الزلازل: عفوية ورعب وغياب في التخطيط وانتظار للكارثة... التربية على التعامل مع الزلازل وتجنب أخطارها أي مواطن لأية تنمية؟ شرف.. مليونير من أكوام القمامة أغنية " لَوْلا المَيْ..."

 

أيار 2008 العدد (3)

مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا 

May 2008 No (3)

 

لماذا "آفاق البيئة والتنمية" ؟

منبر البيئة والتنمية الراصد البيئي

أريد حلا

أصدقاء البيئة

شخصية بيئية

تراثيات بيئية

اصدارات بيئية - تنموية قراءة في كتاب الصورة تتحدث الاتصال بنا الصفحة الرئيسية

 

 أصدقاء البيئة:

 


 

من وحي تجربة ذاتية

الزلازل: عفوية ورعب وغياب في التخطيط وانتظار للكارثة..

 

عبد الباسط خلف:

لا زالت ذاكرتي تستضيف العديد من المشاهد واللحظات المرتبطة بالهزات الأرضية، ففي بدايات الثمانينيات، بينما كنا نزرع في حقلنا نبات الكوسا، رجت الأرض، وقتئذ لم نشعر نحن الأطفال بالهزة، وتصورنا أننا خسرنا نصف عمرنا، لأن حدثاً بهذه الأهمية فاتنا. في ذلك الصيف، أسرعت إلى شبان من بلدتنا، اسألهم إن كانوا قد أحسوا بهذا النشاط الزلزالي الطفيف، أم إنهم خسروه، فجاءتنا هذه الكلمات:"راحت عليكم أنتم الصغار، مش كل يوم بتصير هزة أرضية." ظننا بالفعل أننا خسرنا لحظات مهمة وتاريخية لن تتكرر ونحن على قيد الحياة.
في الصباح التالي لتلك الحادثة، عدنا إلى المدرسة، ورحنا نتناقل الراويات من على تلك المقاعد الخشبية؛ بعض الزملاء قالوا بفرح: شعرت مع أبي بالزلزال، وآخرون دللت إجاباتهم على أن شيئاً رائعاً قد أفلت منهم.
مما لا يمكن محوه من الذاكرة، ذلك الزميل مجعد الشعر والشقي في حينه، الذي قال: "الزلزال أحلى من الثلج، الأرض بتصير إدوخنا مثل اللعبة!"
بعدها، صرنا نكبر، وصارت مداركنا تتسع، لكن دروس الزلزال التي كنا نتلقاها، لم تسعفنا في بناء ثقافة مضادة ووقائية لإعداد العدة لساعة الصفر.
أما معلم الجغرافيا الذي كان يدمج المزاح بالجد، ويستخدم ألفاظ الشارع في التفرقة بين الطلبة الكسالى وأضدادهم، فاكتفي يومها بالقول: الزلزال هو ضعف في القشرة الأرضية، وينتج عن تحرك الصفائح...
في الصف السادس الابتدائي، إذا لم تخن الذاكرة صاحبها، كان المعلم نفسه، يمطرنا بالحديث عن حفرة الانهدام، لكنه لم يكلف نفسه أن يزرع في عقولنا البريئة ثقافة ما بعد الظاهرة، وما يمكن أن تسببه من كوارث للبشر والمنشآت.
في مواسم لاحقة، كبرنا وصرنا نسمع عبر تلفازنا منزوع الألوان أخباراً بطيئة عن زلازل عنيفة ضربت المكسيك واليابان ومناطق من الولايات المتحدة الأمريكية، لكننا لم نكن نسمع في المدرسة، وتحديداً في درس الجغرافيا أو العلوم العامة، أية إثارة للحدث وما سببه من مآس.
أتذكر جيداً التعقيب الذي كان يصدر في مواعظ يوم الجمع، إذ يسارع خطيب المنبر بالترغيب والترهيب، لربط الزلزال بالمعاصي التي يرتكبها الناس، فلذلك يغضب الله عليهم، ويدمر بيوتهم.
بعدها تبادر إلى ذهني سؤال فأسرعت بالاستفسار عنه من الواعظ: يا شيخ، ماذا لو حدثت الزلازل في أماكن كلها مخصصة للأطفال، وفي دولة إسلامية؟ هل ربنا القادر والرحيم يحاسب الأطفال كالكبار؟
تأتي الإجابة، ولكنها تُبقى الباب مفتوحاً أمام تشكيل المزيد من الأسئلة، وتطويرها في مراحل متقدمة.
في العام 1992، نسمع أخباراً قادمة من مصر عن زلزال مدمر، وفي التسعينيات نضيف إلى معلوماتنا أن هزات أرضية بقوى ومقادير مختلفة ضربت مناطق من تركيا وإيران وغيرها.
في المدرسة الثانوية، وعلى وقع تلك الهزات، سألت المدرس: كيف قاس العالم ريختر الهزات الأرضية على سلمه؟ وهل شاهد زلازل من العيار الثقيل ليؤكد صدق نظريته؟ جاءتني إجابة غير مكتملة، وطالبتني بالكف عن هذه الافتراضات الخارجة عن المنهاج!
نتخلى عن المدرسة، ونصل الجامعة، ويختلف الحال بعض الشيء، على شرف مساق جغرافية فلسطين، رحنا نمطر الدكتور بسيل من الأسئلة: لماذا يدمر الزلازل بلدنا، بينما تعيش اليابان في قلب نشاط زلزالي ولا تحرك بناياتها الشامخة ساكناً؟ تصلنا إجابات مفادها: هناك يعدون العدة، أما عندنا فنسير على باب الله.
أدخل البلدة القادمة من نابلس، في العام 1996، وأجري تحقيقاً تجريبياً عن المباني الآيلة للسقوط، والتي يعيش فيها مواطنون، رغم التشققات.
مما أتذكره أنني سألت مواطناً، ألا تخشون الزلازل، فرد عليّ: "نحن الزلازل بحالها"، والغريب أن ذلك الرجل كان يعيش في بيت مشقق الجدران، فيما يثبت على سطح البناء طبقاً لاقطا! فكررت سؤالاً آخر: سيدي لو تتخلى عن الدش، ورممت بيتك، هل ستخسر شيئاً؟ يأتيني الرد: "سيبك من هالحكي الفاضي!!"
في شباط 2006، أشعر بهزة أرضية حركت طاولة حاسوبي، فأتصل بعد يومين بمسؤول رفيع المستوى، كي نطلق لجنة تفحص أبنيتنا وجاهزيتها للزلازل. تموت الفكرة قبل أن يجف حبر اقتراحي، وكأن الزلازل لا تصيب أراضينا المقدسة!
أصل الولايات المتحدة الأمريكية في خريف 2004، واسأل عن التصاميم الهندسية المقاومة للزلزال، فأعرف أن العمارات العملاقة، تراعي هزات الأرض، بعكس أبنيتنا القزمية التي لا يكلف أصحابها أنفسهم عناء التفكير بالمستقبل.
في صيف العام الفائت 2007، نسير في شوارع طوكيو، ونشاهد بأعيننا عمالاً ومهندسين يعدون العدة لتشييد عمارة تراعي الأنشطة الزلزالية، في ذلك البلد الذي تهزه الأرض فيهز العالم، من دون أن ترمش عين بناية واحدة من هزات قد تحدث في بلدنا دماراً ما.
بعد عودتي من بلاد الشمس، ازور مدينة طولكرم لغرض حوار صحافي مع ناشطة نسوية، وفجأة يرن هاتف مكتبها: تخبرنا السيدة ندى أن الجهات المسؤولة قررت إخلاء المدارس والمؤسسات لأن زلزالاً سيحدث اليوم! أضحك وأسال السيدة: هل يعقل أن نستشعر بالزلازل قبل ساعات؟ وكيف أخرج مدرسو الجغرافيا والعلوم التلاميذ وهم على يقين أن هذا لا يحدث؟
نقطع الحوار، وأتمشى في المدينة الصغيرة: اقرأ عبر شريط خدمة إخبارية محلية: الأجهزة الأمنية تحقق مع شخص أشاع وقوع الزلازل عن طريق المزاح مع صديقه!
اقرأ باهتمام في ترجمات الصحف العبرية عن السيناريوهات السوداء للزلازل، والخسائر المتوقعة، ومما قاله خبير يهودي أن نصف الجيل في الدولة العبرية سيمحى عن بكرة أبيه، لو وقعت الزلازل وقت الدوام الرسمي. ولا أجد ذلك في صحفنا العربية إلا في ساعة الصفر، وبعد حدوث الأزمة بالفعل.
اخطط وأقترح وأنفذ يوماً دراسياً عن الهزات الأرضية في جنين، وأنسق مع د. جلال الدبيك مدير مركز علوم الأرض وهندسة الزلازل في جامعة النجاح، نتفق على موعد، وبالمصادفة يعقب ذلك التاريخ هزة أرضية خفيفة ضربت الوطن المهتز أصلاً.
أحصد ردوداً فاترة وباردة على موضوع اليوم الدراسي، ويقول لي أحدهم: هذا ليس وقت الحديث عن الزلازل هناك أشياء أهم!. نعقد الحلقة، ويصلنا عدد متواضع من الحضور، نصاب بالرعب من أرقام د. جلال وحقائقه وخرائطه وصوره، والمصيبة الكبرى أن أحداً لا يحرك ساكناً للوقاية.
أسأل نفسي: لو أن أحدهم فكر في استحداث منظمة غير حكومية تتخصص في التوعية بالزلازل، لصفقت له، وتجندت في التطوع معه، رغم تحفظاتي على طريقة عمل قسم لا بأس به من هذه المنظمات، التي لا أظن أن أحداً يعرف عددها الدقيق وحجم الأموال التي يصرف عليها.
في الكثير من الأوقات، أفكر في نفسي، لو أن زلزلاً لا قدر الله ضرب بلادنا، فكيف سيكون حالنا، وماذا عن خسائرنا؟ وبأي السبل سندير الكارثة الإنسانية؟ وغيرها، وأقاطع نفسي بسؤال أعقد وأكبر: لماذا ندير ظهرنا للهزات الأرضية ولا نحرك ساكناً قبل أن تحركنا الأرض، وتكشف ضعف تخطيطنا و إدارتنا الهشة لكل شيء تقريباً؟

aabdkh@yahoo.com

 

  للأعلىé

التربية على التعامل مع الزلازل وتجنب أخطارها

 

تحسين يقين

لا يحتاج طلبة المدارس إلى وقوع زلزال حتى يخرجوا خائفين متدافعين من غرفهم المدرسية نحو السلالم والأدراج، وصولا إلى الساحة الخارجية، حيث إنهم عادة ما يفعلون ذلك خصوصا بعد انتهاء الحصة الثالثة، أي قبل ما يسمى بـ"الفرصة" أو الاستراحة، أو بعد انتهاء الحصة الأخيرة، وذلك توقا إلى البيت واللعب، وكل ما يتشوق له الطلبة وليس موجودا في أروقة المدارس..
حتى هذه اللحظة ما زلت متميزاً بشأن تدافع الطلبة في الموعدين المذكورين، ومتأملا مجيئهم الناعس الكسول المتجهم المتثاقل صباحا من طول السهر وحب النوم صباحا، والاستمتاع بالطعام ومشاهدة الفضائيات..
فكيف نفسّر التدافع الذي استمر منذ طفولتي مرورا بالصفوف الكبرى ثم العودة معلما إلى المدرسة، وتربويا في وزارة التربية والتعليم العالي، أهو يعود إلى ثقافة المجتمع في النفور من تحمل المسؤوليات والميل للراحة واللعب؟
أتحدث هنا عن التدافع كونه من أهم وسائل وعناصر التعامل مع الزلازل وقت حدوثها وهو الإخلاء الآمن؛ وسأعود لذكر العناصر الأخرى بما له علاقة بالبناء وفضاء المدرسة وبنيتها.. وأركز على التدافع المصاحب أو المفترض أن يصاحب عملية إخلاء الطلبة؛ لأنه للأسف يصعب النجاح في تدريبهم على حسن الخروج حال وقوع الزلزال، كونهم اعتادوا التدافع أصلا دون زلزال فكيف بالزلزال، وأظن أن المعلمين والمعلمات غير القادرين على تخليص المدارس والطلبة من هذه العادة السيئة المتوطنة في السلوك اليومي، لن يكونوا قادرين رغم ما يتلقونه من تدريبات، أن يسيطروا على تنظيم الطلبة في وقت طوارئ؟!
من هنا فإن التربية على التعامل مع الزلازل من طرق علمية في تنفيذ الإخلاء السالم والسليم لن يؤتي ثماره في المدارس ما لم تتم تربية الطلبة على مهارات حياتية في تعامل الطلبة بعضهم مع بعض وعلاقتهم مع المرافق المدرسية، وعلاقتهم مع المدرسين والنظام التربوي..
من هذه المهارات مهارة النظام والنظافة، والنظام يقتضي النظافة ويتضمنها، فما هو موقع النظام في قيم الطالب وعاداته اليومية؟ وهل هو نظام ينبع من الخوف من المعلمين والإدارة؟ أم هو ينبع من داخل الطلبة!
في غرفة الصف، يتمثل التعليم والتربية كأكثر ما يمكن أن يكون ذلك، فالصف هو اللبنة الأولى..فكيف يتعامل الطلبة نفسيا وجسديا حركة وصوتا وحيوية وتعاملاً مع الفضاء؟
في العادة يكون الطلبة كارهين للجلوس في المقاعد، تواقين للخلاص منها ومن الغرفة، فليست القضية قضية "جوع بطن" بل جوع حرية وراحة..لذلك يصبح الهاجس الذي يؤثر على الطالب هنا هو الخلاص من هذا الثقل المدرسي، من هذا العبء الذي لا يقوم به الطالب إلا مكرها..
لا يحسن الطلبة الاستماع بعضهم لبعض، كما لا يحسنون اقتسام الفضاء أيضا، خصوصا إذا كانت المساحات صغيرة والصفوف مكتظة..لذلك فهم من خلال وجودهم كأسرى كما يحسون في معظم مشاعرهم الحقيقة يجدون هناك مبررا أخلاقيا للخروج والخلاص من هذا السجن التعليمي، وهو له علاقة بما يكمن في عمق الطالب كطفل وفي لا وعيه أيضا!
تلك عادات الطلبة وما يحسون به، وهو يعود للنظام التربوي الجاف من جهة، كما يعود إلى النظام المجتمعي من جهة أخرى، وكلاهما مفرطان، الأول مفرط في القمع، والثاني في الفوضى..فكيف إذن سيستقيم الحال؟
نعم لا أبالغ إذا قلت إننا بحاجة لعمل أيام وأسابيع وأشهر وسنوات متصلة للتربية على القيم والنظام الذي ينبع من دواخلنا جميعا، طلبة ومعلمين، حتى ننفذ إخلاء سليما!
 

موسمية التعامل مع الكوارث

كان أول تعرفنا كأطفال بالزلزال في أواسط السبعينيات، هو عبر نص مدرسي صغير قصير، وليس عبر تجربة عايشناها، أو عبر وعي بالموضوع من خلال متخصصين.
كان عنوان النص "الزلزلة" وقد استمتعت به وتشوقت، ولم أصدق بسبب ثقل الأرض التي نعيش عليها أنها تتحرك، حتى وجدتني كطفل أتشوق لحدوث زلزال، كي نطبق ما ذكر في النص من جهة، وحتى نخرج من الصف ويتم الإفراج عنا لدقائق..
كنا أقل من 10 أطفال في قرية صغيرة، في صف صغير، في مدرسة ليس فيها طوابق! كان سهلا التدرب، مثلنا النص، ثم خرجنا بعضنا وراء بعض، ونحن نعرف بالطبع أننا نمثّل التعامل مع الزلازل التي لا نعرفها أصلا ولا نعرف طبيعتها وآثارها، كان نوعا من اللعب ليس أكثر!
عدنا إلى الصف، ولم نعد نذكر الزلازل، ولم يحن ذكرها إلا في الصف العاشر حين تعلمنا في درس العلوم شيئا عن الموضوع، ولربما اختبرنا وقوع زلزلة صغيرة في بداية الثمانينات على ما أذكر، ورأينا ما على الأرض يتحرك! بعد 30 عاما، وتغير أنظمة تربوية وسياسية هنا، لم يختلف الوضع كثيرا فما زلنا موسميين في التعامل مع الكوارث، والمظاهر الطبيعية، ما ينسجم مع الثقافة الموسمية التي تظهر يوما في العام ثم تختفي تنام تحت التراب لترى النور في العام المقبل..
ويكون تعاملنا معها كتربويين هو من قبيل نقل المواد المنشورة المقدمة للكبار في وسائل الإعلام والنشرات المتخصصة في التعامل مع الظاهرة، وفي أفضل الحالات يتم تدريب الطلبة والمعلمين من قبل موظفي مديريات التربية التي تشرف على المدارس، بعد أن تلقى هؤلاء أصلا تدريبات في التعامل مع الظاهرة، ويتم ذلك بالطبع عن طريق التمثيل، ورغم أهمية ذلك إلا أننا نحتاج أن نضعهم في حالة شعورية حقيقية حتى نلاحظ كم احتفظوا بالنصائح والإرشادات، حتى نفتح معهم نقاشا لتقييم أنفسهم كي لا يقعوا في هذه الأخطاء في حالة حدوث زلزال.
لقد قامت الإدارة العامة للصحة والبيئة المدرسية بإرسال النشرات والتعاون مع مدربين من خلفيات صحية من هلال أحمر وغيره، لكن العمل عادة ما يكون تحت تأثير زلزال وقع، ثم شيئا فشيئا يخف الحماس في العمل..لأن الخطر قد زال، ومعه تكون دافعية المدرب والتلقي قد خفت.
في مجال البنية المادية، فقد ورثت وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية المدارس وسعت إلى ترميمها وإضافة غرف صفية لها، ثم بدأت عمليات البناء المدرسي، والتي بلغت أرقاما كبيرة..وما زالت العملية مستمرة، وقد انتبهت وزارة التربية إلى أهمية وضع معايير للبناء المدرسي يجيب عن أسئلة كثيرة وحاجات الطلبة.
فكان مشروع ما سمي وقتها بمعايير البناء المدرسي أساسا يتم الالتزام به، والاستناد إليه عند إقامة بناء مدرسي، بناء يراعي الحاجات التربوية وحاجات الطلبة الطبيعية من هواء وماء وراحة، بل مراعاة وجود طلبة من ذوي حاجات خاصة، إضافة إلى الالتزام بنسب معينة من مواد البناء وشكلها لتلائم وجود هزات وزلازل.
