عن شعار".
|