l رئيسي1
 
 

 

هبوط منسوب المياه الجوفية في كافة الأحواض إلى ما دون الخط الأحمر
كمية الأمطار هذا العام ستهبط إلى ما دون معدلها في السنوات الست السابقة
الوضع المائي الفلسطيني قد ينذر بكارثة إنسانية حقيقية

أكثر من نصف مليون مستعمر إسرائيلي في الضفة يتمتعون بوفرة غزيرة وغير محدودة من المياه

 

ج. ك.
خاص بآفاق البيئة والتنمية

يتميز فصل الشتاء الحالي بالقحط والجفاف، تماما كما كان حال فصول السنوات الست السابقة.  ويمكننا القول بأن هذا هو العام الجاف السابع على التوالي.   ويتوقع خبراء المياه والمناخ بأن يزداد الوضع سوءا في السنوات القادمة.  ولو أضفنا إلى ذلك، عمليات النهب الإسرائيلية الضخمة والمتواصلة لموارد المياه الفلسطينية، فإن الوضع المائي الفلسطيني المستقبلي قد ينذر بكارثة إنسانية حقيقية.  السؤال المطروح هو:  هل تمت بلورة رؤية فلسطينية إستراتيجية لمواجهة التحديات المائية على المدى البعيد؟  وبخاصة أن العرض المائي الفلسطيني آخذ بالانكماش.  ومن الواضح أن سبب النقص الخطير في المياه بالضفة الغربية وقطاع غزة لا يعود فقط إلى الطلب المتزايد؛ بل وأساسا إلى العرض الآخذ بالتناقص، حيث أننا نواجه باستمرار هبوطا متفاقما في احتياطي المياه، مما أوصلنا إلى أزمة مياه خطيرة.
وإثر شح الأمطار طيلة السنوات الست الأخيرة، فضلا عن السرقة الإسرائيلية المتواصلة للمياه الجوفية؛ فقد هبط منسوب المياه الجوفية في كافة الأحواض إلى ما دون الخط الأحمر، بما في ذلك الحوض الغربي الذي يعد أغنى الأحواض وأفضلها جودة؛ لدرجة أن أي تأخير في عملية تغذية الأحواض سيزيد وضعها سوءا؛ علما بأن موجات الجفاف الطويلة وتكرار الأجواء الخماسينية زادت كثيرا سرعة التبخر واستهلاك الناس للمياه.
وبخلاف شهر تشرين ثاني الأخير الذي خلا تماما من الأمطار؛ فقد تميز ذات الشهر من عام 2009 بالأمطار الغزيرة التي تسببت بالفيضانات في مختلف أنحاء فلسطين.  وفي المقابل، تميز تشرين ثاني الأخير بدرجات حرارة أعلى من المعدل؛ بل بقيت درجات الحرارة مرتفعة بشكل متواصل طيلة فترة حزيران-تشرين ثاني.  وهذه ظاهرة مناخية نادرة بحد ذاتها في فلسطين.  ويتوقع خبراء الأرصاد كميات أمطار قليلة في فلسطين، طيلة أشهر الشتاء الرئيسية الثلاثة؛ وتحديدا كانون أول 2010-نهاية شباط 2011.  وقد لا يتجاوز معدل المتساقطات في كل من الأشهر الأخيرة مستوى المئة مليمتر فقط.  كما يتوقع أن تكون درجات الحرارة أعلى من المعدل.
وبالرغم مما ورد؛ يتوقع بعض خبراء الأرصاد هطول أمطار كثيرة في النصف الثاني من موسم الشتاء الحالي؛ أي من أواسط كانون ثاني وحتى أواخر شباط، وذلك بالمقارنة مع النصف الأول من الموسم.
وفي المقابل، يقدر خبراء آخرون بأن تهطل حصة الأسد من أمطار هذا العام في شهري شباط-آذار فقط؛ إلا أنها لن تسد العجز المائي المتراكم.  وتشير بعض التقديرات إلى أن كمية الأمطار المتوقع هطولها في المناطق الشمالية لن تتجاوز 90% من معدل كمية الأمطار، بينما في المناطق الوسطى قد تصل الكمية، في أحسن الأحوال إلى 80%.  أما في المناطق الجنوبية، فلن تتجاوز الكمية 70% من المعدل المتعدد السنوات.
وفي حال صدقت توقعات خبراء الطقس، فسيشكل الشتاء الحالي الفصل السابع على التوالي الذي تهبط فيه كميات متدنية من الأمطار في فلسطين ؛ علما بأن فلسطين لم تشهد مثل هذه الفترة من السنوات المتتالية الفقيرة بالأمطار، منذ خمسة وأربعين عاما.     
واستنادا إلى تحليل المعطيات المناخية من مصادر مختلفة؛ يقدر خبراء المناخ بأن لا يصل هذا العام إلى مستوى القحط الكارثي، بل أن تهبط كمية المتساقطات إلى ما دون معدلها في السنوات السابقة.
ومن خلال عملية مسح مناخية أجرتها مجلة آفاق البيئة والتنمية، تبين بأن عدد السنوات الماطرة بغزارة في فلسطين قليل، بل نادر؛ ففي معظم السنوات كانت كمية المطر في فلسطين دون المعدل متعدد السنوات، والذي يستند على المعطيات التي تم جمعها خلال السنوات الثلاثين الأخيرة.

 

"دولة فلسطين" العتيدة ستكون دون مخزون استراتيجي من المياه
بالرغم من الوضع المائي الفلسطيني المأساوي؛ فإن أكثر من 500 ألف مستعمر إسرائيلي في الضفة الغربية  يتمتعون بوفرة غزيرة وغير محدودة من المياه. وفي المتوسط، يستهلك المستعمر الفرد نحو 9 – 10 مرات ما يستهلكه الفرد الفلسطيني.
وحسب مصادر هيئة المياه الإسرائيلية، يستخدم، حاليا، 4 ملايين فلسطيني في الضفة وقطاع غزة نحو 323 مليون متر مكعب سنويا من مصادرهم المائية، وذلك لتلبية الاحتياجات المنزلية والصناعية والزراعية. وفي المقابل، يستخدم نحو 6 ملايين إسرائيلي حوالي 2009 مليون متر مكعب من المياه سنويا. ويبلغ استهلاك الفرد الفلسطيني للمياه 83 متراً مكعباً سنويا، مقابل نحو 400 متر مكعب للفرد الإسرائيلي (في إسرائيل). أي إن استهلاك الفرد للمياه في إسرائيل أعلى بنحو 4 – 5 مرات من استهلاك الفرد الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة. وحصة الفرد الفلسطيني لا تتجاوز ربع المعدل الموصى به من قبل منظمة الصحة العالمية.
ومن الملاحظ، أن الوضع المائي الذي كان سائدا منذ ما قبل أسلو وحتى اليوم لم يتغير في الجوهر، بل إن الاتفاقيات ثبتت الوضع القائم قبل الاتفاقيات؛ إذ لا تزال إسرائيل تسيطر وتتحكم بشكل فعلي وكامل ومطلق بموارد المياه الفلسطينية واستخداماتها وإدارتها وتوزيعها.
ولا تسمح إسرائيل للفلسطينيين بحفر أي بئر في الحوض الغربي.  بل تسمح بالحفر فقط في الحوض الشرقي الذي يمتد من المناطق الجبلية وصولا إلى أريحا، ويحتاج حفر البئر في هذا الحوض إلى 600 – 700 متر، مما يعني تكلفة ضخمة، ناهيك أن جودة المياه في الحوض الشرقي متدنية، بالمقارنة مع تلك التي في الحوض الغربي. 

 


ومع إقامة الجدار، ضمت إسرائيل المستوطنات الواقعة فوق المناطق الغنية بالمياه إلى غرب الجدار.  وحيث أن هذه المناطق تحديدا تحوي أضخم احتياطي من المياه يمكن أن تعتمد عليه أي "دولة فلسطينية مستقبلية"، فإن سلخ هذه المناطق لصالح إسرائيل، يعني منع الفلسطينيين من تطوير مصادرهم المائية في الحوض الغربي، وبالتالي فإن مثل هذه الدولة ستكون دون مخزون استراتيجي من المياه. 
ومن الملفت للنظر، أن إسرائيل لا تمتلك كميات كبيرة من الموارد المائية في نطاق حدود الأرض المحتلة عام 1948، وإنما تعتمد على مصادر مائية خارج هذه الحدود، وتحديدا في الضفة الغربية وحوض نهر الأردن ولبنان وسوريا.  ويقدر حجم المياه المنهوبة إسرائيليا من مصادر تقع خارج نطاق الأرض المحتلة عام 1948 بنحو 1103 مليون متر مكعب سنويا، منها حوالي 453 مليون متر مكعب من أحواض الضفة الغربية، والباقي، أي نحو 650 مليون متر مكعب، من حوض نهر الأردن.  وتعادل هذه الكميات ما يقارب 57% من مجمل الاستهلاك الإسرائيلي.
وحاليا تنهب إسرائيل نحو 80% (453 مليون متر مكعب سنويا) من المياه الجوفية في الضفة الغربية، لتغطية نحو 25% من استعمالات المياه في إسرائيل، تاركة 20% فقط (118 مليون متر مكعب سنويا) لتلبية جميع الاحتياجات المائية الفلسطينية.  وبالطبع، يحرم الفلسطينيون من حقهم في استخدام ثروتهم المائية المتمثلة في نهر الأردن والتي كانوا يستخدمونها جزئيا قبل حزيران عام 1967.

التعليقات

ما دامت السرقة الإسرئيلية لمياهنا فاضحة، وما دام أن استراتيجية إسرائيل هي
منح الشرعية لعملية السرقة، وما دامت موازين القوى تميل كليا لصالحها، فعلى
ماذا تعتمد السلطة الفلسطينية في مفاوضاتها المستقبلية حول المياه؟
جهاد السمري

 

إن حقيقة أن إسرائيل لا تمتلك كميات كبيرة من الموارد المائية في نطاق حدود
الأرض المحتلة عام 1948، يشكل السبب الأساسي لعدم استعدادها بأي شكل التخلي
عن الضفة الغربية والانسحاب منها عبر المفاوضات التي لا تعمل سوى على تكريس
وتثبيت عملية البلطجة الإسرائيلية والسرقة المستدامة لمياهنا وأرضنا وما
عليها وفي باطنها وفوقها...لذا فالأجدى بما يسمى المفاوضين أن يعلنوا إفلاسهم
ويتنحوا جانبا، ويخلوا الميدان للقوة العظمى المتمثلة بشعبنا المعطاء لينتزع
حقوقنا في الأرض والموارد والمياه بطرق أكثر فعالية وتأثيرا .

عاصف البصراوي

 

افتقر السلطة الفلسطينية لأي رؤية أو استراتيجية مائية قابلة للتطبيق نابع من
حقيقة أها لا تملك أي سيطرة أو سيادة فعلية على مصادرالمياه...والاحتلال هو
الذي يقرر للسلطة مسألة احتياطي المياه الذي بمكن استعماله أو توزيعه ...
نوال زبيدات

 

البيئة الفلسطينية وحدة جغرافية واحدة تماما كما أن الوطن الفلسطيني وحدة
وطنية وجغرافية واحدة غير قابلة للتجزئة من رأس الناقورة إلى أم الرشراش
مرورا برام الله ونبلس والخليل .
 
حابي البنا

الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
  مجلة افاق البيئة و التنمية
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية

يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية