l رئيسي1
 
October 2010 No (29)
مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
تشرين اول 2010 العدد (29)
 

 

إسرائيل سرقت منابعه وروافده وحولته إلى نهر مشوه المعالم ومرتع للنفايات السائلة
تحت رعاية منظمة "أصدقاء الأرض–الشرق الأوسط" الإسرائيلية: 
قفزة جماعية استعراضية في نهر الأردن

نادر الخطيب: التعاون الإسرائيلي الفلسطيني هو السبيل الوحيد لمواجهة التحديات البيئية
عدنان حامد:  سنجرب البيئة التي ربما تقربنا نحو السلام أكثر من الحرب

جورج كرزم
خاص بآفاق البيئة والتنمية

في حركة جماعية استعراضية، قفز في منتصف آب الماضي عشرات "الناشطين البيئيين" وأعضاء ورؤساء بلديات إسرائيليين وفلسطينيين في الجزء الجنوبي من نهر الأردن، معبرين عن رغبتهم المشتركة في إصلاح الوضع المتدهور لنهر الأردن، من خلال "التعايش الإسرائيلي الفلسطيني" في ظل الاحتلال. وقد تستر هذا النشاط التطبيعي بعباءة بيئية، مقلدا الحدث البيئي الأوروبي القديم الذي يمارس سنويا منذ خمسة وعشرين عاما والمتمثل بالقفز الجماعي في الأنهر، تحت شعار "القفزة الكبيرة"؛ إذ وقف في الصيف الأخير أكثر من نصف مليون أوروبي بمحاذاة بعض الأنهر، وهم يرتدون ألبسة السباحة.  وذلك بهدف إثارة الوعي بالأوضاع المتردية للأنهر في العالم.
وهذه هي السنة الثالثة على التوالي التي تجري فيها القفزة الجماعية التطبيعية في نهر الأردن، تحت رعاية المنظمة الإسرائيلية "أصدقاء الأرض – الشرق الأوسط" التي تدعي بأنها تعمل على "إصلاح" الوضع المتدهور للنهر، علما بأن الإسرائيليين هم السبب الأساسي في استنزافه وتدميره؛ حيث نهب الأخيرون خلال العقود الأخيرة كميات هائلة من مياه بحيرة طبرية التي تعد أهم مغذّ للنهر؛ الأمر الذي أدى إلى هبوط نحو 98% من كميات المياه العذبة المتدفقة فيه. 
وقد جرى الحدث التطبيعي في موقع سياحي على ضفاف نهر الأردن يسمى إسرائيليا "يَرْدِنِيت"؛ وهو يقع في ما يسمى "كيبوتس كينيريت" الذي يبعد نحو 500 متر جنوبي منطقة خروج النهر من بحيرة طبرية.

لقد جربنا الحرب وفشلنا...
في حديثه لصحيفة "معاريف" الإسرائيلية (16 آب الماضي)، وأثناء مشاركته في الحدث المشترك مع الإسرائيليين، قال نادر الخطيب عضو منظمة "أصدقاء الأرض – الشرق الأوسط":  "البيئة يجب أن تشكل أداة وجسرا للسلام، لأنه لا يوجد سبيل آخر سوى التعاون سوية لمواجهة التحديات البيئية"!
ومن ناحيته، قال عدنان حامد عضو مجلس بلدي أريحا لذات الصحيفة:  "يجب أن نشارك الإسرائيليين والأردنيين للحفاظ على نظافة النهر، لما فيه مصلحة الجميع، وبخاصة مدينة أريحا والسياحة في المنطقة.  لقد جربنا الحرب في الماضي؛ أما الآن فسنجرب البيئة التي ربما تقربنا نحو السلام أكثر من الحرب"!

مستنقع من المياه العادمة
حاليا، فإن معظم المياه التي تصب في النهر عبارة عن كميات ضخمة من المياه العادمة الإسرائيلية؛ إذ تعد  التجمعات الاستيطانية اليهودية في طبرية وغور الأردن وبيسان من أكبر ملوثي الجزء الجنوبي من النهر، حيث تعمد هذه التجمعات إلى صب كميات هائلة من المياه العادمة المنزلية والصناعية غير المعالجة فيه، مما حول لون مياهه إلى الأخضر، وانتشرت الروائح الكريهة في مختلف أنحائه.  وتقدر وزارة البيئة الإسرائيلية كميات المياه العادمة التي تتدفق سنويا في الجزء الجنوبي من النهر بنحو 3 ملايين متر مكعب.
وأفاضت إسرائيل عليه كميات ضخمة من مياه المجاري؛ فحولته إلى مستنقع مائي خطر على الصحة العامة وملوث بالنيترات وبمستوى مرتفع من بكتيريا الكوليفورم (القولون)؛ مما يشكل دلالة على أن المياه ملوثة بنسبة عالية من المخلفات البشرية والجراثيم المسببة للأمراض، وذلك بعد أن كان النهر، عبر العصور، من أكثر أنهر العالم اختزانا للقيم التربوية والدينية والبيئية والسياحية. 
وبسبب جريان المياه العادمة والمالحة في النهر، فقد انقرضت أكثر من 50% من أحيائه ونباتاته، خلال الخمسين سنة الأخيرة، كما اختفت جميع الأنواع الحساسة للتلوث والملوحة.
وفي ظل استمرار الوضع الحالي، هناك خطر قائم بأن تجف كليا أجزاء كبيرة من النهر، تماما كما هو حال الجفاف الزاحف في البحر الميت، والذي تسببت فيه إسرائيل أيضا، و للأسباب ذاتها.
وبالمقارنة مع أواسط الستينيات؛ حيث كانت تصب سنويا على طول الجزء الجنوبي من النهر، في جريان سريع،  نحو مليار و300 مليون متر مكعب من المياه العذبة النظيفة، لا يصب حاليا في الجزء الجنوبي من النهر سوى كميات هزيلة جدا من المياه، لا تتجاوز 20 – 30 مليون متر مكعب؛ بينما يتراوح عرض النهر بين نصف متر إلى ستة أمتار فقط!  وذلك قياسا بعرض النهر الذي كان يتراوح بين 40-60 متراً!  أي أن كميات المياه التي كانت تجري تاريخيا في النهر انخفضت بنحو 98%.  وحاليا، لا تتجاوز المياه الطبيعية التي تصب في الجزء الجنوبي من النهر 2% من المياه التي كانت تصب فيه في الماضي. 

مغالطات وأكاذيب
تلوح أوساط إسرائيلية بأن الجزء الجنوبي من نهر الأردن مهدد بالجفاف، وتدعي تلك الأوساط بأن "إنقاذ" النهر يتطلب، على وجه السرعة، أن يضاف إليه 400 مليون متر مكعب من المياه، كحد أدنى.  وتزعم أيضا بأنه من خلال عمل مشترك بين إسرائيل والأردن والسلطة الفلسطينية يمكن توفير 500 مليون متر مكعب سنويا يتم صبها في النهر. وتتجاهل هذه الأوساط بأن إسرائيل حجبت جريان المياه العذبة نحو النهر؛ بل إنها عملت، منذ الستينيات، ولا تزال، على تحويل أكثر من نصف كميات الجريان المائي إلى وجهات أخرى.  ويعد الجزء الجنوبي من نهر الأردن أحد أكثر المسطحات المائية تلوثا في فلسطين؛ إذ إن إسرائيل حولته إلى نهر فقير بالمياه مشوه المعالم ومرتع للنفايات السائلة الإسرائيلية.  كما أنها جففت منابعه وروافده التقليدية التي دأبت على سرقتها وتحويلها إلى صحراء النقب، لأغراض استيطانية. والجريان المائي البارز الذي يمكن ملاحظته في الجزء الجنوبي من النهر هو تدفق المياه العادمة.
ولدى إنشائها ما يسمى "ناقل المياه القطري"، في عام 1964، أقامت إسرائيل سدا، في منطقة تبعد نحو كيلومتر واحد من موقع خروج النهر من بحيرة طبريا، وذلك لمنع تدفق مياه بحيرة طبرية في النهر.  كما أقامت العديد من السدود على طول النهر؛ مما منع تدفق المياه المغذية له، فضلا عن وقف جريان مياه الفيضانات إليه.  

منظمة "أصدقاء الأرض-الشرق الأوسط" تطالب الفلسطينيين بأن يساهموا في "إصلاح" النهر، وكأن للأخيرين "مشاطأة" على النهر.  وهذا، بالطبع، غير صحيح إطلاقا، لأنه لا يوجد للفلسطينيين أية سيطرة أو سيادة أصلا على أي جزء من نهر الأردن، بل إن الفلسطينيين محرومون من حقهم في استخدام ثروتهم المائية في النهر والتي كانوا يستخدمونها جزئيا قبل حزيران عام 1967. كما أن إسرائيل تعتبر مساحات شاسعة من النهر والأراضي المحيطة به منطقة عسكرية مغلقة، بل إن مناطقاً معينة منها لم تطأها قدم الإنسان الفلسطيني منذ أكثر من ستين عاما.  وتحظر إسرائيل الدخول إلى مساحات كبيرة من محيط النهر، بسبب انتشار الألغام الأرضية. 

وبالرغم من كون الإسرائيليين السبب الأساسي في استنزاف وتدمير نهر الأردن؛ فالمطلوب من الفلسطينيين أن يشاركوا الإسرائيليين في مشاريعهم الهادفة إلى إصلاح ما أفسده الأخيرون بشكل منظم، من خلال ما قاموا به من تجفيف الروافد المغذية للنهر، وتحويلها إلى قنوات مياه عادمة بأبخس الأثمان.
ولا تنبس منظمة "أصدقاء الأرض-الشرق الأوسط" وأعضاؤها الفلسطينيون  بكلمة واحدة عن الحل الجذري لمشكلة تراجع النهر وتدهوره، وبالتالي "جفافه"، وهو أن تتوقف إسرائيل عن حجبها لتدفق مياه بحيرة طبرية في نهر الأردن (نحو 650 مليون متر مكعب يتم نهبها سنويا من حوض نهر الأردن).  وهذا يعني توفير مئات ملايين الأمتار المكعبة سنويا من المياه المنهوبة مباشرة من النهر أو من الروافد المغذية له، وهذه الكمية أكبر مما يحتاجه النهر لحل ما يسمى خطر جفافه.  أي أن وقف تدهور نهر الأردن، وبالتالي البحر الميت، يكمن في إعادة الحياة إلى نظام الجريان الطبيعي لسلسلة بحيرة طبرية – نهر الأردن – البحر الميت، الأمر الذي سيساهم في إعادة أكبر قدر من التوازن البيئي الطبيعي الأصلي لحوض نهر الأردن.

التعليقات

لقد أصبح التطبيع والتساوق مع الإسرائيليين بكافة أشكاله، بما في ذلك التطبيع
البيئي، المدخل المطلوب لتدفق الملايين، بل عشرات الملايين من الدولارات من
دول الاتحاد الأوروبي وأميركا الشمالية وأستراليا...وهي على أي حال أموال
قذرة المنتفع الرئيسي منها هم المطبعون أنفسهم ومؤسساتهم ..
عاصم لداوي

 

 هل يعرف القراء ماذا يسمى التعاون مع المحتل في أي قاموس علمي أو لغوي؟ !

سامر السبع

 

الكاتب الأستاذ جورج كرزم دائما السباق في الكشف عن التضليل والأكاذيب
المتسترة تحت أقنعة بيئية أو تنموية أو إنسانية...وما يميز هذا التقرير، كما
كتاباته الأخرى، هو الجرأة والشجاعة العلمية والأخلاقية والمعرفة الواسعة
التي يمتلكها ويسخرها كسلاح لخدمة شعبه بدلا من الانتفاع بها لمصلحته
الشخصية...فهنيئا لك يا أستاذنا العزيز والله يحميك ...
شكرالله السكران

 

 كل الشكر والتقدير على هذا التقرير المهني والأخلاقي والعلمي والشجاع، في عصر
اضمحلت فيه الشجاعة والأخلاق ...
عوض عوض

 

 أتفق تماما مع ما قاله عاصم لداوي وأضيف بأن البيئة ليست مجرد نفايات صلبة أو
تلوث الهواء أو الماء بل هي في حالتنا الفلسطينية الوطن بأكمله...فالتطبيع
البيئي يعني عمليا المساومة على الوطن وبيعه بالتجزئة أو بالجملة ...

كامل حمودي

 

شكراً على جهودك الجبارة في فضح كل المطبعين في فلسطين والعالم العربي
والحمدلله أنك تتقن اللغة العبرية بطلاقة كتابةً وقراءة ومحادثة لكي تنقل
للجمهور الفلسطيني والعربي عن كل أعمال المطبعين ونشاطاتهم مع الاحتلال وهذه
الجرأة من باحث شريف ووطني نقدره ونحترمه ونقف دائماً خلفك يا جورج ولي الشرف
دائماً التعاون البناء معك يا جورج لخدمة الوطن وجعله بيئة نظيفة .
مع وافر الأحترام والتقدير لجهودك الجبارة
د. عثمان شركس

الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
  مجلة افاق البيئة و التنمية
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية

يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية