مبادرات بيئية
من أرض خراب إلى حقل زيتون
قصة حياة في الكفريات بإشراف مركز معاً

ربى عنبتاوي
"أحيانا تكون يد العون، بمثابة أحياءة من موت طويل، وانطلاقة للعطاء اللامتناهي"، ذلك واقع بعض المزارعين الفلسطينيين ممن منعهم شظف العيش من وقفة مع أرضهم الخراب فتركوها مهملة، جافة وصخرية، حتى جاءت قطرة من محيط فدبّت الحياة فيها مجدداً. أرض عائلة أبو جهاد نموذج لقصة حياة كان وراءها مبادرة من مركز العمل التنموي (معاً)، ضمن مشروع تأهيل الأراضي الزراعية في منطقة الكفريات، طولكرم، فكانت البداية بانتظار أن تجود الأرض زيتوناً وزيتاً.
نعمان مدلل الملقب بأبي جهاد، رب أسرة خمسيني لعائلة مكونة من سبعة أفراد، سمع عن مشروع التأهيل من خلال المجلس المحلي للكفريات، قضاء طولكرم، فسارع لتقديم الطلب، وحين جاءت الموافقة، بدأ التحدي أمام أبي جهاد وزوجته رحاب، فعليهما أن يؤهلا الأرض المليئة بالصخور الضخمة لتصبح صالحة للزراعة، فما كان من أبي جهاد حينها إلاّ وأصرّ بشدّة على صاحب حفارة بعد ان رفض في المرة الأولى بسبب صخرية الأرض، وذلك من أجل مساعدته في تكسير الصخور مقابل مبلغ أتفق عليه الاثنان، فما كان من العامل إلا ورضخ للأمر شريطة ألا يجمع الصخور المتكسرة، ما حدا بأبي جهاد وعائلته لتكريس أيام ينظفون الأرض من الصخور ثم يحرثونها.
 |
|
تعب وجهد متواصلان والنتيجة حقل زيتون أخضر
المرحلة الثانية كانت بناء سلاسل حجرية تحيط بالأرض لتحدد مساحتها وتحفظها، ولهذا الغرض استأجر أبو جهاد عمالاً لكنهم لم يتوخوا الدقة فتجاوزوا حدود الأراضي المجاورة، فعاد أبو جهاد وهدم ما تم بناءه ليجرب بنفسه قياسات جديدة بالخيط والميزان، حتى لا يخطئ، داعياً أسرته لمساعدته في بناء السلاسل حجراً حجراً، حتى اكتمل السور فنفذت ثلاثا المهمة، لتجيء المرحلة الثالثة بشراء شتلات زيتون وزارعتها في مناطق مختلفة في الأرض.
" الزيتون ما زال شتلات صغيرة، تلزمها سنة أو اثنتين لتعطي ثمراً، وبالنسبة لريّها فهو يتطلب تعبئة تنكات ماء شهرياً ونقلها على شاحنة لسقايتها صيفاً، الأمر الذي جعلنا نقدم طلباً من مؤسسة معاً لدعمنا في بناء بئر يسهل علينا عملية الري" قالت رحاب.
تلبية العائلة الدؤوب لنداء الأرض
أبو جهاد الذي يزور أرضه بشكل دوري، مستقلاً مركبة عمومية نظراً لبعدها عن المنزل، يلتزم بتعليمات المهندس الزراعي المتابع للمشروع، فيحرث الأرض قبل مواسم المطر حتى تتغلغل مياه الأمطار للجذور فتروي الشجر، كما قام أيضا بتحسين نوعية الزيتون عن طريق عملية تركيب (تطعيم) لتصبح حبة الزيتون أكثر إنتاجا للزيت، وبادر بزرع دالية عنب على طرف سلسلة حجرية، كتجربة ان نجحت فستنمو وتمتد ملوّنة محيط الأرض بالخضرة.
تؤكد الزوجة رحاب أن استصلاح الأرض قد أثر على أبنائها إيجابا، حيث تعاونوا مع والديهم لتأهيل الأرض متحملين جميعاً مشقةً وتعباً لا يوصف، ما جعل العائلة توفر من مبلغ المنحة جزءاً لصالحها، متيقنين بأن الأرض ستكون طيبة وستعطيهم زيتاً وفيراً.
 |
أرض صغيرة وأخرى للأخوة برعاية أبو جهاد
وبعيداً عن الأرض المؤهلة، فلأبي جهاد ارض صغيرة له في قرية كفر صور، كما يدير ارض أخوته المغتربين المجاورة لأرضه، وفي عقر داره غنمتان تشرف عليهما رحاب وتصنع من حليبهما جبناً وكشكاً، وتستفيد من مخلفاتهما كزبل بلدي.
وعن أرضِ أشقاء أبو جهاد في القرية قال: "أزرع في ارض إخوتي في المواسم محصولاً من الخضراوات اعتمد فيه الري بالتنقيط، .وهذا العام زرعت لوبيا وبعتها في السوق ب150 ديناراً، وقريباً سأزرع مكانها قرنبيط، عدا عن ارضي الصغيرة المجاورة، والتي يوجد فيها شجر برتقال، مشمش، زيتون، خوخ، جوافة وتين".
إذن دخول وساعات انتظار لأرض العائلة في جبارة
ولرحاب أراضٍ تعود ملكيتها لأسرة والدها، حرمهم الاحتلال منها حين فصل قرية جبارة عن محيطها لتصبح خارج الجدار، ما حدا برحاب إلى المرور بإجراءات اخذ أذون الدخول من جيش الاحتلال، والانتظار المذل عند موسم القطاف كل عام، لدخول الأرض وجمع المحصول.
"بعد ان شقينا في تأهيل الأرض بمساعدة مركز معاً لتصبح حقلاً يعج بالحياة، وبعد أيام وساعات تحت الشمس
|