May 2010 No (25)

مجلة الكترونية شهرية تصدر عن مركز العمل التنموي / معا
ايار 2010 العدد (25)
 

كتاب "طيور فلسطين" للباحث سيمون عوض:
تعانق العلم بالجمال

عرض: تحسين يقين*

لا يلبث قارئ الكتاب بعد الانتهاء منه إلا البدء به من جديد، حيث تصبح المعرفة دليلا له في قراءة عالم الطيور في بلادنا، وفي العالم أيضا؛ ذلك أن الكتاب يصير دليلا دائما لا موسميا ما دامت الطيور من حولنا تطير وتحط وتهاجر وتزور..
لقد صدق الكاتب والباحث حينما وصف كتابه بالشيق، فمن خلال وصف وتوثيق 110 أنواع من الطيور المختلفة، بمعلومات علمية شيقة، وجدنا أنفسنا كمطلعين على الكتاب نبحث عما نعرف ولا نعرف، لنحلل ونقارن، ثم لنكتشف أخيرا هذا العالم الرائع، ليتعمق لدينا الشعور بجمال بلادنا وتنوعها الحيوي المثير رغم صغر مساحتها.
يطالعنا "عصفور الشمس الفلسطيني" أو "أبو الزهور" على غلاف الكتاب، في حين كان يمكن لنا بعد مشاهدة الطيور في الفصل الرابع أن نحرف مقالنا الاستعراضي كي نتحدث عن جانب مهم لولاه ما وصل الكتاب الى هذه الروعة والإضافة للمكتبة الفلسطينية والعربية، وهو جانب التصوير الفوتوجرافي، الذي هو عماد العمل التوثيقي والجمالي في الوقت نفسه، فقد قام الباحث بالمشاركة بالتصوير جنبا الى جنب مع كل من أنطون خليفة وأليس فوسن. فتصوير الصقر والكروان والبلشون الرمادي اتخذ شكلا حيويا دالا لا يمكن التعرف عليه فعلا دون التصوير له وهو طائر في الفضاء.
كما يلفت الانتباه أن الكتاب يأتي في سياق عمل علمي ووطني، وكثمرة من ثمار مركز التعليم البيئي في بيت جالا، والمدعوم من الكنيسة اللوثرية، في دلالة على توجه تربوي للكنيسة، يخدم البيئة والجمهور من خلال التشجيع على البحث والنشر حول جانب من جوانب بلادنا الجميلة.
لذلك أشار المطران منيب يونان إلى ما جاء في العهد الجديد من ذكر للمكان وموجوداته بما فيها الطيور، والتي ما زالت موجودة في بيئتنا منذ عهد السيد المسيح حتى الآن.
وفي المنظور الوطني، مثل الكتاب رافعة للدفاع عن جمال فلسطين وحماية تنوعها الحيوي خصوصا في موضوع الطيور، حيث حرص الباحث على بيان دور الاحتلال في تخريب البيئة والسطو عليها بما فيها من طيور.
وقع كتاب "طيور فلسطين" في خمسة فصول، مرتبة وفق منهج منظم، تبدو الفائدة العلمية والمعرفية في كل فصل. فطيور فلسطين التي جاءت في فصل خاص وهو الفصل الرابع، لا يمكن أن يتم تناولها بشكل جزئي ومجرد عما يحيط بها من معلومات وخبرات ضرورية، جعلت طيور فلسطين تقدم ضمن سياق علمي جغرافي وتاريخي ووطني أيضا.
مهد الباحث في الفصل الأول بالحديث عن الموقع فلسطين الجغرافي، وأهميته، في حين أفرد حديثا مميزا حول العوامل البيئية وعلاقاتها بتوزيع الطيور، وأعادها الاستاذ سيمون عوض إلى 6 عوامل منها الارتفاع والتربة والصخور والغطاء النباتي والمسطحات المائية؛ موردا أمثلة من الطيور، كأن يقول أن الصقر يعيش في مناطق صخرية في حين تعيش القبرة وتبني أعشاشها في أرض رملية.
ثم ينتقل الباحث انتقالا منطقيا الى الفصل الثاني، الخاص بأهمية دور الطيور في الطبيعة، مفتتحا هذا الفصل بجملة لها دلالاتها، وهي أن البيئة السليمة تقتضي وجود الطيور، ذلك أنه فيما بعد سيتحدث عن التخريب المنهجي للبيئة وما أثر ذلك سلبا على الثروة الحيوانية والطيور والتنوع الحيوي بشكل عام.
ويورد الكاتب مجالات أهمية الطيور في علاقاتها مع الإنسان، نذكر منها دورها في مكافحة الحشرات وكونها مصدرا غذائيا، والسياحة والتجارة.
ويستعرض الباحث دور الإنسان السلبي على موائل الطيور، مستخدما الأسلوب التاريخي بدءا بتخريب الأتراك للغابات، مرورا وانتهاء بتخريب سلطات الاحتلال الإسرائيلي للبيئة وبالتالي انعكاس ذلك على الطيور، وتلويث الأودية بالمياه العادمة القادمة من المستوطنات مثال واضح على هذا التخريب.
وإضافة إلى خطر الاحتلال، فقد ذكر عوض أخطار أخرى كالصيد والتسمم والأسلاك الكهربائية.
يعود الكاتب مرة أخرى للعلم، فيتحدث في الفصل الثالث عن تصنيف الطيور، حيث يورد بداية لتعريف مشوق، ثم يتحدث عن التعرف الميداني من خلال مراقبة سلوكها، ثم يقدم وصفا وتشريحا لجسم الطائر، ثم يصنف الطيور حسب وضعها هنا في فلسطين، فهناك المقيمة مثل الدوري وهناك المهاجر وهناك الزائر الشتوي والمشرد..
ويصنف الطيور حسب رتب وعائلات إلى 23 عائلة، يسمي كل عائلة نسبة إلى طير مشهور منها، فيورد النعامية والغطاسية والبجعات واللقلقيات والوزيات والصقور والدجاج.....
في حين يصنفها أيضا وفقا كونها مغردة الى 24 عائلة. مستخدما أسماء عائلات من الاسم المشهور لطيورها، فهناك الشحروريات والبلبليات والقبريات....
ومعروف ان الباحث سيمون عوض هو أول باحث عربي يحصل على الرخصة الدولية في تصنيف الطيور.
هناك 530 نوعا في فلسطين..
وفي الضفة وغزة فقط هناك 347 نوعا..
لكن التصنيف والتوثيق يحتاج الى جهود كبيرة.
الفصل الرابع في الكتاب احتل جزءا كبيرا من الكتاب الذي جاء في 194 صفحة من القطع الكبير، وهو الفصل المهم كونه يصف ويصور طيور فلسطين.
إنه بيت القصيد في الكتاب، وقد استخدم الباحث أسلوبا علميا مشوقا في الحديث عن كل طائر هنا.
فقد تعرض لكل طائر وفقا للاسم العلمي والشعبي (اللقلق شعبيا هو أبو سعد) ووفقا للبيئة، والسلوك الغذائي والتكاثر والعلاقة مع الناس.
في هذا الفصل يتعمق المطلع على الكتاب في غنى البيئة هنا، وفي أن كل بيئة فلسطينية وكل مكان وكل تراب وكل مناخ استدعى وجود أنواع محددة من الطيور.  وهو فصل جميل يعرض لأشكال مختلفة من الطيور والعصافير، والتي يقدمها الباحث من خلال علاقته الودية والحميمة مع هذا العالم..
حماية الطيور البرية كان عنوان الفصل الخامس، والذي فيه تحدث الكاتب عن جانب استراتيجي في مسألة الطيور.
فبعد ان تعرض للمواقع المهمة للطيور، وذكر بعض المعلومات عن الاتفاقيات الدولية، انتقل الى حماية عناصر ومصادر التنوع الحيوي، وقد ختم الفصل بالحديث عن المطلوب على المستوى الوطني، ودور مركز التعليم البيئي في بيت جالا.
في تقديم البروفيسور مازن قمصية، يربط بين عالم الطيور وأرض بلاد الشام التي تقع فيها بلادنا، ويقول "إننا كشعب كنعاني في بلاد تسمى بلاد الشام، وهي كلمة تعود إلى آلهة السماء (شما بالآرامية) كنا نتطلع دائما إلى السماء، وهناك نرى الطيور المهاجرة، التي يتحدث عنها هذا الكتاب، في طريقها إلى أفريقيا من أوروبا وبالعكس،..وفي عنق الزجاجة (فلسطين) ومن خلال هذه الهجرة تهبط هنا الطيور وكأنها تؤدي طقوسا دينية ثم تطير مرة أخرى..."
كتاب مهم لكل مدرسة ومؤسسة وكل بيت وكل شخص صغيرا كان أو كبيرا.. فإذا كنت من هذه البلاد فالكتاب يلزمك، وإن لم تكن منها فهو يلزمك أيضا إذا أردت أن تتعرف على روح هذه البلاد العظيمة والجميلة في آن واحد.

*كاتب صحفي ومؤسس لمختبر السرديات الفلسطيني
Ytahseen2001@yahoo.com

مجلة افاق البيئة و التنمية
دعوة للمساهمة في مجلة آفاق البيئة والتنمية

يتوجه مركز العمل التنموي / معاً إلى جميع المهتمين بقضايا البيئة والتنمية، أفرادا ومؤسسات، أطفالا وأندية بيئية، للمساهمة في الكتابة لهذه المجلة، حول ملف العدد القادم (العولمة...التدهور البيئي...والتغير المناخي.) أو في الزوايا الثابتة (منبر البيئة والتنمية، أخبار البيئة والتنمية، أريد حلا، الراصد البيئي، أصدقاء البيئة، إصدارات بيئية – تنموية، قراءة في كتاب، مبادرات بيئية، تراثيات بيئية، سp,ياحة بيئية وأثرية، البيئة والتنمية في صور، ورسائل القراء).  ترسل المواد إلى العنوان المذكور أسفل هذه الصفحة.  الحد الزمني الأقصى لإرسال المادة 22 نيسان 2010..
 

  نلفت انتباه قرائنا الأعزاء إلى أنه بإمكان أي كان إعادة نشر أي نص ورد في هذه المجلة، أو الاستشهاد بأي جزء من المجلة أو نسخه أو إرساله لآخرين، شريطة الالتزام بذكر المصدر .

 

توصيــة
هذا الموقع صديق للبيئة ويشجع تقليص إنتاج النفايات، لذا يرجى التفكير قبل طباعة أي من مواد هذه المجلة
 
     
التعليقات
   
الأسم
البريد الألكتروني
التعليق
 
   
 

 

 
 
الصفحة الرئيسية | ارشيف المجلة | افاق البيئة والتنمية