l رئيسي3
 
October 2010 No (29)
مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
تشرين اول 2010 العدد (29)
 

 

متضمنو الأراضي في الكفريات... عهدة يستثمرونها بالدفيئات الزراعية
مدير دائرة التربة والري في وزارة الزراعة: هناك مشكلة حقيقية في الرقابة على المزارع

ربى عنبتاوي
خاص بآفاق البيئة والتنمية

بسبب استقرارهم وابتعادهم عن العمل الزراعي، عمد الكثير من أصحاب أراضي الكفريات في مدينتي قلقيلية وطولكرم، إلى تأجيرها لفلاحي الكفريات حيث يحافظون عليها ويجنون ثمارها بجهدهم وكدحهم، فتزدان خضرةً وتتنوع بشتى المحاصيل فتجود ولا تبور، معتمدين في الأغلب على البيوت البلاستيكية( الدفيئات) الأكثر جدوىً وأماناً.
من كفر جمال تحدث المزارع محمد جابر، المتضمن لعشرة دونمات من صاحبها القلقيلي حيث يزرع فيها زعتراً وملوخية:  "إلمامي بالأمور الزراعية بدأ منذ كنت شاباً أعمل على جرار زراعي في منطقة الكفريات، فازدادت خبرتي بتفاصيل الأرض واحتياجاتها، كما أن تعلمي العبرية في منطقة الطيبة داخل الخط الأخضر، يسّر لي قراءة نشرات الأسمدة والمبيدات الكيماوية فتفوقت على نظرائي في هذا المجال، وساعدت مزارعي القرية على ترشيد استخدامهم لها".
ومع شيوع البيوت البلاستيكية كوسيلة "آمنة" وذات جدوى للمزارعين، كان جابر من أوائل المستخدمين لها، حيث لجأ لحداد صنع له قضبان البيت، وقصد بائع بلاستيك فاشترى أغلفة للدفيئة، ثم أخذ يزرعها كل عام خضروات ونباتات عشبية، فيجني محاصيلاً وفيرة يبيعها في سوق قلقيلية والقرى المجاورة.
جابر الذي يؤكد استخدامه للأسمدة العضوية كالكومبست، يزيل الحشائش الضارة بالطرق التقليدية، ويقول: "فضلت في الفترة الأخيرة استبدال زراعة البندورة والخيار، بنباتات أقل تعرضاً للأمراض كالزعتر والملوخية والفلفل، فبعد مهاجمة  ديدان النيماتودا لمحصول الخيار، لجأت للتعقيم الحراري، الذي يعتمد على رفع درجة حرارة التربة المعالجة إلى 45 درجة مئوية نهاراً، ما يسبب الموت الفيزيائي لمسببات الأمراض وبذور الحشائش، الأمر الذي استنزف مني وقتاً وجهداً أنا في غنىً عنه كمتضمن للأرض وليس مالكاً لها".

أسباب أمنية لمنع الأسمدة الكيماوية... تصب في مصلحة المستهلك
يشير جابر إلى أن الاحتلال ولأسباب أمنية، منع في السنوات الأخيرة إدخال العديد من الأسمدة الكيماوية إلى أراضي الضفة الغربية خوفاً من استخدامها لصناعة المتفجرات، ما أدى إلى غلاء سعر المتوفر منها، ما أجبر المزارع على العودة إلى السماد العضوي، ما له من فائدة على الصحة العامة. وبالنسبة لتأمين مياه الري إلى البيوت البلاستيكية، أشار جابر إلى أنها تتوفر عبر مشروع بئر المياه القطرية في المنطقة، الممول من عدة جهات دولية ومؤسسات أهلية، فلسطينية والذي يساعد المزارعين على تأمين مياه للري بسعر مخفّض، ويولّد الكهرباء في المنطقة.

عدم ثقة إسرائيلية بالمنتج الزراعي الفلسطيني، لم تأتِ من فراغ
في السابق، كان جابر يبيع بعضاً من محصوله للإسرائيليين، لافتاً إلى أن الدخول إلى سوقهم، عملية ليست بالسهلة فالتعامل يشوبه عدم الثقة من المزارع الفلسطيني، حيث لا يدخل المحصول قبل إجراء فحص مخبري لعينات عشوائية تقاس فيها نسبة الكيماويات والسمية، خوفاً من أن تكون مروية بالمياه العادمة.
واستيضاحاً عن سبب التخوّف الإسرائيلي، تم الاستفسار من قبل وزارة الزراعة، حيث أستشهد مدير السياسات والتخطيط "عبد الله لحلوح"، بمثال حول تجاوزات بعض مزارعي الخليل، الذين كانوا يستخدمون المياه العادمة لري كروم العنب وامتناع السوق الإسرائيلي في المقابل عن شراء عنبهم الملوث، ما حدا بالوزارة لتكثيف حملاتها الإرشادية لاستئصال هذا السلوك السلبي من المزارعين، في محاولة لإعادة ثقة الإسرائيلي بالمنتج الفلسطيني. كما أكّد الأمر أيضاً مدير دائرة التربة والري "قاسم عبدو"، حيث أشار إلى معاقبة عدة مزارعين في الضفة الغربية بسجنهم ومن ثم إخراجهم بكفالة، بعد تورطهم بري مزروعاتهم بمياه المجاري.

المزارعة المثقفة جيهان... التزام حقيقي بالزراعة العضوية
السيدة جيهان توبة، عضو مجلس محلي كفر جمال، والمزارعة النشيطة لخمسة دونمات تتضمنها وتزرعها بالفلفل والبندورة والزعتر، ومن خلال جولة لبيتها البلاستيكي، تم رصد ملامح التزامها بالزراعة العضوية التي اكتسبتها بفضل الإرشاد الزراعي من قبل مركز العمل التنموي(معاً) ومؤسسات أخرى.
تلتزم جيهان التي اعترفت باستخدامها المحدود للمبيدات الكيماوية في الماضي، بنظام  المكافحة المتكاملة IPM ، وهو نظام لوقاية النبات يجمع بين المكافحة الحيوية والكيماوية، تقول: "استخدم لتسميد الأرض الزبل البلدي الذي أخمّره في برميل مملوء بالماء، حيث يضاف المسحوق المخمر إلى برميل الري الذي تنساب مياهه عبر أنابيب التنقيط، فتوفر ما يحتاجه الزرع من ماء وغذاء".
كما تعلّق جيهان داخل البيوت البلاستيكية، البطاقات الصفراء اللاصقة لاصطياد الحشرات المتطفلة على المزروعات، كما تغلّف عنب داليتها الصغيرة بأكياس ورقية، حفاظاً عليها من العصافير والحشرات الضارة.

لا رقابة على الأسمدة والمبيدات
المدير التنفيذي لمجلس خدمات الكفريات المشترك "محمد خضر"، تحدث عن خصوصية منطقة الكفريات ذات الطابع الزراعي، حيث أشار إلى وجود ما لا يقل عن 300 بيت بلاستيكي في القرى السبع: (راس، صور، كور، كفر جمّال، زيباد، كفر عبوش وشوفه)، حيث يفضلها المزارعون لأنها ذات جدوى وأكثر أمناً، بحيث تتركز الزراعة البعلية على حقول الزيتون، بمعدل أمطار  يصل إلى  518 ملم في السنة.
" أحياناً، أهمّ بتناول حبة فاكهة، ولكن سرعان ما ألقيها بعيداً، فطعمها كالدواء، وشكلها متضخم ولمعانها غير عادي. فأحمد الله أن والدي الشيخ ما زال حياً ويهتم بحقلنا، الذي لا يلوثه أي مصدر كيماوي" قال خضر
يؤكد خضر أن السوق مفتوح لمختلف أصناف المبيدات والأسمدة الكيماوية في ظل غياب الرقابة، معرباً عن قلقله من استعمال تلك المواد المسببة للأمراض على المدى البعيد، مع عدم التزام المزارعين بشروط الأمان للأسمدة، وتراجع استخدام الزبل البلدي بسبب تضاؤل الثروة الحيوانية.   

دور الوزارة التنظيم والتشريع، أما التنفيذ فعلى المجتمع المدني والقطاع الخاص
عودة إلى وزارة الزراعة، تحدث قاسم عبدو عن علاقة الوزارة بالمزارع، والتي لا تنتهج أسلوب الفرض بل التشاور والإقناع، حيث تقوم بمتابعة ومراقبة المزارع من خلال المديريات التي يتخصص فيها مرشدون زراعيون لمراقبة ومعالجة المشاكل الزراعية، كما أن الوزارة تقوم بعملية التوجيه وضمان العدل الاجتماعي للمشاريع المنفذة، بالإضافة إلى وضع اللوائح والقوانين التي تنظم العمل الزراعي، منوهاً إلى أن المشاريع التنفيذية هي بالدرجة الأولى مسؤولية مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص.
وعن  دعم المزارع الفلسطيني من الناحية الإرشادية، قال عبدو: "دورنا يتمثل في أحد أشكاله بالإدارة الغير مباشرة، وذلك بأن نختار بشكل عشوائي رقعة أرض زراعية في منطقة معينة، ومن خلال مهندسين زراعيين يتم دراسة الأرض وإمكانياتها، ثم يتم تزويد المزارع بخطة زراعية تنظم استخدام السماد والمبيدات والمياه، وهكذا، بعد ان ينمو المحصول يكتشف المزارع ان الإنتاج أصبح أفضل بتكلفة اقل، ما يؤثر على المزارعين من حوله فينتهجون نفس الخطة الزراعية".

أزمة مياه ... إنتاج زراعي أقل
وحول المياه في الضفة الغربية أوضح عبدو، أن هناك مشكلة حقيقية بسبب ارتفاع معدلات الجفاف في السنوات الأخيرة، وسيطرة الاحتلال على المصادر المائية في الضفة الغربية، إضافةً إلى تآكل الآبار والتي لم يرمم معظمها منذ عام 67 ما يؤثر على منسوب المياه، عدا عن فوضى السيطرة الفردية على الآبار، وعدم استطاعة الوزارة إعادتها إلى الملكية العامة، خوفاً من سيطرة الاحتلال عليها، فتقوم على الأقل بتنظيم وضع تعرفة  لسعر كوب الماء المباع، وتحديد نسبة ضخ المياه من البئر بناءً على احتياجات المنطقة المحيطة. كل تلك المشاكل المائية مجتمعة، أضاف عبدو، تقلل من الإنتاج الزراعي.
"الإسرائيليون يدّعون أننا نملك ما يكفينا من المياه، لكننا لا نجيد استخدامها، فمن وجهة نظرهم، مياهنا هي فقط مخصصة للأغراض المنزلية، وان زرعنا فعلينا ان لا نتجاوز مكونات طبق السَلَطة". استطرد عبدو

غياب رقابة حقيقية على المزارع
وحول خصوبة التربة واستنزافها بسبب سوء الاستخدام، قال عبدو انه لا يوجد تربة صالحة أو غير صالحة، فما تحتاجه النبتة لتنمو هو توفر 16 عنصراً في التربة، وما يحدث للمزارع مع أرضه، هو أن يضعف عنصر أو أكثر من العناصر الـ 16 ما يؤثر على الإنتاج، وهذا يمكن اكتشافه عبر الفحص المخبري للتربة-من خلال مختبرات تابعة للوزارة أو للقطاع الخاص- الذي لا يعبأ كثير من المزارعين بإجرائه، وبالتالي لا يتم تحديد العنصر الناقص، فيستخدم المزارع أكثر من نوع سماد ويبالغ في الكمية، وذلك في ظل غياب رقابة حقيقية من قبل الوزارة.
وحول الرقابة على المبيدات الكيماوية، قال عبدو أن المبيدات أصبحت غالية الثمن،  تفوق قدرة المزارع الذي من أهم أهدافه الاقتصاد في الزراعة، وحتى يتم التقليل من ظاهرة استخدام الكيماويات، تم تشجيع الوزارة  للمزارع على نظام الجاب، أي التصدير لأوروبا من أجل التزامه بالمعايير والمواصفات العالمية.

عبدو: "المبالغة في الحديث عن مخاطر الأسمدة الكيماوية فلسفة للأمور"
وبالرغم من المخاوف المستمرة من تأثير الكيماويات على المزروعات والتي ثبتت خطورتها علمياً، أعرب عبدو: " برأيي البديل صعب حين نتحدث عن الأسمدة الكيماوية، كما أن السماد الذي يدخل في تركيبته النيتريت والامونيا الخطر، لا يتوفر في السوق الفلسطينية، وأرى أن مبالغة الحديث عن تسبب الأسمدة الكيماوية بالأمراض هو فلسفة للأمور".
وأكد عبدو أن وزارة الزراعة ليست نظاماً اشتراكيا، فهي تقدم المشورة للمزارع من حيث المحصول الملائم لأرضه، ولا تفرض رأيها عليه، مؤكداً أنها تتدخل في التجاوزات التي تؤثر على الصحة العامة، حيث حولت كثيراً من  القضايا للقضاء مثل استخدام الأسمدة الكيماوية الممنوعة، أو المياه العادمة لري المزروعات.  
وعن الحل الأمثل في مسألة تطبيق رقابة حقيقية، لفت عبدو إلى أنه يكمن في تأسيس شرطة بيئية بالتنسيق مع وزارتي الزراعة والداخلية وسلطة جودة البيئة، الأمر الذي طرحه وزير الزراعة إسماعيل دعيق، ولكنه فعلياً صعب التطبيق في الوضع الراهن، لضعف الإمكانيات المادية والمهنية المتخصصة في هذا المجال.

التعليقات

 أغلب المزارعين أينما ذهبت يقولون بأنهم لا يرون مرشدي وزارة الزراعة، علما
 بأن في الوزارة طابور ضخم من العاملين والمهندسين، فماذا عساهم فاعلون؟
 الحقيقة أن الساحة الزراعية مستباحة لتجار الأدوية والسموم ...

محمد محمد البطاط

الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
  مجلة افاق البيئة و التنمية
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية

يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية