November 2010 No (30)
مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
تشرين ثاني 2010 العدد (30)
 

موسم قطاف الزيتون في الكفريات
تكافل أسري وتواصل عميق مع الأرض

ر. ع.
خاص بآفاق البيئة والتنمية

ما بين أوائل الخريف من كل عام وحتى أواخره، يسود الهدوء القرى والبلدات الفلسطينية، فتخلو البيوت من قاطنيها، الذين يشدون رحالهم كل صباح، متجهين إلى حقولهم حيث يقضون فيها ساعات طوال حتى يغادروها في المساء، وذلك ضمن أجواء تتكافل فيها الأسرة الفلسطينية الريفية، وتتجلى خلالها روح العمل الجماعي، ما يشكّل لوحة طبيعية تعكس ترابط الثالوث المتوارث عبر الأجيال (الإنسان، الأرض والشجر). فيكون هذا التوحد مع الطبيعة والصبر في العمل سمة موسم (جد الزيتون الفلسطيني) الذي يلقبه البعض بالموسم الوطني، نظراً لما تعنيه الأرض الفلسطينية من قيمة لا تقدر بثمن.


وفي قرى الكفريات السبع شمال الضفة الغربية، لا يختلف الحال، بل يتشابه مضفياً نوعاً من الطمأنينة على الإرث الفلسطيني المصان بتقدير الفلاحين لأرضهم واستفادتهم من خيراتها،  حيث تتماهى الأسر في الحقول بين أغصان الزيتون وفوق السلالم وعلى الحصائر أسفل الشجر.
من كفر زيباد، زار طاقم مركز معاً عائلة غنايم التي كانت منهمكة في قطف الزيتون. حيث رحب بهن المربي نبيل، أستاذ اللغة الإنجليزية في ثانوية كفر زيباد ورئيس نادي القرية الرياضي، والذي تواجد برفقة شقيقته وزوجته وابنتيه الصغيرتين اللتين جاءتا من المدرسة بعد انتهاء الدوام للمشاركة في قطف الزيتون. من هناك تحدث نبيل عن تفاصيل موسم القطاف والذي وصفه بالوطني، قائلاً: " أوائل كل خريف، تبدأ حالة التأهب

   

لموسم القطاف، عبر تحضير مستلزمات العمل من سلالم، أكياس خيش، حصائر، منشار، مقص، عصا رفيعة، سلة طعام وقناني ماء( نظراً لبعد الحقل عن المنزل في الأغلب)، ثم يبدأ العمل من الساعة السادسة صباحاً حتى الخامسة مساءً، على مدار سبعة أيام في الأسبوع، يتفاعل خلالها كل أفراد العائلة، ولإشراك طلبة المدارس مع ذويهم في (جد الزيتون)، تم تقليص الدوام في المدارس بقرار حكومي مدة ساعتين".


نبيل الذي يملك هو وأخوته حقلاً تبلغ مساحته 20 دونماً، يجني من عصر زيتونه ما يعادل عشرين تنكة زيت، يحتفظ بجزءٍ منها لاستخدام العائلة ويبيع الآخر لزبائنه في بيت لحم أو داخل الخط الأخضر، بينما يخصص أربع تنكات للزيتون المكبوس الذي يقدمه هدية لأخوته في الغربة.
تقول الزوجة أميرة التي استقرت في الكفريات حين تزوجت نبيل في التسعينيات، بعد أن عاشت في الأردن والكويت بعيداً عن أجواء الريف: "على الرغم من التعب المبذول في القطاف إلا أنني انتظره كل عام، حيث أضع لمساتي الفنية على ثمر الزيتون فأحفظه مكبوساً في تنكات بطرق عدّة، فأعدّ من الزيتون الأخضر "الرصيع"، ومن الأسود "الزيتون المنخز"، وأنزع البذرة من الأخضر لأصنع "الزيتون المحشي" بالثوم والجزر والفلفل".

وفي سؤال لنبيل -الذي كان يقلّم إحدى الشجرات ليسمح بأشعة الشمس دخول أحد أجزائها، مستخدماً في الوقت نفسه الأغصان وقوداً لمدفأته في الشتاء- حول المبيدات الكيماوية، أعترف باستخدامه الأمونياك مرةً واحدة سنوياً للقضاء على الأعشاب الضارة، بالرغم من تشديد المرشدين الزراعيين على خيار حراثة الأرض بدلاً من قتل العشب بالمبيد، إلا ان أجرة الحراثة مكلفة للمزارع –على حد قول نبيل-حيث تبلغ يومية العامل على الجرّار الزراعي 200 شيقلاً. لكنه عاد مؤكداً استخدامه الزبل العربي المتوفر من مزرعة شقيقه.
"أجواؤنا مفعمة بالكد والصبر والعرق، وأوقاتنا مباركة كونها لأجل شجرة الزيتون، أحد كنوز فلسطين" ختم نبيل.

التعليقات

 

الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
مجلة افاق البيئة و التنمية
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية

يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية