October 2010 No (29)
مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
تشرين اول 2010 العدد (29)
 

73 مليون مواطن أميركي بالغ يعانون من السمنة الزائدة
بسبب السمنة: الأميركيون يبذرون سنويا على سياراتهم مليارات اللترات الزائدة من البنزين
الولايات المتحدة تستهلك يوميا 21 مليون برميل نفط من أصل 86 مليون يستهلكها العالم كله
وباء السمنة المفرطة يكلف خزينة وزارة الصحة الأميركية 147 مليار دولار سنويا

ج. ك.
خاص بآفاق البيئة والتنمية

لا تزال الأوساط الصحية الرسمية في الولايات المتحدة، ومنذ نحو أربعين عاما، تحذر مرارا وتكرارا من ظاهرة السمنة المتفشية في المجتمع الأميركي.  إذ أن السمنة الزائدة تتفاقم من عام إلى آخر، وتشكل خطرا على حياة الذين يعانون منها.  ويتم التعامل معها باعتبارها وباءً يشكل عبئا ماليا على النظام الصحي الأميركي.  ومع ذلك؛ لم يغير الأميركيون أنماط سلوكهم الغذائي؛ إذ يأكلون أكثر ويتحركون أقل وتزداد سمنتهم.  وقد نشر مركز التحكم ومنع الأمراض (CDC )، في أواسط آب الماضي، تقريرا تفصيليا بَيَّن أن 2.4 مليون أميركي انضموا إلى قائمة الذين يعانون من السمنة الزائدة والذين وصل عددهم إلى 73 مليون مواطن أميركي بالغ (18 سنة وما فوق).

ولا يمكن لأي زائر في الولايات المتحدة إلا أن يرى، في كل مكان، كماًّ كبيراً من الأفراد ذوي الوزن الزائد.  وهذا يشير إلى أن التحذيرات لم تجدِ نفعا ولم تؤثر على الأميركيين الشَبْعَى.

وقد نُشر مؤخرا بحث أجراه علماء من جامعتي "إلينوي" و"كومونويلث" الأميركيتين؛ ربط، لأول مرة، بين زيادة الوزن وبين الاستهلاك الزائد للبنزين.  وتضاف هذه العلاقة إلى حقيقة أن السيارات الأميركية معروفة باستهلاكها الكبير للبنزين، بالرغم من الارتفاع المتواصل لسعر البنزين.
وبحسب البحث، يبذر الأميركيون مليارات اللترات الزائدة من البنزين، بسبب السمنة الآخذة في التفاقم؛ وبالتالي، بسبب امتلاكهم لعدد أكبر من السيارات الكبيرة التي تستهلك كميات كبيرة من الوقود.  كما يشير خبراء المواصلات والطاقة إلى أن عدم الأمان على الشوارع يزداد، وترتفع نسبة الإصابات الناتجة عن حوادث الطرق، بسبب السائقين والمسافرين الذين يعانون من السمنة الزائدة ولا يربطون أحزمة الأمان، بسبب الصعوبة الفيزيائية التي تمنعهم من ذلك.

مؤشر التعامل مع وزن الجسم
ويسمى المؤشر العلمي العالمي المتعارف عليه للتعامل مع الأوزان بـِ BMI (body mass index ) وهو عبارة عن العلاقة بين الوزن والطول؛ ويتم احتسابه من خلال قسمة وزن الجسم بالكيلوغرام على مربع الطول بالأمتار.  ويعد الوزن سليماً وطبيعياً إذا كان المؤشر بين 19 و25.  أما الذين يقعون بين 26 و30، فيعد وزنهم زائدا.  بينما يعتبر الوزن حالة مرضية (سمنة) إذا زادت قيمة المؤشر على 30.  وأولئك الذين تبلغ قيمة المؤشر لديهم أقل من 19 فيعتبرون من فئة الذين يعانون من نقص في الوزن.  

وقد أشار تقرير أميركي نشر في حزيران الماضي، إلى أن احتمال وفاة السائق الذي يربط حزام الأمان ويعاني من السمنة الزائدة، أي أن BMI لديه يتراوح تحديدا بين 35 و50 – احتمال وفاته في حادث طرق أقل من 22%، بالمقارنة مع سائق يربط أيضا حزام الأمان ويعاني من نقص في الوزن (BMI بين 18.4 و15).  إلا أن احتمال وفاة السائق الذي لا يربط حزام الأمان ويعاني من السمنة الزائدة أعلى بـ 10% بالمقارنة مع السائق النحيل الذي لا يربط أيضا حزام الأمان.

ويكلف وباء السمنة الزائدة خزينة وزارة الصحة الأميركية مبلغا سنويا خياليا يصل إلى 147 مليار دولار.  أي، من ناحية النفقات الطبية، تكلفة المواطن الأميركي الذي يعاني من الوزن الزائد، أكبر بـ 1429 دولار سنويا من الشخص ذي الوزن الطبيعي.   

بسبب السمنة الأميركية: 3.8 مليار لتر إضافي من البنزين سنويا
ويفترض بالذين يعانون من السمنة الزائدة، أي أن مؤشر BMI لديهم أكبر من 30، أن يخضعوا لرقابة ومتابعة طبيتين متواصلتين؛ لأن لديهم احتمال مرتفع بأن يصابوا بسلسلة طويلة من الأمراض الصعبة والمزمنة، مثل أمراض القلب، السكري، جلطة دماغية وأنواع مختلفة من السرطان.  وإزاء ذلك، وضعت الحكومة الأميركية نصب أعينها هدفا يتمثل بخفض حجم ظاهرة السمنة بنسبة 15%، بالمقارنة مع عام 2009.
وقد ساهمت معطيات خطيرة أخرى في تكثيف التحرك من أجل مكافحة ظاهرة السمنة الزائدة، وتتمثل هذه المعطيات التي تتضمن أبعادا مالية وبيئية، في أن خبراء الطاقة يقدرون بأن قطاع المواصلات الأميركي اضطر خلال الفترة بين 1960 و2002، إلى استهلاك 3.8 مليار لتر إضافي من البنزين سنويا، كي تتمكن السيارات المسافرة في الشوارع الأميركية من تحمل الأوزان الزائدة للسائقين والركاب.  وبكلمات أخرى:  لو التزم الأميركيون بمتابعة أوزانهم لدى أخصائيي الوزن، لاستطاعوا عندها توفير 0.7% من استهلاك السيارات السنوي للوقود في الولايات المتحدة، والذي يقدر بنصف تريليون لتر سنويا.

وفي تحليل إحصائي مثير نشر في موقع entrepreneur.com واستند إلى بحث أجري عام 2006، وجد أنه في الإثنتي وأربعين سنة الأخيرة تم تبذير 300 مليون لتر بنزين إضافي عن كل 1 كلغم إضافي فوق معدل وزن المسافر الأميركي (في السيارات).  ومن المعروف أن كل كيلوغرام إضافي يزيد استهلاك وقود السيارة.

ويعتبر بعض الخبراء أن المشكلة دائرية:  كل ساعة يسافر فيها الأميركي المتوسط في سيارته، بدلا من سيره على الأقدام أو ركوبه الدراجة، ترفع بنسبة 6% احتمال أن يزيد وزنه.  بينما كل 800 متر سيرا على الأقدام تخفض نسبة المخاطرة بذات المقدار.

ارتفاع ضخم في نسبة حيازة السيارات الكبيرة
وقد وجد تقرير آخر نشر العام الماضي، بأنه في الفترة بين 1999 و2005، وبموازاة الارتفاع الكبير في نسبة الوزن الزائد في الولايات المتحدة، فقد حصل ارتفاع ضخم في نسبة حيازة السيارات الكبيرة ذوي الوزن الثقيل، مثل السيارات العائلية الكبيرة والشاحنات وغيرها، علما بأن نسبة شراء مثل هذه السيارات ارتفعت من 16% (من إجمالي مشتريات السيارات) في مطلع السبعينيات، لتصل إلى 40% عام 2005.  وفي الفترة بين 1999 و2005 ازدادت نسبة الذين يعانون من الوزن الزائد بمقدار 10%.

ولا بد من التنويه إلى أن زيادة استهلاك البنزين لا تعود فقط إلى وزن الجسم، بل أيضا إلى زيادة عدد السيارات في الشوارع الأميركية.  ومع ذلك، يدور الحديث عن كمية وقود كبيرة لا تزال تزداد باضطراد، بالتوازي مع تواصل ارتفاع السمنة لدى الأميركيين.    

السيارات الأميركية تستهلك 45% من البنزين العالمي
من المثير أن سكان الولايات المتحدة (310 مليون) الذين يشكلون 5% فقط من إجمالي سكان العالم يستهلكون ربع كمية النفط العالمية المخصصة للسيارات بأنواعها المختلفة.  وبالأرقام:  تستهلك الولايات المتحدة يوميا 21 مليون برميل نفط من أصل 86 مليون يستهلكها العالم كله!  كما أن السيارات الأميركية تستهلك 45% من البنزين العالمي!  ولو تم تعديل معطيات البحث السابق، استنادا إلى المعطيات الأخيرة، سنجد بأن نحو 54 مليون برميل نفط يتم تبذيرها سنويا بسبب الوزن الزائد لدى الأميركيين.

ومن الواضح أن كميات الوقود المستهلكة تزداد مع زيادة عدد الأشخاص ثقيلي الوزن المسافرين من مكان إلى آخر.  كما أن وزن السيارات آخذ في الزيادة، مما يتطلب محركات أكبر بكثير لتحريك تلك السيارات على الشارع، أي أنها تستهلك كمية وقود أكبر بكثير. 

ويجب ألا ننسى بأن ظاهرة السمنة المرضية المتفشية في الولايات المتحدة تتعلق بالاختراع الأميركي الذي تم تصديره إلى العالم؛ والمتمثل في أطعمة “JUNK FOOD” و"الستيكات" بأحجام وحشية في صحون نزلاء المطاعم والفنادق.  ويعاني الأميركيون، حاليا، من مشاكل طبية جنوها هم على أنفسهم.  بالإضافة إلى الزيادة المتضخمة في نفقات الوقود.

وبالمقارنة مع السيارة اليابانية أو الأوروبية، تستهلك السيارة الأميركية بنزين أكثر بـ 30% - 50% لكل كيلومتر واحد.  ومن ناحية استهلاك الوقود، لو تم رفع كفاءة السيارات الأميركية أكثر، فيمكن، عندئذ، وخلال فترة وجيزة، أن تقلل الولايات المتحدة استيراد النفط بنسبة 25%، أي بنحو 3 – 5 ملايين برميل نفط يوميا. 
وفي الواقع، طلبت الإدارة الأميركية من منتجي السيارات العمل في هذا الاتجاه؛ لتقليل نفقات المواطن الأميركي على البنزين، فضلا عن خفض الإنفاق القومي على النفط، مما سيترك أثرا إيجابيا على البيئة والمناخ أيضا.  ومع ذلك، يجمع الخبراء على أن الأميركيين يجب أن يغيروا أنماط سلوكهم الغذائي المعادي للصحة والبيئة والاقتصاد في آن معا.

وفعلا، أعلنت الإدارة الأميركية، منذ نحو خمس سنوات، بأن استهلاك السيارات المفرط للبنزين يشكل "مشكلة جدية للأمن القومي"، لأنه لا تزال للولايات المتحدة تبعية لاستيراد النفط من دول أخرى.
ومع ذلك، لا يزال الاستهلاك الأميركي للبنزين في ارتفاع متواصل، بالتوازي مع استمرار تفاقم وتفشي ظاهرة السمنة.   

التعليقات

اولا شكرا على المقالة المثيرة
فقط اود التنويه بالنسبة ل: \"ويعاني الامريكيون، حاليا، من مشالكل طبية
جنوها هم على أنفسهم\" بأنه لا يمكن تجاهل الابعاد الطبقية لهذة الظاهرة
والفروقات الطبقية داخل المجتمع الأمريكي فأن السمنة تعد من نصيب الفقراء
أكثر مما هي من نصيب ميسوري الحال أما مروجو الجانك-فود فهم من الساعيين وراء
الربح المادي السريع وبهذا يكون العدد الاكبر من الامريكيين والنسبة الاكبر
من المجتمع الأمريكي ضحية لنظام أقتصادي يعتمد الربح السريع ويزيد من التفاوت
بين الطبقات

نسرين مزاوي
الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
مجلة افاق البيئة و التنمية
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية

يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية