"محكمة العدل العليا" الإسرائيلية: يُمنع على شركات الخلوي نصب هوائيات صغيرة دون تصريح من السلطة المحلية
نظام مركزي جديد في إسرائيل لمراقبة الإشعاعات المنبعثة من جميع هوائيات الخلوي
سلطة البيئة الفلسطينية لا تملك جهازاً لقياس إشعاعات الخلوي ولا تجري متابعات وفحوصات قياسية للأبراج
ج. ك.
خاص بآفاق البيئة والتنمية
بُدء في إسرائيل، أوائل أيلول الماضي، العمل بنظام أوتوماتيكي لفحص الأشعة الخلوية. وكان يفترض أن يعمل هذا النظام منذ أيار الماضي؛ إلا أنه واجه رفض شركات الخلوي. وإثر مداولات طويلة، تخللها تهديد وزارة البيئة الإسرائيلية بأنها لن تسمح بنصب هوائيات جديدة، تم التوصل إلى اتفاق أتاح بدء العمل بالنظام الجديد الذي يمتلك القدرة على تحديد مدى انحراف الأشعة المنبعثة من الهوائيات عن المستوى المسموح به، وبالتالي إرسال الإنذارات.
وقبل العمل بهذا النظام، كانت الفحوصات تجرى يدويا مرة واحدة سنويا، بواسطة شركات متفق عليها وممولة من قبل شركات الخلوي؛ مما تسبب في حملة نقد قوية من الجمهور الإسرائيلي ومن "مراقب الدولة"، لئلا يتم التلاعب في الفحوصات بسبب تعارض المصالح. وفي أعقاب ذلك، اتبعت وزارة البيئة الإسرائيلية إجراء جديدا تمثل في أن تشغيل فاحصي الأشعة المتفق عليهم يكون من قبل الوزارة ذاتها وليس شركات الخلوي.
وبالإضافة للفحوصات اليدوية، فإن وزارة البيئة الإسرائيلية تحصل حاليا، وعلى مدار أربع وعشرين ساعة، على المعطيات المتعلقة بأي انحراف إشعاعي ولجميع الهوائيات الصغيرة والكبيرة.
وتتلخص طريقة عمل النظام في أن لكل شركة خلوي يوجد مزود خدمة مركزي يستقبل المعلومات من جميع الهوائيات التابعة للشركة. وقد تم وضع برامج خاصة في كل من مزودات الخدمة التابعة لشركات الخلوي الأربع العاملة في إسرائيل. البرنامج المحاسبي الخاص التابع لشركة Guard Technologies Wave يستقبل المعطيات حول شدة إشعاع كل من عشرات آلاف الهوائيات المنتشرة في إسرائيل. ويتصل النظام بجميع شبكات الخلوي التي تزوده بمعطيات حول كل هوائية عاملة. كما يستطيع النظام تحديد الأشعة المنبعثة من هوائيات لم يتم الإعلان عنها؛ لأنه يستقبل المعطيات عن النشاط الإشعاعي ومكانه.
وفي حال كشف النظام تجاوزا إشعاعيا معينا، فيتم إرسال إنذار فوري لشاشة التحكم التابعة لوزارة البيئة، فضلا عن رسائل SMS وإلكترونية للمسؤولين عن تنفيذ الأنظمة.
ماذا عن الضفة والقطاع؟
وبخلاف الوضع الإسرائيلي، تغيب في مناطق السلطة الفلسطينية الرقابة المركزية الرسمية على الإشعاعات المنبعثة من أبراج الخلوي؛ مما يثير شكوكا قوية بأن تلوثا إشعاعيا قد يكون منتشرا في مختلف المناطق الفلسطينية. وقد أكد د.عدنان جودة مدير دائرة الإشعاع في سلطة جودة البيئة هذه الشكوك؛ إذ أقر في حديثه مع "آفاق البيئة والتنمية" (أيلول 2010-العدد 28)، بغياب المتابعة والفحص القياسي للأبراج من قبل سلطة جودة البيئة الفلسطينية، حيث قال في هذا الصدد، بأن السلطة تمنح الموافقات البيئية لمحطات البث الخلوي وتشترط على الشركات الالتزام بالمعايير والتعليمات الخاصة بهذا الشأن؛ إلا أن سلطة البيئة لا تقوم بمتابعة التزام الشركات بهذه المعايير وذلك بسبب عدم توفر جهاز القياس لديها. وأوضح بأن المعايير المعتمدة تعتبر من أفضل المعايير العالمية، ولكن سلطة جودة البيئة لا تقوم بالتأكد من التزام الشركات بها!
وأشار د. جودة إلى أن سلطة جودة البيئة لا تملك أصلا جهاز قياس للإشعاعات. وقال بأنه "حسب علمه لم يفحص أي برج من أبراج شركة الوطنية للاتصالات".
واعترف د. جودة بأنه، في ظل فوضى القياسات وغياب جهاز لسلطة البيئة، فانه لا يستطيع الجزم بأن شركتي الاتصالات (جوال والوطنية)، تلتزمان بمعايير 2009 المخفضة أم تزيد عنها.
امتلاك المعرفة شرط أساسي للاعتراض
وفي أيلول الماضي أيضا، قررت "محكمة العدل العليا" الإسرائيلية، بأن شركات الخلوي في إسرائيل لا تستطيع، في المستقبل القريب، نصب هوائيات صغيرة، أو ما اصطلح شعبيا على تسميتها بهوائيات "الشرفات"، دون الحصول على تصريح خاص من المجلس المحلي. ويسري مفعول القرار بشكل مؤقت حتى إنجاز الأنظمة الخاصة بذالك بواسطة الكنيست.
واتخذ هذا القرار، إثر رفع العديد من الشكاوى المتعلقة بنصب مثل هذه الهوائيات؛ وبخاصة من قبل مركز الحكم المحلي، بلدية "هرتسيليا"، و"منتدى الهوائيات المتزنة". واعتبر المشتكون أن "من حق الجمهور معرفة الأماكن التي تنصب فيها شركات الخلوي الهوائيات الصغيرة. لأنه، حينما يمتلك (الجمهور) المعرفة، فيستطيع آنذاك الاعتراض".
وقد تمحورت الشكاوى والجدل المتواصل حول حقيقة أن المنشآت الهوائية الصغيرة لا تحتاج إلى تراخيص بناء؛ وذلك بخلاف الهوائيات العادية التي تحتاج إلى ترخيص بناء من السلطة المحلية. بمعنى أن شركات الخلوي غير ملزمة بأن تبلغ السلطة المحلية عن الهوائيات الصغيرة؛ وبالتالي، فإن الجمهور لا يعرف مكان تواجدها ولا يستطيع الاعتراض على إقامتها.
لذا؛ استغلت شركات الخلوي، خلال السنين الماضية، هذه الطريقة السريعة؛ فأقامت آلاف الهوائيات الصغيرة، بدلا من الهوائيات العادية التي يتطلب نصبها إجراءات طويلة ومعقدة.
وقد تحفظت وزارة البيئة الإسرائيلية على ظاهرة تكاثر الهوائيات الصغيرة؛ حيث أن عددها الكبير يعرض الناس لإشعاعاتها طيلة ساعات طويلة يوميا دون معرفتهم.
وفي سياق رده على قرار المحكمة الإسرائيلية، قال "شلومو بوحبوط" رئيس مركز الحكم المحلي الإسرائيلي: "هذا إنجاز عظيم. اتخذنا إجراءً شجاعا وأصرينا على موقفنا بالرغم من الضغوط التي مارستها اللوبيات المختلفة وشركات الخلوي. سأواصل إسماع صرخة المواطن الصغير".
ومن ناحيته، عقب المحامي الإسرائيلي "ميخائيل بار"، باسم "منتدى الخلويات المتزنة" وهو عبارة عن تحالف لبضع منظمات تنشط في مجال الإشعاع الخلوي: "يضمن هذا القرار بأن لا ينضم عدد إضافي كبير من المواطنين إلى أولئك الذين يتعرضون يوميا للأشعة المنبعثة من هوائيات الخلوي دون معرفتهم. إن 80-90% من هوائيات الخلوي الجديدة التي نصبت في إسرائيل في السنين الأخيرة عبارة عن هوائيات صغيرة كتلك التي اتخذت المحكمة قرارا بمنع نصبها دون تصريح؛ أي أنها نصبت دون معرفة الجمهور ودون إعطائه الحق في الاعتراض".
وتدعي شركات الخلوي الإسرائيلية بأن قرار المحكمة هو نتيجة فشل الوزارات (الإسرائيلية)، المعنية بالتوصل إلى صيغة متفق عليها حول أنظمة إقامة الهوائيات الخلوية الصغيرة. والمتضرر من هذا القرار، حسب زعمها، هو الجمهور الذي "سيتعرض لجودة بث متدنية، ولشدة بث أعلى، دون أي مبرر".
|