في مجال الكتب المدرسية، ما زالت الكتب المدرسية تتعامل مع الموضوع من باب كونه ظاهرة علمية، ذلك أنه لم يصر بعد إلى تضمين مفاهيم وسلوكيات، ترتقي بمهارات الطلبة في التعامل مع أنفسهم والآخرين في ظل أوقات طوارئ.
فما الذي تحتاجه للحماية؟
لحسن الحظ -الذي لا يمكن الاعتماد على استمرار حسنه- فإن فلسطين رغم أنها بدئ بوضعها ضمن نطاق الزلازل، فإننا لا نتعامل مع ذلك بجدية كما ينبغي.
قيم الخلاص الجماعي
فإذا كان التعامل مع الزلازل يتم على المستويات المجتمعية والحكومية والاقتصادية ووضع الميزانيات على هذه الصورة من محدودية الاكتراث والعيش لليوم لا للغد، فكيف إذن سيتم الارتقاء بثقافة أطفالنا ومهاراتهم وهم لا يرون القدوة أمامهم!
إن وجود وطبيعة المدارس كغرف وأبنية تحتوي على أعداد كبيرة من البشر، بعكس البيوت، يفرضان واجبا أخلاقيا على متخذي القرارات وواضعي الميزانيات وممثلي الشعب في البرلمان المنتخب أن يولوا حماية المدارس عنايتهم، لأن الخسارة فيها تكون مضاعفة..
وجود كتل بشرية ضمن مكان محدد يجعل عملية التعامل مع الزلزال أمرا صعبا، خصوصا أن التعامل مع الأطفال في هذه المرحلة العمرية المبكرة هو أمر صعب أيضا.
إن ضبط الكبير في هذه الظروف أمر صعب فكيف بالصغار؟
نحن بحاجة لتربية على التعامل مع الظواهر الطبيعية البسيطة من مطر وثلج ومع الظاهرة المركبة كالزلازل، يكون ذلك من خلال التربية على مهارات حياتية تسهل السلوك الإيجابي، وترشد حركة الطلبة خصوصا في الإخلاء، وتمأسس قيم النظام وقيمة الخلاص الجماعي لا الفردي.
من جانب آخر، ليست الزلازل الطبيعية هي ما نتعرض له في المدرسة، بل هنا زلازل أخرى يمكن التعرض لها، وهي زلازل القيم والتقاليد والأخلاق..فحتى نحمي أطفالنا من الزلازل الرقمية والفضائية نحن بحاجة لتمكينهم تربويا وفكريا حتى يصمدوا أمام الرياح لا أن تذروهم الرياح وتفتتهم الزلازل وتجعلهم ركاما.
عدت بنفسي إلى السبعينات حين تعرضت تعرضاً كبيرا لخطر زلزال وقع في مصر عام 1992، أي قبل 16 عاما!
ترى -وقد كنا كبار _ كيف تعاملنا مع الزلزال؟
أما أنا فقد نزلت على السلم مرتديا شورتا، وحين وصلت العمارة كنت سأخجل من الخروج، لكنني تشجعت وخرجت..
زميلي طلب من صديق آخر فتح الشبابيك!
آخرون بدا عليهم الخوف فارتبكوا!
وبعد ساعات اكتشفنا كم كان الشعب ساذجا في التعامل مع الزلزال، خصوصا وهم شعب مكتظ يعيش في فضاء محدود..
والأدهى والأمر هو غياب آليات رقابة على الأبنية..!
وإلا كيف نفسّر وقوع بنايات جديدة في مصر الجديدة بينما بقيت بنايات وسط البلد القديمة قائمة؟
وهل لذلك رمزية تربوية هنا؟
أترك للقراء والقارئات مقاربة الرمز هنا، فيما يتعلق بالقيم وردود فعل الأجيال تجاه تطورات الحياة والقيم!
وليحم الله أطفالنا الصغار والكبار، وليحم كائنات الأرض والشجر والتراب.
Ytahseen2001@yahoo.com

 

  للأعلىé

علـى الحـافـة

أي مواطن لأية تنمية؟

 

حبيب معلوف / لبنان

صحيح أن مفهوم المواطنية أو المواطنة، ينطلق من ضرورة وجود المواطن الفرد، ووجود وطن محدد، بمعنى وجود مساحة جغرافية ما، تحكمها سلطة أو دولة، معترف بها دوليا، وأن يكون لهذا الوطن نظام وحدود معينة... إلا أن قضايا البيئة والتنمية، أو بالأصح، قضية "التنمية المستدامة"، باتت قضية وجودية بامتياز، وباتت تتجاوز الحدود والأوطان والأفراد، بالرغم من كونها تعتمد في أصل مشكلتها وفي حلها، على أي وكل فرد منا، أي من النوع الإنساني.
فالمواطن اليوم، لم يعد بالتعريف أيضا من يعيش في "بيئة" معينة، بل من يعيش في بيئة كوكبية أو كونية. وأي مواطن فيها هو مواطن العالم. هو مواطن الكون أجمع. ووطن الإنسان الحديث على هذه الأرض، هو الأرض نفسها بتمامها. فقضايا تغير المناخ وثقب الأوزون وتهديد التنوع البيولوجي على كوكب الأرض... كلها قضايا عالمية، ولها انعكاسات على أي فرد أو مواطن في أية بقعة في العالم، وإن تفاوتت الدول والأفراد في تحمل مسؤولية التسبب بها. كما لم يعد للأخطار التي تهدد البشرية اليوم طابع شخصي أو محلي أو وطني أو قومي. فالمخدرات والايدز والتلوث والانتشار النووي وتغير المناخ، مثلها مثل الفقر والجوع...لا تعترف بالحدود القومية. وما عاد بالإمكان إغلاق الحدود أمام الأوبئة والكوارث مثل جنون البقر أو إنفلونزا الطيور أو موجات التسونامي أو أية تأثيرات وظواهر ناجمة عن تغير... إلخ.
وصحيح أن هناك تفاوتا في تحمل مسؤولية التدهور بين البلدان الغنية وتلك الفقيرة، إلا أن الانعكاسات، تكاد تكون واحدة وشاملة. فالغابة التي تقتلع في البرازيل أو إفريقيا، بسبب الفقر، تنعكس آثارها سلبا على الرئة الطبيعية لأوروبا وأميركا. كما أن التلوث وانبعاثات مصانع وسيارات العالم في الغرب، بسبب "التقدم"، تسمم أجواء في الشرق الآسيوي أو الجنوب الأفريقي. فكلما قطعت غابة في أفريقيا، والتي كانت تقوم بامتصاص انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون المتزايدة من البلدان الصناعية، تراكمت الانبعاثات في الغلاف الجوي للكرة الأرضية وتغير المناخ العالمي وزادت الانعكاسات السلبية. وهكذا يساهم "التخلف" كما "التقدم"، والفقر كما الغنى، والشمال كما الجنوب، في التغيرات الكبرى والخطرة المعاصرة... وعليهم أن يساهموا جميعا في تحمل مسؤولية معالجتها، لكونهم مواطنين لكوكب واحد.
وبقدر ما باتت قضية تغير المناخ، مسلما بها وخارج مدار الشك، بقدر ما باتت حتمية ولا يمكن معالجتها في المدى المنظور، حتى لو تم الالتزام بالمعاهدات والبروتوكولات الدولية التي تفرض اتخاذ إجراءات وخطوات معينة للحد من الانبعاثات المسببة لهذه الظاهرة. ويبقى التفاوت اليوم بين الدول، في القدرة على "التكيف" معها، وليس في معالجتها! ولعل المسبب الرئيسي لكل هذه الآفات هو "الحضارة الإنسانية" بشكل عام، وفكرة "التنمية" السحرية المسيطرة على "عقل" هذه الحضارة بشكل خاص. إنها مسؤولية فكرة "التنمية" التي تعني الزيادة الدائمة في الإنتاج والاستهلاك... بحجة تأمين الرفاهية والسعادة للبشر، كأفراد، دون احتساب الانعكاسات والأكلاف الجانبية لهذه "التنمية". طبّق هذا المفهوم ضمن المبدأ الشعبي "سر إلى الأمام ولا تهتم لشيء، ولا تنظر خلفك"، أو "كب خلف ظهرك وامش إلى الأمام". وقد بتنا نعرف اليوم، أن كل ما نرميه وراءنا، إنما نرميه بوجه أناس آخرين! وأن هذا "الآخر"، يمكن أن يكون جارنا أو أي إنسان آخر غيرنا، أو الأجيال الآتية بعدنا، التي يفترض أن يكون لها حقوقها، وحيزها المكاني، مثلنا أيضا. فلكل شيء قيمة، بغض النظر عن مصلحتنا بها وعن تقويمنا لأهميتها. ولكل خيار ثمن، وعلينا أن نوازن، لكي نعرف أي ثمن علينا دفعه، على المديين القريب والبعيد.
لذلك حان الوقت للقيام بمراجعة لمفهوم التنمية نفسه، لفك سحره أولا، ولتبيان مدى تعبيره عن واقع الحال وعن متطلبات المرحلة وتطلعات الشعوب ومراجعة أصوله ونشأته وتطوره عبر الزمن ومع تراكم التجارب. ولمعرفة مدى إخلاصه في التعبير عن الأحوال التي أنتجته، وحول مدى استجابته لمعالجة مشاكل الأرض والسكان والبيئة والأزمات التي عرفها العالم، ولاسيما في المواضيع الحياتية؛ وكذلك حول ترجمة المفهوم في المؤشرات المعتمدة عالمياً، ومراجعة التطبيقات في العالم بشكل عام، ولبنان بشكل خاص، عبر عرض لبعض القضايا النموذجية في الكثير من القطاعات الحيوية، مثل الصحة والطاقة والنقل... وأزمة وكلفة معالجة مخلفات التقدم ونفايات التنمية.

للأعلىé

شرف.. مليونير من أكوام القمامة

 

خاص بآفاق البيئة والتنمية

تركه الجميع.. وصفوه بالمجنون.. كثر حوله الهمز واللمز، لكنه لم يعبأ وقرر ألا يتخلى عن حلمه برغم ما جلبه إليه من مشكلات.. كان يدرك أنه سينجح؛ لأنه اتخذ سبيلا لكل أسباب النجاح، وبعد مرور 7 سنوات على بداية تنفيذ حُلمه أصبح صاحب أحد أفضل قصص النجاح في مصر.
إنه شرف إمام سلامة (31 سنة) أشهر زبال (جامع قمامة) في مصر حاليا، تخرج في كلية العلوم قسم ميكروبيولجى عام 1999 من جامعة الأزهر.. عمل بعد تخرجه في هيئة المصل واللقاح لمدة عام، وبرغم نجاحه بها فإنه لم يقنع براتبه القليل داخل الهيئة، وشعر أن بداخله أحلاما وطموحات أكثر بكثير من الوظيفة الحكومية، وعلى الفور ترك هيئة المصل واللقاح وأنشأ جمعية أهلية لحماية البيئة ونظافة المجتمع.
وجمع القمامة مقابل الحصول على 3 جنيهات من كل منزل، وبسرعة نجح في الحصول على منحة من وزارة التضامن الاجتماعي، عبارة عن سيارة نصف نقل وبعض أدوات النظافة.
ثبات برغم الضغوط
بدأ شرف بالفعل تطبيق مشروعه فجمع بعض شباب القرية وشرعوا في تنفيذ مخططهم في قرية البراجيل بالجيزة، لكنهم واجهوا صعوبات عديدة اختلطت فيها المعوقات الاجتماعية مع الاقتصادية، فبمجرد الإعلان عن المشروع واجه انتقادات حادة من أسرته وأقاربه وجيرانه، فالكل عاب عليه اشتغاله زبالا، كما أطلقوا عليه؛ وبخاصة لأنه الشاب الحاصل على بكالوريوس العلوم، وهو المميز الذي ترك الوظيفة في إحدى أهم الهيئات الحكومية وقرر تجميع القمامة من منازل قرية البراجيل.
استمر الضغط على شرف للتخلي عن فكرته لكنه رفض، وكان على يقين أن المشروع سينجح وأنه على حق، وأدرك أن عليه الصبر حتى يثبت للجميع أن تفكيره هو الأكثر عقلانية؛ فضلا عن ذلك واجه شرف صعوبات في عملية تجميع القمامة، فغالبا ما كان يرفض أهالي القرية دفع المقابل الشهري، وهو 3 جنيهات أو كانت العمارة بأكملها تدفع 3 جنيهات فقط؛ لكن بعد مرور 4 أشهر بدأ أهالي القرية يشعرون بفارق كبير في حياتهم، فشوارعهم أصبحت أكثر نظافة وتحضرا، وكذلك منازلهم، واختفت أكوام القمامة التي كانت تستقبل أي زائر للقرية، وبدأ الأهالي ينتظمون في دفع مقابل الخدمة، وشعروا بأهمية وجود شرف وجمعيته، بل أكثر من ذلك أن مجموعات من الشباب كانت تقبل عليه للعمل معه.
من الجمع للتصنيف
هذا النجاح الذي حققه شرف شجعه على تطوير مشروعه، فلم يتوقف عند حد جمع القمامة فقط لكنه قرر تصنيفها وفرزها، ويقول شرف: حققت مكاسب كبيرة مع التصنيف، فالورق تصل نسبته بالقمامة إلى 15%، وكنت أبيع الطن منه بحوالي 30 جنيها، والزجاج ونسبته 3% يصل ثمن الطن إلى 80 جنيها، وطن البلاستيك 800 جنيه، أما أسعار المعادن المستخرجة من القمامة فتتراوح بين 3 و6 آلاف جنيه.
ويضيف: بعد 5 سنوات من بداية مشروعي حققت المليون الأول، وأقبل شباب على العمل معي، وكان راتب الشاب يتراوح بين 400 و600 جنيه، وبدأت في توسيع مشروعي، وجمعت القمامة من القرى المجاورة، وازدادت أرباحي بشكل معقول، وأهم من ذلك أن الجميع بدأ يشارك في إنجاح مشروعي، خاصة أئمة المساجد الذين شجعوني كثيرا، وكانوا يحثون المواطنين على التعاون معي.
ثروة هائلة
يؤكد شرف أن القمامة من أغنى الموارد التي يمكن استغلالها، خاصة قمامة القرى والقاهرة مشيرا إلى أن الدراسات أكدت أن أرباح طن القمامة 6 آلاف جنيه، وتنتج القاهرة 15 ألف طن، ويمكن أن توفر 120 ألف فرصة عمل للشباب، ويضيف: القرى أحد أهم المصادر التي يجب استغلال قمامتها، فنسبة المعادن بها كبيرة نظرًا لعدم وجود تجار خردة لديهم؛ مما يضطرهم إلى إلقاء المخلفات المعدنية والخشبية والبلاستيكية في القمامة.
طموح شرف لم يتوقف عند هذا الحد لكنه يسعى الآن إلى إنشاء أكبر شركة قمامة في مصر، كما تقدم بطلبات للحصول على ترخيص جمع القمامة من المؤسسات الحكومية والوزارات، فضلا عن أن العديد من الفنادق الكبرى بالمدن السياحية طلبت منه أن يقوم بمهمة جمع القمامة بها، وهو ما سيجعله يتوسع أكثر في مشروعه.
وبعد مرور سبع سنوات على بداية مشروعة أدرك الجميع أن رؤيته كانت أكثر دقة وحكمة من الجميع، وتحول معارضوه بالماضي إلى مؤيدين اليوم.

 

للأعلىé

" لَوْلا المَيْ... "

 تم إنتاج هذه الأغنية بدعم من التعاون الإنمائي الألماني الفلسطيني (GTZ)                

كلمات:  ضحى المصري

توزيع:  باسل زايد

تلحين:  سامية بران

غناء منفرد: كريستين زايد

غناء جماعي:  مجموعة من طلاب  جوقة  مدرسة الفرندز للبنات

منتج منفذ:  ضحى المصري

 

ملاحظة: لسماع الأغنية الرجاء الضغط على زر التشغيل......

 

 

للأعلىé

 

التعليقات

 
 

البريد الالكتروني: enas1998@yahoo.com

الموضوع: أصدقاء البيئة3

التعليق:

موضوع الشخصية البيئية حلو كثير شكرا لمجلتنا الرائعة ولطاقمها


البريد الالكتروني: sawsan2008@yahoo.com

الموضوع: أصدقاء البيئة3

التعليق:

 

الزلازل بدون أي شكوك مرعبة ولكن المرعب أكثر من الزلازل عدم اهتمام الجهات المسؤولة عن الزلازل قبل وقوعها والاكتفاء بالحديث العام عن الزلازل إنني اقدر ما طرحه السيد عبد الباسط خلف، الذي طرح تجربة مرعبة ومعبرة عن الخوف من رعب الزلازل

سوسن الذهبي


 

 
 

 

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟

 

الاسم:
بريدك الالكتروني:
 
التعليق:

 

 
     
 

 الآراء الواردة في مجلة "آفاق البيئة والتنمية" تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز معا أو المؤسسة الداعمة.