مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
حزيران 2011 العدد-36
سوق يستهلك كل حريق تضاؤل غير مسبوق في طبقة الأوزون اختفاء النسور من معظم أنحاء فلسطين شذرات بيئية وتنموية الجزائر تتحرك باتجاه شراكة مع أوروبا لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية الصحراوية خبراء ألمان يوصون ميركل بالتخلي عن الطاقة النووية في موعد أقصاه 2021 أكثر من ثلث الغذاء البشري في العالم يهدر أو يفقد سنويا "المباني المريضة"! المطلوب معالجة آفة الاستعمال المزعج والضار لأجهزة الخلوي في الأماكن والمَرْكَبات العامة انتهاكات الاحتلال تسطو على الطبيعة لكن الروح تقاوم القبح قضية المياه في فلسطين (فيلم وثائقي) زراعة الأعشاب الغذائية والطبية نكهة ربيعية فلسطينية شعبية من النباتات البرية البيئة في أدب أحمد أمين زهرة من أرض بلادي: أقحوان فلسطيني قراءة في فيلم وثائقي: تهميش الدور الإسرائيلي في نهب المياه والاستنجاد بالغرب لعمل فحوصات مائية بسيطة خربة قمران

: منبر البيئة والتنمية

سوق يستهلك كل حريق

حبيب معلوف / لبنان

توحي التقارير الحديثة للمختصّين بالاقتصاديات النامية الغنية بالتنوّع البيولوجي بعدم الثقة، ولاسيما حين تؤكد ان هناك أكثر من 50 % من رؤساء الشركات الكبرى في العالم ممن شملهم الاستطلاع، يعتبرون ان فقدان التنوع البيولوجي، يشكّل تحدّياً لنمو قطاع الأعمال؛ بينما يشاركهم تلك المخاوف اقل من 20% من نظرائهم في أوروبا الغربية.  وتشير النتائج التي جمعتها دراسة لاقتصاديات النظم الإيكولوجية والتنوع البيولوجي، وفقا للتقرير الصادر حديثا (13 تموز 2010) عن الأمم المتحدة، إلى ان رؤساء الشركات الذين لم يفلحوا في إدماج الإدارة المستدامة للتنوع البيولوجي كجزء أساسي من خطط أعمالهم، قد يجدون أنفسهم أكثر فأكثر خارج نطاق السوق .  ويزداد شعورك بعدم الثقة أكثر عندما تطلع على دراسة جديدة أخرى، تضمنها أيضا تقرير اقتصاديات النظم الإيكولوجية والتنوع البيولوجي الخاص بقطاع الأعمال، تتحدث عن اهتمام المستهلكين المتزايد بمسألة فقدان التنوع البيولوجي بحيث ان هناك 60% في أميركا وأوروبا، وأكثر من 90% في البرازيل يدركون بعضا من آثار فقدان التنوع البيولوجي. وأكثر من 80% من هؤلاء المستهلكين الذين شملهم الاستطلاع أكدوا أنهم على استعداد لمقاطعة منتوجات الشركات التي لا تراعي قواعد وسلوك الاستخدام المستدام للمصادر الطبيعية في عملية الإنتاج!
فلو كان الأمر كذلك، لكنا على وشك حصول ثورة في الوعي والسلوك العالمي، ولكنا على مشارف قرن من التغيير الشامل في الاتجاهات العالمية المسيطرة، منذ انتصرت أفكار الليبرالية واقتصاد السوق .

ولعل مشكلة العالم الكبرى اليوم، ان فكرة اقتصاد السوق التي تقوم على المنافسة وعلى زيادة الإنتاجية والاستهلاك لحل مشكلة الفقر والنقص في النمو، لم تعد فكرة مسيطرة على الدول المتقدمة والغنية والصناعية فقط، بل فكرة مسيطرة على العالم، ولاسيما على الاقتصاديات المسماة "نامية". وما المنافسة التي تقوم بها دولة نامية مثل الصين في العالم اليوم، إلا دليل على هذا التبني لاقتصاد السوق. وفي ظل هذا الصراع وهذا السباق على الموارد، لا احد يسأل عن ديمومة هذه الموارد ولا على التنوع البيولوجي. فالسباق في اقتصاد السوق، وفي الإنتاج والتصدير، يتطلب زيادة في التصنيع، والتصنيع القابل للمنافسة يتطلب يدا عاملة رخيصة وطاقة رخيصة، ومواصفات متلاعب بأمرها إذا أمكن (للسلع)... بالإضافة إلى انخفاض أسعار العملات، لتشجيع المستهلك على الشراء. ولكن الطاقة الرخيصة التي تعتبر مقوما أساسيا من اقتصاد السوق والمنافسة الشرسة، هي الطاقة الأرخص والأوسخ، كالفحم الحجري. وهي المتسببة بانبعاثات خطرة أثرت في الانحباس الحراري وتغير المناخ، وفي القضاء على التنوع البيولوجي. وكل إجراء للتخفيف من هذا التلوث في إنتاج الطاقة، التي تعتبر الشريان الأساسي للصناعة وللإنتاج، سيكون لها انعكاسات سلبية على كلفة الإنتاج والمنافسة ونسب الأرباح. ومن يستطيع أن يلزم من بهذه الإجراءات المؤثرة على ما يسمى "النمو"، أسطورة العصر الحديث؟!  فقواعد المنافسة في اقتصاد السوق، لا تسمح بأي عودة إلى الوراء والانتباه إلى التنوع البيولوجي ولا إلى حقوق العمال ولا إلى ما يسمى "العدالة الاجتماعية" أو الشؤون الاجتماعية. وما مقولة "مسؤولية الشركات"، ومشاركة الدولة في تحمل المسؤوليات الاجتماعية سوى كذبة كبيرة، وكنوع من الدعاية وتبييض أموال الوجوه. فسرعان ما سنكتشف، عاجلا أم آجلا. إن عالم سيطرة الشركات، على العالم، هو المرحلة الأكثر خطرا على الكوكب، بالمقارنة مع سيطرة الدول الأكثر شمولية واستبدادا.

أما استطلاعات الرأي التي تظهر وعي المستهلكين لقضايا التنوع البيولوجي ... فمسألة تثير الضحك. فكيف لمستهلك، لا يزال في مرحلة الانبهار من كثرة السلع وتنوعها وتطورها اليومي، ان يتنبه إلى أهمية التنوع البيولوجي؟!
في ظل هذا النظام الاقتصادي المسيطر على الطبيعة كموارد وكوقود للتصنيع والمنافسة وتحقيق الأرباح ... والمسيطر على أحلام الشعوب بـ"التنمية" والرفاه عبر الزيادة في الاستهلاك... لا شيء يمكن ان يتغير بفعل "ثورات شعبية" غير مؤدلجة ولا منظمة، أو موجات إصلاح أو تغيير عادية وجزئية (وربما كاذبة)، حتى لو احرق ثلث العالم نفسه. وقد يجد اقتصاد السوق في عمليات احتراق الأجساد، فرصة جديدة للاستثمار، كما وجد الفرص الجديدة مع كل أزمة محلية أو عالمية. فحذار ان يتحمس احد ويحرق نفسه بعد اليوم، وتوفير فرص جديدة، تجدد بحياة اقتصاد السوق!
فلا شيء يمكن أن يتغير من دون إيديولوجيات جديدة وأفكار شمولية بديلة، تنطلق من علم الايكولوجيا قبل علم الاقتصاد، وترد الاعتبار إلى فكرة الايدولوجيا أولا، والى الطبيعة ثانيا.

التعليقات
الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
مجلة افاق البيئة و التنمية
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية

يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
 
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية