الراصد البيئي
شبكة ( CNN ) تكشف عن أصناف الفاكهة والخضار التي تحوي مستويات مرتفعة جدا من المبيدات
خاص بآفاق البيئة والتنمية
بثت شبكة ) CNN ) مؤخرا تحقيقا بحثيا مدويا بعنوان "الدزينة الوسخة" (The Dirty Dozen ) أعدته منظمة بيئية-صحية أميركية. وهَدَفَ التقرير إلى الكشف عن أصناف الفاكهة والخضار التي تحوي مستويات مرتفعة جدا من مخلفات المبيدات الكيماوية. وتبين من التحقيق أن اثني عشر نوعا من الفاكهة والخضار تعد حساسة بنوع خاص لامتصاص المبيدات؛ مما يجعلها أكثر خطورة حين تناولها.
وقال معدو التقرير إن "السَلَري قد يحوي على 67 نوعا من الكيماويات!". وعملوا على دراسة نحو مئة ألف فحص شامل من متبقيات المبيدات أجراها كل من وزارة الزراعة الأميركية ووكالة الأغذية والأدوية (FDA ).
وكشف التقرير بأن الفاكهة والخضار الأكثر إثارة للخوف هي تلك التي تحوي بين 47 و67 نوعا من المبيدات في الوجبة الواحدة، وهي "السَلَري، الخوخ، التوت الأرضي، التفاح، الدراق، الفلفل، السبانخ، الكرز، البطاطا، العنب، الخس والخضار ذات الأوراق الخضراء. وتحوي هذه المنتجات الغذائية نسيجا دقيقا أو مساحة سطحية كبيرة؛ مما يجعلها تمتص كمية أكبر من المبيدات.
"في أعقاب الكشف عن هذه المعطيات، من الأهمية بمكان أن تعمل السلطات المختصة على الحد من استعمال المبيدات في هذه الأصناف من الفاكهة والخضار، وأن يعمد الناس إلى شراء الأصناف المشابهة التي زرعت بطرق عضوية" قالت إيمي روزنطال إحدى المشاركات في البحث. و"في كل الأحوال، من الضروري أن يعرف الجمهور ما يأكله بالضبط"، تابعت روزنطال.
وبالطبع، لا تحوي جميع الفاكهة والخضار مستوى مرتفع من متبقيات المبيدات الكيماوية؛ إذ يوجد لبعضها قشرة سميكة تحميها من الامتصاص الكبير للمبيدات.
ووجدت المنظمة البيئية بعض الفاكهة والخضار التي حوت القليل من مخلفات المبيدات، أو أنها خلت تماما من تلك المخلفات، ومنها: الأفوكادو، الذرة، الأناناس، المانغا، البازلاء، الكيوي، القرنبيط، الباذنجان، الشمام، البطيخ، الجريبفروت، البطاطا الحلوة، البصل الجاف والبصل الأخضر.
ومن المعروف أن العديد من الأبحاث أكدت وجود علاقة بين المبيدات الكيماوية والأمراض، كالسرطان، وتشويشات في السمع والتركيز، وخلل في عمل الجهاز العصبي، وإصابة جهاز المناعة.
والسؤال المطروح: هل يمكن التخلص من متبقيات المبيدات من خلال غسل الخضار أو الفاكهة؟ في سياق إجابتها على هذا السؤال تقول روزنطال: "ليس دائما؛ إذ أن جزءا من المواد الكيماوية يتم امتصاصها عبر التربة والري، وليس بالضرورة من خلال الرش المباشر".
وماذا عن مناطق الحكم الذاتي الفلسطيني؟ وزارة الزراعة في الضفة الغربية تقول بأنها، في السنوات الأخيرة، أخذت تشدد الرقابة على استعمال المبيدات التي حدث انخفاض في استخدامها.
المخلفات الفسفورية العضوية في الخضار والفاكهة تؤذي السمع والتركيز لدى الأطفال
خاص بآفاق البيئة والتنمية
أشار مؤخرا بحث أجرته كلية الطب في جامعة هارفرد ذائعة الصيت، إلى أن المركبات الفسفورية العضوية الموجودة في المبيدات الزراعية التي ترش بها الخضار والفاكهة، تتسبب في مشاكل بالسمع والتركيز لدى الأولاد.
وتكمن أهمية هذا البحث في حقيقة أن هناك ارتفاعا كبيرا في عدد الأولاد الذين يعانون من تشويشات في السمع والتركيز (ADHD )؛ الأمر الذي يقلق كثيرا الأهالي والمؤسسات التربوية والتعليمية ويُشْغِل العديد من الباحثين في العالم.
وبين البحث الذي نشر في المجلة العلمية الهامة والمختصة في طب الأطفال ("بِدْياتريكس") أن التعرض للمبيدات الكيماوية قد يزيد بشكل جدي احتمال الإصابة بتشويشات سمعية وتركيزية، علما بأن تناول الخضار والفاكهة التي تحوي متبقيات الرش الكيماوي يشكل مصدر التعرض لهذه المبيدات. كما أن منتجات غذائية أخرى مثل الخبز والمعكرونة، التي تتكون من منتجات زراعية مرشوشة قد تحوي أيضا مخلفات المبيدات.
وقد فحص الباحثون من جامعتي هارفرد ومونتريال، العلاقة بين تركيز بعض أنواع المبيدات في بول الأطفال وتشوشات السمع والتركيز.
وبينت عينة البحث التي شملت 1139 طفلا أميركيا تتراوح أعمارهم بين 8 و15 سنة، علاقة واضحة بين تركيز المركبات الفسفورية العضوية في البول واحتمال الإصابة بتشوش في السمع أو القدرة على التركيز؛ حيث أن احتمال إصابة الأطفال الذين لديهم تركيز فسفور عضوي مرتفع في البول، بمشاكل في السمع والتركيز، أكبر بمرتين.
وتعد المركبات الفسفورية العضوية مواد كيماوية سامة تتسبب في خلل وظيفي بالجهاز العصبي. وينتشر استعمال هذه المركبات في المبيدات الزراعية، باعتبارها تفتك بالآفات الحشرية.
كما تحوي العديد من المبيدات الحشرية المنزلية على المركبات الفسفورية العضوية التي تشكل أيضا الأساس الكيماوي للحرب الكيماوية (العسكرية).
وقد يؤدي امتصاص الجسم لهذه المبيدات وتراكمها فيه، إلى ارتعاشات سريعة ومتكررة وغير متحكم بها لبعض العضلات، فضلا عن صعوبة كبيرة في التنفس وتشنجات عضلية وارتجافات، بل وفي الحالات القصوى، الوفاة. وقد تتسبب المبيدات الفسفورية العضوية في تشوهات جينية (وراثية) وفي الإخلال بالنشاط الهورموني، علاوة على العقم وتسمم الجنين (في حالة النساء الحوامل) والتشوهات الخلقية. كما تتسبب هذه المبيدات في تعطيل جهاز المناعة وفي إتلاف العظم النخاعي وخلايا الدم البيضاء والسائل المنوي وتشوهات تناسلية أخرى.
وبين البحث ذاته الذي جرى في الولايات المتحدة، أن بول الأطفال الذين تناولوا غذاءً عضويا خلال بضعة أيام، كان خاليا من المخلفات الفسفورية العضوية. وفي المقابل، احتوى بول الأطفال الذين تناولوا غذاءً عاديا على كميات مرتفعة من المركبات الفسفورية العضوية.
وفي السنوات الأخيرة، وجد الباحثون تفاقما في الحالات المرضية في أوساط السكان القاطنين بجوار الأراضي الزراعية المرشوشة بالمبيدات. وإثر هذه المعطيات، مُنِع استعمال بعض السموم الفسفورية العضوية.
من الآثار المترتبة على استنزافه
انتشار الحفر البالوعية على طول البحر الميت
إعداد: داود إبراهيم الهالي
daoudhali@gmail.com
خلفية عامة:
يشغل حوض البحر الميت تلك البقعة الجغرافية الأكثر انخفاضا ضمن الجزء الأوسط من وادي الأردن، الذي يُعرف جيولوجياً بمنطقة صدع البحر الميت ذات البنية الضعيفة، منذ حقب ما قبل الكامبري أي قبل نشوء الانهدام بمئات ملايين السنين (عابد والوشاحي، 1999). ويتميز حوض البحر الميت بأنه يقع في اخفض منطقة على سطح اليابسة، فوفقاً لدراسة حديثة أعدتها الباحثة شهرزاد أبو غزالة وزملاؤها، فإنَّه ينخفض عن سطح البحر المتوسط بـ 427.8م بالقراءة التي قدّمتها شركة البوتاس العربية في الأردن (Abu Ghazleh et al., 2010 ). وإذا ما علمنا أن البحر الميت يتعرّض للانكماش المستمر، فإنَّ قراءات انخفاض مستواه تأخذ بالتسارع. وتؤكد بعض الدلائل والأبحاث أن مستوى سطح البحر الميت في السابق، كان ينخفض 182 متراً فقط عن سطح البحر (مركز العمل التنموي/معاً، 2007).
يشهد حوض البحر الميت تغيرات دراماتيكية غير مسبوقة تتمثل في انخفاض مستواه وتراجع المساحة التي كان يغطيها في النصف الأول من القرن العشرين، ويعود سبب ذلك إلى الاستهلاك المستمر لثرواته في كلا جانبي البحر الميت (الأردن من الجهة الشرقية والاحتلال الإسرائيلي من الجهة الغربية)، إلاّ أنَّ المنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية تتعرّض لاستنزاف ساهم في الهبوط المتسارع. فخلال الثلاثين سنة الماضية فقد البحر الميت 0.7 متر/سنة من مستواه. 0.47 كلم³/سنة من سعته و4كم²/سنة من مساحته (Abu Ghazleh et al., 2010 ). ويزداد الأمر سوءاً إذا ما علمنا أنَّ مستوى البحر الميت ينخفض بمعدل 1متر/سنة (Abelson, 2009 ). وكل ذلك يمكن أن يهدد تلك البحيرة النادرة بالاضمحلال وربما الاختفاء إذا ما استمر الاحتلال الإسرائيلي باستنزاف البحر الميت بثرواته الملحية والمعدنية، فما يميّز هذه البحيرة هو التركيز العالي للأملاح فيه، التي تصل إلى 34% أي بعشرات المرات عن ملوحة أي محيط.
يمتد البحر الميت على مساحة تقدر بألف كيلومتراً مربعاً ضمن قسمين: شمالي (756كم²) وجنوبي (244كم²)، ويأخذ القسم الجنوبي بالانحسار التدريجي وتظهره الصور الجوية وصور الأقمار الصناعية الحديثة بالمنطقة المخططة التي باتت تُعرف ببرك التبخير evaporation bonds التي يتقاسم فيها الطرفان الأردني والإسرائيلي ثرواتها الملحية عن طريق التجفيف، ناهيك عن سوء إدارة المصادر المائية بسحب كميات هائلة من المياه الجوفية في الجانب الأردني (Al-Zoubi et al., 2007 ) وكذلك الإسرائيلي (Abelson et al., 2009 ). ولعل من أهم المشاكل الطبيعية الناجمة عن هذا الاستنزاف وسوء إدارة الموارد هو زيادة انتشار المصاطب الطينية على حساب المساحة التي كانت تغطيها المياه، وزيادة حجم الدلتاوات بسبب تراجع مياه البحر الميت خاصة في الشاطئ الشرقي، بالإضافة إلى انتشار الأخاديد التي تحدثها الفيضانات في التربة الهشة في القسم الجنوبي من البحر الميت (Filin et al., 2006 ). وظهور ما بات يّعرف بالبالوعات أو الحفر البالوعية Sinkholes . فما هي الحفر البالوعية؟ ومتى ظهرت؟ وما هي آلية حدوثها؟ وما هي أنوعها؟ وكيف يمكن رصدها والكشف عنها؟ وما هي الأضرار التي تلحقها ببيئة حوض البحر الميت؟ وكيف تناولت الدراسات الإسرائيلية هذه الظاهرة؟
جدول يبين كميات المياه التي تستهلك من قبل دول حوض وادي الأردن بدلاً من أن تغذي البحر الميت (Abu Ghazleh et al., 2010 ).
تعريف الحفر البالوعية:
يمكن تعريف الحفرة البالوعية بأنها ظاهرة طبيعية يمكن أن تتشكل في مناطق الرواسب الضحلة في أنحاء متفرقة من العالم. وفي حالة البحر الميت، فهي تلك الحفرة الناجمة عن انكماش البحر الميت وتعرّض الطبقات الملحية القليلة السماكة في محيطه للإذابة بفعل تراجع المياه المالحة في الوسط الطيني الهش، وتظهر بشكل دائري بقطر يتراوح ما بين أقل من متر وأكثر من ثلاثين متراً ويزيد عمقها عن 15 متراً مكونةً حولها حلقات متراخية البنية تدل على المساحة التي تغطيها هذه الحفر، وهي ظواهر خطيرة تتسبب في التباين في خصائص السطح مثل مسامية التربة وتشبع المياه الجوفية السفلية بالملوحة. (Gutierrez et al., 2008; Abelson et al., 2009; Filin et al., 2006; Al-Zoubi et al., 2007; Shirman & Rybakov, 2009). )
آلية تشكل الحفر البالوعية:
أظهرت نتائج المسح الميداني وخاصة الجيوفيزيائي باستخدام الطريقة الزلزالية المعتمدة على قياس الموجات الزلزالية المفتعلة من قبل الباحثين فيما يُعرف بنظام الملاحة الزلزالي (SNS ) أظهرت التركيب الطبقي الجيولوجي للمناطق الجنوبية من البحر الميت، والتي تتكون من الأعلى إلى الأسفل على النحو الآتي: (تربة طينية بارتفاع 10 أمتار، ومياه جوفية عذبة أسفلها وخلالها، وطبقة ملحية بارتفاع 30 متراً وطين وحصى بارتفاع يتراوح ما بين 40-50متراً). وتأخذ الملوحة بالازدياد بالهبوط نحو الأسفل باستثناء في الطبقة الملحية الغنية بالأملاح (Wust et al, 2006 ). وعند تراجع مياه البحر الميت الشديدة الملوحة تتعرض الطبقات العليا للانهيار شيئاً فشيئاً لتنخفض مشكّلةً الحفر البالوعية.
بدايات ظهور الحفر البالوعية والوضع الحالي:
على الرغم من حداثة ظهور الحفر البالوعية في المشهد الطبيعي لحوض البحر الميت، إلاّ أنَّ البعض يعتقد أنها ظاهرة تطوّرت تدريجياً بفعل الهبوط الدراماتيكي لمستوى البحر الميت الذي تجاوز 25 متراً منذ مطلع ثلاثينات القرن الماضي (Shirman & Rybakov, 2009 ). إلاّ أنَّ أول ظهور لها كان في مواقع متفرقة منذ بداية ثمانينات القرن الماضي (Yechieli et al., 2009 ).
اعتماداً على التصوير الجوي مؤخراً فإنه يتبين أن أكثر من 2500 حفرة بالوعية ظهرت على طول الساحل الغربي للبحر الميت. وأنَّ هذه الحفر تتجمع في حوالي خمسين موقعاً في شريط ضيّق للساحل الغربي بطول نحو 60 كلم وبعرضٍ يتراوح ما بين 20-100متر. ويشهد عدد الحفر البالوعية زيادة ملحوظة في الفترة الأخيرة منذ سنة 2003 بمعدل 200-380 حفرة بالوعية في السنة الواحدة بما يقرب من 80% من هذه الحفر تشكّل منذ عام 2000 (Abelson et al., 2009 ). وباستمرار الوضع الحالي على ما هو عليه من ضغط هائل على مصادر المياه الجوفية وتلوّثها (Al-Zoubi et al., 2007 ) وانخفاض مستوى البحر الميت بفعل الاستنزاف خاصة من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
أنواع الحفر البالوعية:
فرضت الطبيعة الجيولوجية لحوض البحر الميت عدداً من الأنواع لتلك الحفر، وهي في معظمها تتوافق في توزيعها مع الامتداد الطولي لصدع البحر الميت ونشاطه التكتوني خاصةً في القسم الجنوبي من البحر الميت في محيط برك التبخير (Rybakov et al., 2005 ). ومما يفسّر نشاط الحفر البالوعية في هذا القسم هو انتشار الرواسب الطينية والحصوية والطمي، بالإضافة إلى الطبقات الملحية التي تشكل جزءاً كبيراً من هذا القسم، مقارنةً مع القسم الشمالي الذي يغلب عليه التراكيب الصخرية الصلبة كصخور الدولومايت والرواهص والمتبخرات (عابد والوشاحي، 1999). وبذلك يتميز القسم الجنوبي بأنه أكثر هشاشة في بنيته الجيولوجية التي تتيح المجال لنشاط الحفر البالوعية. ويمكن تقسيم الحفر البالوعية بناءً على الوسط الجيومورفولوجي أي وفقاً لأشكال السطح في المنطقة إلى ثلاثة أنواع هي كما يأتي:
- الحفر الحصوية التي تحدث في مناطق المراوح الفيضية، حيث تكثر الحصى الخشنة والتي تعرّضت لعمليات الحت واختلطت مع الطمي والطين.
- الحفر الطينية التي تتشكل في الرواسب الطينية ذات الحبيبات الدقيقة من الطين والطمي.
- حفر ذات خصائص مشتركة ما بين الحصوية والطينية، حيث تظهر عند مقدمة المراوح الفيضية عند التقائها مع المنطقة الطينية (Rybakov et al., 2005 ).
وتتميز الحفر البالوعية في المسطحات الفيضية بأنها أكثر عمقاً مما هو موجود في المناطق الطينية، حيث تصل أعماق بعضها إلى ثلاثين متراً أو أكثر. في حين تكون الحفر البالوعية في السهول الطينية الرطبة ضحلة وعريضة (Abelson et al., 2009 ).
الآثار الناجمة عن الحفر البالوعية
مع زيادة انتشارها في محيط البحر الميت، تتسبب الحفر البالوعية في إلحاق الضرر بالمنشآت والبنية التحتية، وخاصة الطرق الممتدة على كلا جانبي البحيرة. ولعل أكثر ما ينذر بالخطر هو تفاقم انتشارها في محيط الطريق الرئيس رقم 90 الممتد بمحاذاة البحر الميت عند الشاطئ الغربي، كما تترك أضرارا متفاقمة في محطات البوتاس الأردنية ومناطق المساحات المجففة من القسم الجنوبي من البحر الميت (Rybakov et al., 2005 ). وكما يشير الدليل المرجعي لمركز العمل التنموي/معاً فإنَّ هذه الحفر تسببت في انهيار جزء من الطريق السريع المحاذي للبحر الميت من الجانب الأردني كما أجبرت هذه الحفر حوالي 3000 نسمة للجلاء من مناطق الحفر البالوعية في الجانب الأردني (مركز العمل التنموي/معاً، 2007).
نظراً لاستفحال ظاهرة الحفر البالوعية في السنوات الأخيرة، تمَّ تسجيل خمسة مواقع تطل على الشاطئ الغربي للبحر الميت على أنها أماكن خطيرة (مثل جنوب شرق عين جدي، عين بوقيق، شرق جبل أصدم ومستعمرة نفيه زوهر). وقد كان انهيار المناطق القريبة من الشارع الرئيس رقم 90 وتشكل بالوعتين في شباط وتموز من عام 2004، نذير خطر يهدد الحياة والممتلكات والمنشآت ومنطقة التجفيف في الشاطئ الغربي للبحر الميت (Rybakov et al., 2005 ). وستظل تشكل خطراً على كل من يرتاد سواحل البحر الميت، بغرض الاستجمام أو الدراسة أو حتى العمل في المنشآت المقامة هناك.
طرق الكشف عن الحفر البالوعية:
تتضمن دراسة الحفر البالوعية مجموعة من الأدوات الهيدرولوجية والجيوفيزيائية والجيوكيميائية للكشف عن حدوث تلك الحفر وإمكانية التنبؤ بها. ومن بين الطرق الجيوفيزيائية طريقة الارتداد الزلزالي الذي يتيح المجال للتعرّف على الطبقة الملحية (تصل سرعة الأمواج الزلزالية نحو 3000متر/ثانية)، وهذه ظروف مواتية لتشكّل الحفر البالوعية على السطح.
من بين الطرق الجيوفيزيائية التي تستخدم في الكشف عن الحفر البالوعية ما يأتي:
- التحري باستخدام التصوير الجوي الذي تمَّ في السنوات: 1990، 1992، 1993، 1995، 1997 وقد أظهرت أن الحفر البالوعية لا تتوزع بشكل عشوائي، ولكنها تتركز في مجموعات على طول الساحل الجنوبي للبحر الميت.
- الارتداد الزلزالي وآبار الحفر: فقد تمَّ من خلال استخدام المسح الزلزالي في محيط الحفر البالوعية الكشف عن وجود ثلاث طبقات، حيث تتكوّن الطبقتان العلويتان من الرواسب الطينية والفيضية، أمّا الطبقة السفلية فهي طبقة ملحية. ويتراوح عمق الطبقتين العلويتين ما بين 20-50متراً، وقد تتجاوز سماكة الطبقة الملحية 20متراً.
- التقنية الميكرومغناطيسية: هذه الطريقة مبنية على الكشف عن الظواهر الطبوغرافية الشاذة عن محيطها باستخدام الخرائط المغناطيسية، (بمعنى إنتاج خرائط بناءً على المسوحات المغناطيسية باستخدام أجهزة خاصة لهذا الغرض). ويساعد ذلك في الكشف عن هذه الحفر قبل حدوثها، الأمر الذي يعطي القياسات الممكنة والتي تتراوح ما بين ( 10-70 micro sgs ) (Shirman & Rybakov, 2009 ).
وفي النهاية، لا بد من الإشارة إلى أن الدراسات التي تمَّ إعدادها حول الحفر البالوعية في محيط البحر الميت، قد بيّنت الأسباب الكامنة وراء انتشار ظاهرة الحفر البالوعية، خاصة لما يتعرض له البحر الميت من الاستهلاك الجائر لثرواته والاستغلال غير المنظم للمياه الجوفية خاصة في القسم الأردني. إلاّ أن أياً من الدراسات، لم يقدّم توصيات تدعو إلى التوقف العاجل عن الاستنزاف الذي يتعرض له البحر الميت.
-------------------------------
المراجع:
عابد، عبد القادر وصايل الوشاحي. 1999. جيولوجية فلسطين (والضفة الغربية وقطاع غزة). مجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين. القدس.
مركز العمل التنموي/ معاً. 2007. الدليل المرجعي في التربية البيئية. الطبعة الاولى. رام الله.
Abelson, M., Gabay, R., Shalev, E., Yechieli, Y. 2009. Sinkholes hazard around the evaporation ponds Dead Sea southern basin. Geological Survey of Israel. Jerusalem.
Abu Ghazleh, S., Kempe, S., Hartmann, J., Janes, N. 2010. Rapidly Shrinking Dead Sea Urgently Needs Infusion of 0.9 km³/a from Planned Red-Sea Channel: Implication for Renewable Energy and Sustainable Development. Jordan Journal of Mechanical and Industrial Engineering. 4: 211-216.
Al-Zoubi, A.S., Abueladas, A.A., Al-Razouq, R.I., Camerlynck, C., Akkawi, E., Ezarsky, M., Abu-Hamatteh, Z.S.H., Ali, W., Al Rawashdeh, S. 2007. Use of 2D Multi Electrods Resistivity Imagining for Sinkholes Hazard Assessment along the Eastern Part of the Dead Sea, Jordan. American Journal of Environmental Sciences 3 (4): 230-234.
Filin, S., Avni, Y., Marco, S., Baruch, A. 2006. Land Degradation Monitoring Using Airborne Laser Scanning. ISPRS Archives Vol. XXXVI. Part 8 "Remote Sensing Applications for a Sustainable Future". Haifa. 6p.
Gutierrez, F., Cooper, A.H., Johnson, K.S. 2008. Identification, prediction and mitigation of sinkhole hazards in evaporate karst area. Environmental Geology 53: 1007-1022.
Rybacov, M., Rotsten, Y., Shirman, B., Al-Zoubi, A. 2005. Cave detection near the Dead Sea- a micromagnetic. The Leader Edge. 7p.
Shirman, B., Rybakov, M. 2009. Sinkholes along the Dead Sea Coast and Their Development. Coastal Zone Management. FIG Working Week. Eilat (3-8 May 2009).
Wust-Bloch, G.H., Joswig, M. 2006. Pre-collapse identification of sinkholes in unconsolidated media at Dead Sea area by 'nanoseismic monitoring' (graphical jackknife Location of weak sources by few, low-SNR records). Geophys. J. Int. 167: 1220-1232.
Yechieli, Y., Wachs, D., Abelson, M., Crouvi, O., Shtivelman, V., Raz, E., Baer, G. 2000. Formation of Sinkholes along the shore of the Dead Sea- Summary of the first stage of investigation. GSI Current Research 13: 1-6.
Yechieli, Y., Voss, C., Lyakhovski, V., Abelson, M., Baer, G., Wachs, D., Shtivelman, V., Crouvi, O., Goldman, M. 2003. Hydrological and Geochemical Aspects of Sinkholes Formation along the Dead Sea Coastal Area. The Second Conference on Saltwater Intrusion and Coastal Aquifers- Monitoring, Modeling, and Management. Mexico(March 30- April 2).
ما قل ودل
متى سنُنفذ إضرابًا ضد العبث بأمننا البيئي؟
عبد الباسط خلف:
صورتان تشيران إلى الحال الأسود الذي كانت عليه البيئة في مدينة البيرة، نهاية تموز وبداية آب الفارق، بعد إعلان العاملين في البلدية إضرابهم عن العمل. السؤال الذي أطل برأسه: هل يمكن أن نُمارس حقوقنا النقابية دون أن نكترث إلى شؤوننا البيئية الحساسة، ونظافة المكان الذي نعيش فيه؟
ليتنا وسط "تلال" النفايات التي تكدست في قلب المدينة، ننفذ إضرابًا عن انتهاك البيئة المتكرر، وإنتاج النفايات المبالغ فيه، وقطع الأشجار الفظ، وتدمير الأراضي الزراعية الخصبة الوقح، والعبث المرعب بالتوازن الحيوي، ونطالب باستعادة أمننا البيئي المفقود، الذي هو من صنع أيدينا!
أمنية مشروعة، ولكن قد لا يروق لنا حتى مجرد سماعها.
|